تعرف على أسباب انسحاب الولايات المتحدة من الحرب في فيتنام

أخبار مصر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


انسحبت في 29 مارس من عام 1975،  قوات الولايات المتحدة من فيتنام بعد معركة طويلة، انتهت بهزيمة زعيمة القطب الرأسمالي خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، في فصل جديد من معارك السيطرة بين الأيدولوجيتين المتنافستين حتى سقوط الشيوعية عام 1945.

سيناريو الحرب الفيتنامية يتشابه مع الحرب الكورية (1950- 1953) في فصولهما، فقد انقسمت شبه الجزيرة الكورية وفيتنام إلى دولتين، كان الشطر الشمالي في كل منهما شيوعيا مواليا للاتحاد السوفييتي، أما الجنوبي فهو رأسمالي موالي للولايات المتحدة الأمريكية.

وفي كلا الفصلين في الحرب الباردة، لم تخرج الولايات المتحدة الأمريكية منتصرة أبدا، فالكورية انتهت بالهدنة وبقاء الانقسام حتى الآن، والثانية انتهت بتوحيد فيتنام تحت راية الشيوعية وموالاة الاتحاد السوفييتي، وهزيمة أمريكا بقيادة مؤسس الحزب الشيوعي في فيتنام، هو شي منه.

ومع خروج الاحتلال الياباني من الهند الصينية عام 1945، حاولت فرنسا، التي كانت تستعمر المنطقة ذاتها، العودة مرة أخرى لكن الزعيم الشيوعي، هو شي منه، استطاع السيطرة على هانوي، ليبدأ معركة كبيرة مع الفرنسيين تنتهي بهزيمتهم على يد قوات الفيت منه – عصبة الكفاح من أجل استقلال فيتنام- بعد المعركة الفاصلة بينهما في ديان بيان فو في مايو 1954.


ووقعت اتفاقية جنيف عام 1954، التي تتناول الأوضاع في شرق آسيا عموما والهند الصينية خصوصا، فقد نصت على تقسيم فيتنام مؤقتا إلى شطرين مقسومين عند خط عرض 17، شمالي بقيادة الزعيم الفيتنامي الشيوعي، هو شي منه، وجنوبي بقيادة، الملك باو داي، آخر ملوك فيتنام والمدعوم من الولايات المتحدة، حتى إقامة استفتاء في الشطرين عام 1956 من أجل الوحدة وإقامة حكومة موحدة.


وانقلب رئيس الوزراء، نجو دينه ديم، على الإمبراطور باو داي عام 1955، ليعلن رفه دخول جنوب فيتنام في الاستفتاء والانتخابات المقررة، ويحصل على دعم من الولايات المتحدة التي أعلنت بدورها وقوفها إلى جانب الحكومة الجنوبية، خوفا من انتشار الشيوعية في آسيا، لتبدأ أمريكا إرسال جنودها إلى سايجون، عاصمة الجنوب، مع عام 1955.


وظلت حالة الشد والجذب بين الشيوعيين والرأسماليين، حتى شكل الشيوعيون المتواجدون في الجنوب قوة سميت بالفيت كونج، دعمها هو شي منه للثورة على الحكومة الجنوبية، والتخلص من السيطرة الأمريكية على جنوب فيتنام عام 195 وأعلن هو شي منه من العاصمة الشمالية، هانوي، في مارسعام 1959، مناوشات بين الفيت منه والقوات الجنوبية المدعومة من الولايات المتحدة، في المقابل أعلن الرئيس الأمريكي وقتها، جون كيندي، في يناير عام 1961 وقوف بلاده إلى جانب حكومة فيتنام الجنوبية، ودعمها بكل ما أوتي من قوة. 

وأرسل كيندي، في مايو من العام نفسه، 400 مستشار عسكري لتدريب الجيش الجنوبي، وليتسع عدد الجنود الأمريكيين إلى 8000 جندي في أكتوبر من العام نفسه في المقابل سيطرت قوات الفيت كونج المدعومة من هانوي على أعداد كبيرة من القرى في فيتنام الجنوبية.

واغتيل رئيس فيتنام الجنوبية، نجو دينه ديم، بعد انقلاب عسكري، وفي الوقت ذاته سيطر الفيت كونج على 40% من فيتنام الجنوبية، وفي الشهر ذاته تعرض الرئيس كيندي للاغتيال ليخلفه الرئيس ليندون جونسون، الذي أعلن عدم تخليه عن فيتنام الجنوبية أيضا.

 وفي أغسطس عام 1964، أغرقت مركبين تابعتين لفيتنام الشمالية القطع البحرية الأمريكية المتواجدة في خليج تونكين، ليتخذ ليندون جونسون قراره بقصف الشمال بالطائرات الأمريكية.


وفي نوفمبر من العام ذاته، بدأت قوات الفيت كونج المواجهة المباشرة مع القوات الأمريكية، في هجوم على قاعدة "بين هوا" الجوية الواقعة شمال العاصمة الجنوبية، سايجون وفي المقابل، وخلال اجتماع بالبيت الأبيض، وافقت الإدارة الأمريكية وافق الرئيس جونسون على سياسة التصعيد التدريجي في دخول الحرب الفيتنامية، ليصل عدد جنود الجيش الأمريكي هناك إلى 23 ألف جندي.

وفي فبراير من عام 1965، قتلت قوات الفيت كونج 8 أمريكيين وجرحت 126 آخرين، ودمرت 10 طائرات عسكرية، الأمر الذي أثار جنون جونسون للقيام بعملية السهام النارية، لقصف قوات جيش فيتنام الشمالية في دونج هوي بالقطع البحرية.


في يوليو من عام 1965، أعلنت الولايات المتحدة إرسال 100 ألف جندي من الولايات المتحدة واستراليا ونيوزيلندا والفلبين وكوريا الجنوبية، للقتال في فيتنام وبعد عامين من الحرب في فيتنام، استخدمت فيهم الولايات المتحدة النابالم، أصبح لدى التحالف الدولي 485 ألف جندي بحلول العام 1967 في المستنقع الفيتنامي.


في يناير من عام 1968، شنت قوات الفيت منه والفيت كونج حربا واسعة النطاق ضد القواعد الأمريكية في فيتنام الجنوبية، فهاجموا 36 عاصمة مقاطعة، إضافة إلى 6 مدن رئيسية، في خطوة أربكت الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها كبدت القوات الشيوعية أيضا خسائر كبيرة وللمرة الأولى في نوفمبر، ينادي الرئيس الأمريكي جونسون بمحادثات سلام في نوفمبر من عام 1968
انتخب الرئيس الأمريكي، ريتشارد نيكسون، الذي استقال بعد فضيحة ووتر جيت، عام 1969، ليستكمل الحرب الفيتنامية لكن باتباع سياسة تدريب الفيتناميين لتقليل أعداد القوات في المستنقع الفيتنامي، مع محاولة الوصول لاتفاق عبر محادثات السلام في باريس، التي وصلت إلى طريق مسدود.

وارتكبت القوات الأمريكية عام 1968 مجزرة بحق عدد من المدنيين الفيتناميين كشف عنها أحد الجنود الأمريكيين عام 1969، حيت قتل ما بين 300 – 500 مدني فيتنامي في تلك المجزرة، لتتعالى الأصوات العالمية لإنهاء الحرب.


وتوفي الزعيم الشيوعي، هو شي منه، عام 1969، إلا أن خليفته لي دوان أكمل المسيرة بهجمات جديدة، لكنها سرعان ما انسحقت أمام الطيران الأمريكي وعاد وزير الخارجية الأمريكي، كيسنجر، في مفاوضات سرية عام 1970 مع الشيوعيين الفيتناميين، في وقت اشتعلت في الولايات المتحدة التظاهرات المطالبة بإنهاء الحرب الفيتنامية.


وعادت المفاوضات مرة أخرى للظهور على الساحة لمدة 3 سنوات، لتنتهي بتوقيع اتفافية للانسحاب الأمريكي من فيتنام في يناير من عام 1973 خلال شهرين، ومع اختفاء الأمريكيين من الساحة الفيتنامية، تمكنت قوات الفيت منه والفيت كونج من دخول العاصمة الجنوبية سايجون في 30 أبريل من العام 1975، ليرحل بعدها جنود الولايات المتحدة الذين كانوا يحمون السفارة الأمريكية في سايجون.


وبلغ عدد ضحايا الحرب وفقا لإحصائيات رسمية ما بين 1.5 إلى أكثر من 3 ملايين شخص بين مدني وعسكري فيتنامي وروسي وكمبودي، لتبقى الحرب الفيتنامية إحدى النقاط الفاصلة التي يتوقف عندها التاريخ.