سعودي يستعرض مراحل كسوة الكعبة في 25 لوحة

السعودية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


قام مصور سعودي، بنشر صور عبر معرضه الضوئي في الرياض، بتوثيق مراحل كسوة الكعبة، في مشاهد جذبت الكثير من هواة التصوير والمهتمين للاطلاع عليه، لما تجسده الصور من معانٍ جميلة، ومشاهد تم تصويرها بطرق احترافية، أبانت جوانب لم تشاهد من قبل، بأسلوب القصة البصرية.

المصور الضوئي، رائد اللحياني، تحدث لـ"العربية.نت" بقوله: "إن معرض كسوة الفوتوغرافي ضمن سلسلة (لم تُر)، ضمن سلسلة معارض مكانة الفنية في مدينة الرياض من 27-31 أغسطس الجاري، امتداد لعدة معارض سابقة داخل المملكة وخارجها، حيث استعرضتُ خلال معرضي صناعة كسوة الكعبة واستبدالها".

وأضاف: "يضم المعرض أكثر من 25 لوحة فوتوغرافية عن كسوة الكعبة، بهدف نشر الوعي المعرفي بما توليه الدولة من عناية بمقدساتها، وإثراء الجانب الفني الوطني، والاعتزاز بمقدراتنا الثقافية والمعرفية والفنية".

وأشار اللحياني إلى "أن بداياتي في تصوير مراحل كسوة الكعبة واستبدالها كانت في عام 2006 م، وذلك بعد صورة تم تداولها في عدد من الصحف آنذاك، التقطتها لأحد العاملين أثناء استبدال الكسوة، وبقيت حاضرة في ذاكرتي، حتى حفزني بالحرص على توثيق هذا الحدث السنوي الكبير".

وجاء المعرض احتفاءً بنشر مجلة ناشونال جيوغرافيك العالمية إحدى صور اللحياني غلافًا لعدد أغسطس 2019 وتخصيصها لموضوع مستقل عن كسوة الكعبة المشرفة.

كسوة الكعبة، الكسوة الشريفة من أهم مظاهر التبجيل والتشريف لبيت الله الحرام، ويرتبط تاريخ المسلمين بكسوة الكعبة المشرفة وصناعتها التي برع فيها أكبر فناني العالم الإسلامي، وتسابقوا لنيل هذا الشرف العظيم.. وهي قطعة من الحرير الأسود المنقوش عليه آيات من القرآن من ماء الذهب، تكسى بها الكعبة ويتم تغييرها مرة في السنة وذلك خلال موسم الحج، صبيحة يوم عرفة في التاسع من ذي الحجة.

رفع كساء الكعبة المبطن اثناء الحج
الحكمة من كسوة الكعبة أنها تعتبر من الشعائر الإسلامية، وهي اتباع لما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام من بعده، فقد ثبت أنه بعد فتح مكة في العام التاسع الهجري كسا الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الكعبة بالثياب اليمانية وكانت نفقاتها من بيت مال المسلمين.

وذلك أنه عند فتح مكة، أبقى النبي عليه أفضل الصلاة والسلام الكسوة القديمة التي كُسيت بها في عهد المشركين ولم يستبدلها، حتى احترقت الكسوة على يد امرأة تريد تبخيرها فكساها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالثياب اليمانية، ثم كساها الخلفاء الراشدون من بعده، أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بالقباطي والبرود اليمانية، ثم كساها عثمان بن عفان رضي الله عنه بكسوتين أحدهما فوق الأخرى فكان هذا العمل الأول من نوعه في الاسلام، أما عن علي رضي الله عنه فلم ترد روايات او اشارات مؤرخين أنه كسا الكعبة، نظرا لانشغاله بالفتن التي حدثت في عهده، ثم واصل من بعدهم ملوك الاسلام والسلاطين في شتى العصور يتعهدون الكعبة بكساءها.

وكسوة الكعبة المشرفة "مشروعة" أو "مستحبة" على الأقل، لأن ذلك من تعظيم بيت الله الحرام، لقوله تعالى: "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ، وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ، فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ"، وكانت الكعبة معظمة في شرائع الأنبياء السابقين، وجاء الإسلام والكعبة تُكسى، واستمر الأمر على ذلك إلى يوم الناس هذا.

وأما رفع كساء الكعبة المبطن بالقماش الأبيض في موسم الحج، إنما يُفعل لحمايتها من قطعها بآلات حادة للحصول على قطع صغيرة طلبا للبركة أو الذكرى أو نحو ذلك. وليس أنها إحرامًا للكعبة فإن الكعبة جماد لا تُحرِم ولا تؤدي نسكًا، وإنما يكسوها المسلمون اتباعً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

تعتبر كسوة الكعبة من أهم مظاهر الاهتمام والتشريف والتبجيل للبيت الحرام. وتاريخ كسوة الكعبة جزء من تاريخ الكعبة نفسها، فعندما رفع إبراهيم وإسماعيل قواعد الكعبة المشرفة عاد إبراهيم إلى فلسطين. وذكر أيضًا أن (عدنان بن إد) الجد الأعلى للرسول Mohamed peace be upon him.svg هو واحد ممن كسوها، ولكن الغالب في الروايات أن (تبع الحميري) ملك اليمن هو أول من كساها كاملة في الجاهلية بعد أن زار مكة ودخلها دخول الطائفين، وهو أول من صنع للكعبة بابًا ومفتاحًا. واستمر في كسوة الكعبة فكساها بالخصف، وهي ثياب غلاظ، ثم كساها المعافى ثم كساها الملاء والوصائل، وكساها خلفاؤه من بعده بالجلد والقباطي. وبعد (تبع الحميري) كساها الكثيرون في الجاهلية، وكانوا يعتبرون ذلك واجبًا من الواجبات الدينية. وكانت الكسوة توضع على الكعبة بعضها فوق بعض، فإذا ما ثقلت أو بليت أزيلت عنها وقسمت أو دفنت، حتى آلت الأمور إلى (قصي بن كلاب) الجد الرابع للرسول Mohamed peace be upon him.svg، والذي قام بتنظيمها بعد أن جمع قبائل قومه تحت لواء واحد وعرض على القبائل أن يتعاونوا فيما بينهم كل حسب قدرته في كسوة الكعبة، وفي غيرها مثل السقاية. وكانت الكسوة ثمرة الرفادة، وهي المعاونة تشترك فيها القبائل، حتى ظهر أبو ربيعة عبد الله بن عمرو المخزومي، وكان تاجرًا ذا مال كثير وثراءٍ واسعٍ، فأشار على قريش أن: اكسوا الكعبة، أنا أكسوها سنة، وجميع قريش تكسوها سنة، فوافقت قريش على ذلك، وظل كذلك حتى مات. وأسمته قريش العدل، لأنه عدل بفعله قريشًا كلها.

ورواية ابن أبي مليكة هذه تدل على أن قريشًا كانت تكسو الكعبة، وتوارثت هذا العمل حتى بُعث النبي والكعبة مَكْسُوَّةٌ. والظاهر أن الأمر بقي في صدر الإسلام كما كان في الجاهلية، إذ بقيت كسوة المشركين على الكعبة المشرفة حتى فَتْح مكة. فعن سعيد بن المسيب قال: ولما كان عام الفتح أتت امرأة تجمر الكعبة فاحترقت ثيابها، وكانت كسوة المشركين، فكساها المسلمون بعد ذلك. ومنذ عام الفتح حتى يومنا هذا والمسلمون يتفردون بكسوة الكعبة.

وممن انفردن بكسوة الكعبة المشرفة امرأة تسمى نُتيلة بنت جناب، زوج عبد المطلب وأم العباس، فحين ضاع ابنها العباس نذرت لله أن تكسو الكعبة وحدها إذا عاد إليها ابنها الضائع، فعاد فكانت أول امرأة في التاريخ كست الكعبة وحدها.