مخاوف من التسريح.. هل سيصبح مشروع "رقمنة" المؤسسات الصحفية بابًا خلفيًا لـ الدمج؟ (تقرير)

أخبار مصر

أرشيفية
أرشيفية


مخاوف من الدمج وتسريح 27 ألفًا من الصحفيين والعاملين

هل سيؤثر مشروع "الرقمنة" على الصحافة الورقية؟

اجتماع طارئ.. ونقابة الصحفيين تتوعد


"الدمج ليس فزاعة".. كلمات أثارت قلق الصحفيين العاملين بالمؤسسات القومية، في تصريحات لـ كرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والتي ربما تكون بداية لفكرة دمج حقيقية للمؤسسات، خاصة بعد خروج الكثير من المطالب بفتح المجال لمشاركة القطاع الخاص، أو استغلال الأصول إما بالاستثمار أو البيع، وربما إلغاء الإصدارات الفرعية لوقف نزيف الخسائر، في ظل دعم الدولة لها بـ1.5 مليار جنيه سنويًا.


ملف هيكلة المؤسسات الصحفية القومية من أكثر القضايا حساسية وخطورة، بدأت مع إصدار قانون تنظيم الهيئة الوطنية للصحافة رقم 179 لسنة 2018، العام الماضي، وأثارتها عدة تصريحات خرجت من رئاسة مجلس الوزراء والهيئة، ولكن سرعان ما يتم نفيها، بعد أن تلقى حالة رفض واسعة داخل المؤسسات.


حرب شرسة خاضتها نقابة الصحفيين مع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، انتهت بإقرار القانون لحق الهيئة في دمج أو إلغاء الإصدارات التابعة للمؤسسات، ما يتبع ذلك من تسريح للزملاء والموظفين، أو خفض سن المعاش، للتخلص من أكبر قدر ممكن من العاملين فيها، والذين يبلغ عددهم نحو 27 ألفًا، من الصحف الورقية، أو إدارات الإعلانات، أو قطاعات الطباعة والتوزيع.


رقمنة المؤسسات "باب خلفي" للدمج والإلغاء

وبعد إعلان الهيئة الوطنية للصحافة، عن مشروع "رقمنة" المؤسسات الصحفية القومية، أُثيرت مخاوف الصحفيين من جديد، أن تكون تلك المنصة الجديدة، بابًا خلفيًا لتسريح الزملاء أو العاملين بالمؤسسات المختلفة.


وعلى الرغم من تأكيد الهيئة، أن هذا المشروع "موديل جديد" للصحافة، إلى أن ذلك أثار العديد من التساؤلات، لماذا أعلنت الهيئة زيادة أسعار الصحف مؤخرًا على الرغم من قرار الرقمنة؟ وهل سيؤثر ذلك على وضع الصحافة الورقية بشكل عام؟ وهل سنشهد حالة تسريح جديدة للصحفيين والعمال؟


وطالب كرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، بعدم استغلال دمج المؤسسات كـ "فزاعة" لمشروع الرقمنة، على الرغم من تلميحه بالأمر، قائلًا: "علينا أن نعترف أن بعض المؤسسات ليست لديها أي موارد، ولو استمرت 10 سنوات سيظل مستواها في تراجع مستمر،
على الهيئة أن تعرض خطة الدمج، ولكن لا يوجد إجبار على أحد".


مظلة قانونية

وأعطى قانون تنظيم الهيئة الوطنية للصحافة 179 لسنة 2018، الحق للهيئة في دمج المؤسسات أو دمج وإلغاء الإصدارات داخل المؤسسات، وهذا لأول مرة في تاريخ الصحافة في مصر، وسط تخوفات حقيقية من البدء في مشروع الدمج.


ونص البند رقم 21 من المادة 5 بالقانون على: "إعطاء الهيئة الحق في دمج المؤسسات، ودمج وإلغاء الإصدارات الصحفية داخل المؤسسة الواحدة".

وعلى الرغم من اعتراض نقابة الصحفيين على نص تلك المادة، وإرسال ملاحظاتها إلى مجلس النواب ومجلس الدولة، إلا أنه تم إقرار القانون، وصدّق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، سبتمبر الماضي.

بداية حقيقية للدمج

وقال عمرو بدر رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، إن مشروع الرقمنة، بداية لفكرة دمج المؤسسات القومية، والتطبيق الحرفي لقانون تنظيم الصحافة والإعلام، والذي يعطي الحق للهيئة في دمج وإلغاء إصدارات المؤسسات.

وأضاف في تصريحات لـ"الفجـر"، أن نقابة الصحفيين سبق وأبدت اعتراضها على القانون، وتقدمت بمحلاظاتها حوله لمجلس النواب، باعتبارها بداية لانهيار الصحافة القومية والمؤسسات، لافتًا إلى ضرورة أن تكون النقابة طرفًا أساسيًا في أي عملية دمج تقوم بها الهيئة؛ باعتبارها المسؤول الوحيد عن الصحفيين، لضمان عدم إلحاق أي ضرر بالزملاء، وللدفاع عن حقهم.

وقال جمال عبدالرحيم وكيل أول النقابة، إن أي قرار تتخذه الهيئة بخصوص دمج الإصدارات أو المؤسسات ليس "مفاجأة"؛ نظرًا لوجود مظلة قانونية كفلت للهيئة القيام بذلك.


وأكد في تصريحات سابقة لـ"الفجـر"، ضرورة الحفاظ على الصحافة الورقية التي تمر بمأزق خطير في الآونة الأخيرة، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى جهود الجميع من أجل البقاء والاستمرار والمنافسة.


وشدد "عبدالرحيم" على ضرورة تطوير تلك المؤسسات المملوكة للشعب والنهوض بها، على الرغم من الخسائر التي تتكبدها سنويًا.


مجلس الوزراء يطرح و"الوطنية للصحافة" تتراجع

وأثار مجلس الوزراء الجدل حول الدمج مجددًا، في مارس الماضي؛ عندما خرج المستشار نادر سعد المتحدث الرسمي في تصريحات تلفزيونية، أكد خلالها  ضرورة إعادة هيكلة الصحف القومية، والتي تتمثل في تقليل عدد إصدارات كل مؤسسة، والاستثمار في الصحافة الإلكترونية، واستغلال أصول المؤسسات القومية، مشيرًا إلى أن مديونيات المؤسسات القومية المُستحقة للضرائب والتأمينات تصل إلى مليارات.

وقال: "لا يوجد دولة تستطيع أن تقدم المساعدات للمؤسسات القومية باستمرار، ويجب أن تضطلع المؤسسات بعملية إصلاح ذاتي، ومؤسسة الأهرام تحولت من تحقيق فائض من العوائد المالية إلى تكبد خسائر كبيرة".

وبعد الهجوم الذي تعرض له مجلس الوزراء بسبب هذا المقترح، خرج كرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة ببيان، نفى خلاله مناقشة أيًا من هذه الأمور خلال اجتماعات الهيئة مع المهندس مصطفى مدبولي.


وأكد البيان أن الاجتماعات التي عُقدت بين رئاسة مجلس الوزراء والهيئة الوطنية للصحافة، بحضور عدد من الوزراء
، لم تتطرق لدمج المؤسسات الصحفية القومية أو إلغاء بعض الإصدارات الورقية وتحويلها لمواقع إليكترونية أو المساس بالكيانات القائمة، بما يهدد وجودها واستمرارها.


نقابة الصحفيين تتوعد

وهاجمت نقابة الصحفيين تلك التصريحات؛ حيث أكد عمرو بدر رئيس لجنة الحريات بالنقابة، أن هذه التصريحات تُثير القلق، موضحًا أن مجلس النقابة لن يسمح أن تتم هذه الخطوة المفاجئة في غيبة نقابة الصحفيين.

وقال في تصريحات سابقة لـ"الفجـر"، إن النقابة لن تسمح بأي ضرر يصيب الزملاء العاملين في هذه المؤسسات، وأن الحكومة لجأت لأقصر الطرق، دون أن تحاول بشكل عملي وجاد إصلاح المؤسسات القومية، بل تركتها فريسة للفشل والاستدانة، متابعًا: "قرار الدمج والإلغاء، هو الخطوة الأولى في تنفيذ قوانين الصحافة الجديدة التي رفضناها وحذرنا منها كثيرًا".


وأكد مصدر لـ"الفجـر" اعتزام عدد من أعضاء مجلس النقابة، التقدم بمذكرة للنقيب ضياء رشوان، لعقد اجتماع طارئ؛ لبحث المشكلات التي قد تنجم إثر تطبيق مشروع الرقمنة، من تسريح للصحفيين، بالإضافة إلى مدى تأثيره على الصحافة الورقية، خاصة وأن الهيئة لم تُخطر النقابة بأي تفاصيل بخصوص الأمر حتى الآن.
 

وكانت أوصت الجمعية العمومية في مارس الماضي، بضرورة أخذ رأي النقابة في أي إجراءات تتعلق بدمج المؤسسات الصحفية القومية أو إلغاء بعض إصداراتها، حفاظًا على حقوق الصحفيين العاملين بها.