د. بهاء حلمي يكتب: وزارة الهجرة.. بين التحديات والإنجازات

مقالات الرأي

د. بهاء حلمي
د. بهاء حلمي


إن إنشاء وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج لا يعكس اهتمام الدولة والقيادة السياسية بالمصريين فى الداخل والخارج، وتعظيم دورهم للمساهمة فى جهود إعادة بناء دولة عصرية، والاهتمام بحل مشاكلهم وتعزيز الروابط والعلاقات بينهم وبين دولتهم الأم فحسب، بل إنه يعكس أيضا فكر واستراتيجية الدولة لإعادة بناء وصياغة قوتها الناعمة، وعلى الأخص المصريين بالخارج الذين يشكلون قاعدة وطنية متقدمة وجبهة ناعمة فعالة فى مواجهة التحديات والمخاطر والشائعات والأفكار المغلوطة عن مصر فى جميع أنحاء العالم، وتفعيل دورهم فى دعم رؤية وسياسات الدولة والدفاع عن قيمها وقضاياها ومجابهة ما يروجه أعضاء الجماعة الإرهابية ومنتسبيها ومؤيديها وداعميها من الدول والمنظمات المختلفة ضد مصر.

لقد أهملت الدولة مواطنيها بالخارج على مدار عقود ماضية مما رسخ صورة ذهنية غير جيدة لدى المصريين بالخارج أثرت بالسلب على روح الانتماء والولاء لديهم نحو الوطن، وجعلتهم بيئة مواتية لنشر أى معلومات تنال من مصر ودورها ومستقبلها.

فأخذت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة على عاتقها مواجهة هذه التحديات بكل عزيمة وإصرار لتخوض تجربة صعبة وفريدة فى آن واحد كونها الوزارة الوحيدة التى كانت لا تمتلك هيكلاً تنظيميًا أو مقومات وأدوات العمل، كما لا تملك استراتيجية أو آليات أو خبرات سابقة مفيدة للاستفادة منها فى العمل أو التأسيس عليها فى التعامل والتواصل مع المصريين بالخارج.

أضف إلى تلك التحديات ضخامة العمل والأعباء الملقاة أو المنوطة بالوزارة باعتبارها ممثلا عن الدولة فى الالتزام برعاية المصريين بالخارج وحمايتهم وكفالة حقوقهم وحرياتهم، وتمكينهم من أداء واجباتهم العامة نحو الدولة والمجتمع وإسهامهم فى تنمية الدولة، والعمل على تحفيزهم بالمساهمة فى خلق مجتمع مبتكر ومعتمد على المعرفة لتحقيق التنمية المستدامة فى وطنهم مصر وفقا لما قرره الدستور.

فاعتمدت وزيرة الهجرة خطة عمل طموحة لبناء مؤسسى للوزارة الجديدة منذ توليها المسئولية وعمل هيكل تنظيمى وتوصيف وظيفى لتحقيق أقصى استفادة من الموارد البشرية المتاحة فى تحقيق الاهداف المأمولة.

واللافت للنظر اعتماد الوزيرة على فريق عمل من الشباب من الجنسين والثقة فى قدراتهم وتشجيعهم ومنحهم فرصة للانطلاق والإبداع وطرح الأفكار لتنفيذ استراتيجية الوزارة التى تم إعدادها وإعلانها على موقع الوزارة، وهو ما يظهر آثاره جلية على بصمات ونجاحات الوزارة المتتالية على جميع المحاور.

ومضت الوزارة فى طريقها بالعمل على محاور عدة للتواصل ولقاء المصريين بالخارج والداخل على الرغم من الصعاب والعراقيل التى يحاول البعض وضعها أمام الوزيرة ومساعديها وطواقمها من الشباب، ولا نبالغ إذا أطلقنا عليها وصف المرأة الحديدية التى تتسلح بالروح الوطنية والمصداقية والمعرفة والعلم والإيمان بقدرات الشباب المصرى فى مواجهة الأزمات وتخطى الصعاب واجتياز الموانع بكفاءة واقتدار.

إن وزارة الهجرة تباشر دور الدولة أمام جمهور المصريين بالخارج وتعتبر حائط الصد الذى تلقى عليه جميع السلبيات التى قد تحدث للمصريين بالخارج جراء تعاملهم مع الجهات الحكومية على سبيل المثال، وعليها أن تحتوى ذلك وتخلق جسورًا جديدة لبناء الثقة ولتحقيق إنجازات فى مجال السياحة والاستثمار والإسكان والصحة والتعليم والطيران والقوى العاملة والاستعلامات والانتخابات والقيام بدور تثقيفى وتوعوى، وفتح آفاق ونوافذ جديدة أمام الجيل الثانى والثالث ليشاهدوا من خلالها بلدهم مصر ويعرفون حضارتهم وتاريخهم بما ينمى روح الانتماء والفخر لديهم بوطنهم.

إن هذا العمل والأداء لا يتأتى إلا بتقديم المزيد من الدعم والتعاون من جميع الوزارات والمؤسسات والهيئات والمصالح بالدولة والتفاعل الإيجابى مع دور وزارة الهجرة فى تنفيذ استراتيجيتها وتعاملها مع المصريين بالخارج، لتحقيق الصالح العام.

إن المؤتمرات والمبادرات والملتقيات التى عقدتها وزارة الهجرة سواء كانت فى مصر أم بالخارج والشعارات الوطنية الملهمة التى تطلقها على تلك المبادرات، واعتمادها على وسائل الاتصال والتقنيات الحديثة، والإصرار على مواجهة التحديات والتصدى للأفكار والمفاهيم الخاطئة لدى الكثيرين من المصريين بالخارج، وإعادة صياغة دور جديد للدولة فى رعاية مواطنيها بجميع أنحاء العالم يشير بوضوح على الفكر البناء والدور الوطنى والانجازات التى تحققها مصر فى إعادة بناء قاعدة عسكرية وطنية للقوة الناعمة والداعمة للوطن وسياساته ومستقبله وطموحاته. فتحية لجهد وزيرة الهجرة وفريق العمل معها، وتحية لكل جهد مخلص فى سبيل بناء الوطن.