جرجس إبراهيم يكتب: «الأنبا ثاؤفيلس».. جسر المحبة في كنيسة منفلوط

ركن القراء

بوابة الفجر


تعد مطرانية منفلوط واحدة من الإبروشيات التاريخية في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والتي انجبت للكنيسة العديد من رموز المسيحيية وعلي رأسهم مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث، والعديد من الأساقفة والكهنة والرهبان.

وبعد وفاة الأنبا انطونيوس أسقف منفلوط، توجس الشعب في انتظار اعلان السماء عن مجئ راعي ليقود الكنيسة في أصعب العصور، فشهدت ابروشية منفلوط العديد من الأحداث الصعبة في الأوانة الأخيرة منها انشقاق جزء من المطرانية منذ عشرين عام، كما شهدت واقعة مؤسفة في غاية الخطورة وهي استشهاد القس دانيال مسموما علي مذبح الكنيسة وهي وقائع تعد غريبة علي الكنيسة.

وظلت كنائس منفلوط العريقة لمدة عام في انتظار راعي ومدبر وأب يرعي شعبه بطهارة وبر لمدة عام حتي جاء اعلان السماء عن اختيار الراهب ميخائيل المحرقي ليقود الكنيسة في ظروف غاية الدقة والصعوبة فأراد الرب أن يخرجه من عزلته ووحدته ليعظ بالإنجيل ويتكلم، فهو انجيل معاش.

ومما لاشك فيه إن ابروشية منفلوط تحتاج إلي راعي من طراز خاص، فكانت المعجزة الحقيقة التي ألهمت الكنيسة هي اختيار ذك الراهب فأسقفيته كانت بإلهام وبأمر من الله، وكأن الرب أراد إظهار مواهبه الخفية المتألقة فجاء اختياره أسقفًا وقد دأب على الوعظ والتعليم خلال خدمته بقرية رزقة الدير التابعة للدير المحرق عندما كان راهبا هناك، وحسبنا في ذلك شدة تلهف الناس لسماع عظاته التي يلقيها في الكنائس.


فالراهب ميخائيل المحرقي "الأنبا ثاؤفيلس لاحقا" هو كاتب جيد السبك الحسن الصياغة، أوتي لساناً فصيحاً وبياناً ساحراً.

وسلك طريقاً لم يكد يُسلك، في الخشوع والعبادة، كأنه آية في صدق الشعور والتحمس للدين، وفوق ذلك من علّية الورعين القديسين وقد تمكن حب الله في قلبه حتى بلغ منه كل مبلغ.

ومن خلال تعاملي البسيط معه وجدت ان حكمته لم نجد لها ذكراً في كتب أهل العلم، فهو حكيماً لبقاً كثرت محاسنه وحُمدت مآثره، حتى صار رعايته لشعبه علامة مميزة.

فهو مرشد روحي من الطراز الأول تجلي إليه وكأنك مع الآباء القديسين القدامى، إذا تكلم أوفي موضوعه واستوفي وقائعه وشد انتباه سامعيه، لكلامه أثر فعال في القلوب.

أما عن اتضاعه الكثير فهو معروف للجميع، إذا تحدث إليك نسيت أنك تتحدث مع أسقف، إنه متضع الاتضاع الحقيقي، ولذلك نظر الرب إلي اتضاعه فرفعه إلي كرسي الأسقفية.

ومن خلال متابعتي له أثناء خدمته في الدير المحرق وجدت أنه يدرس نفسية الشباب ويعرف متطلبات الجماهير وحاجة الوطن فيعالج أدواء المجتمع ويبني قدرات الشباب ويشكل مواهبهم لخير الكنيسة والأمة والأجيال ولعل ان زيارته الأخيرة التي قام خلالها بتكريم أسر الشهداء من الجيش والشرطة خير دليل علي هذا.

ولما تبلورت أعماله الفذة في الرهبانة و رزقة الدير، أظهرت ما كمن من مواهبه وأبرزت ما خفي من فضائله لتعد الطريق أمامه للأسقفية والعمل الخطير الذي ينتظره.

فهو بحق إذا تكلم أفحم وأبهت الجميع، وإذا شرح أوفى الشرح وإذا فسر أجاد، تأتيه العبارات سلسة رائعة حتى في الأمور اللاهوتية من أقرب طريق - بينات كالشمس، وموهبة الوعظ والتعليم عنده موهبة أصيلة هو شاعر مطبوع وخطيب مفوه وأديب مبدع، يجرى قوله مجرى الحكم الفصل ورأيه مجرى القانون الصريح.