خوفا من الانقلاب والعزل.. أردوغان يُشغل الجيش بحرب في سوريا

عربي ودولي

بوابة الفجر


أبدى العديد من المحللين السياسيين اهتامهم بملف التطوّرات الأخيرة في مناطق شرق الفرات السوري التي يُسيطر عليها الأكراد، وذلك في أعقاب ما تمّ الإعلان عنه أخيراً من اتفاق أمريكي- تركي حول "المنطقة الآمنة" و"ممر للسلام"، وعلاقة ذلك بالشأن الداخلي التركي ومخاوف الرئيس رجب طيّب أردوغان من محاولة انقلاب عسكري جديدة عليه، فضلاً عن تزايد الانشقاقات داخل حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه واحتمال أن يتم عزله عن قيادة الحزب الحاكم أيضاً.

 

وذكر الكاتب الروسي إيغور سوبوتين لصحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا"، تحت عنوان "تركيا تبتز الولايات المتحدة بحياة العسكريين الأمريكيين"، أسباب إصرار أردوغان على مهاجمة المناطق الكردية في سوريا رغم وجود قوات أمريكية هناك.

 

وأشار إلى أن الخبراء يرون ضرورة النظر إلى تهديدات القيادة التركية للأكراد في إطار طريقة تعاطي أنقرة مع العديد من المشكلات الإقليمية، وفقاً لصيفة "أحوال تركية" اليوم الجمعة.

 

وقال خبير المجلس الروسي للشؤون الخارجية المُقيم في أنقرة، تيمور أحمدوف: "إذا عدنا إلى المحاولات السابقة التي قامت بها تركيا والولايات المتحدة للاتفاق على منطقة عازلة حدودية في شمال سوريا، يمكننا أن نرى أن تهديدات تركيا بشن عملية عسكرية تتعالى دائماً عندما تصل المفاوضات الدبلوماسية إلى طريق مسدود، من الواضح أن تركيا ليست مستعدة لمواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة في شمال سوريا، وليس لأي عملية تركية محتملة أن تتجنب ذلك، يترتب على كل ذلك أنّ تصريحات القيادة التركية حول العملية تهدف إلى تحفيز المفاوضات الدبلوماسية، وتعزيز مواقفها التفاوضية بشأن وضع أراضي شمال سوريا".

 

ويرى الكاتب سعيد غفوروف، في مقال له تحت عنوان "تركيا تُعد سيناريو أوكرانياً"، في "كوريير" للصناعات العسكرية، أنّ أردوغان يرغب في إشغال الجيش خشية أن ينقلب عليه، في ظلّ أزمة داخلية خطيرة في البلاد، وقال إنّه "فيما يبدو كأن الدولة في أزمتها بغنى عن حرب واسعة النطاق، إلا أنّ لأردوغان لعبته".

 

وأضاف "يحتاج الرئيس التركي إلى الحرب بحدّ ذاتها، وليس إلى النصر، فالوضع السياسي في البلاد غير مستقر، والظروف موضوعياً تنقلب ضده، فقد أظهرت انتخابات مارس الماضل بوضوح أن المعارضين يكتسبون قوة".

 

وتابع أن "أردوغان سياسي تكتيكي مذهل، يعرف ماذا يفعل، فبعد عمليات التطهير لم يعد هناك توازن في القوات المسلحة، فكل قيادتها المتبقية تنتمي إلى حزب واحد، لذلك من الضروري إشغال الجيش طوال الوقت، وهنا الحرب مناسبة تماماً".

 

ولفت إلى أنّ التنبؤ بخطوات أردوغان المستقبلية أمر صعب للغاية، حيث تختلف تكتيكاته عن الاتجاهات السياسية العامة في البلاد، فحتى أولئك الذين كانوا يساندونه مؤخراً بشكل قاطع، بما في ذلك العديد من أعضاء حزبه غير راضين عن الموقف، فقد يتم عزله من منصب القيادة داخل الحزب، ويمكن أن يقوم بذلك العسكريون المستاؤون.

 

وأوضح المحلل السياسي الروسي أنّ "احتمال تغيير السلطة في تركيا على غرار الميدان الأوكراني يغدو أكثر واقعية، فثمة دلائل تشير إلى أن أوروبا تفكر بالفعل في الإطاحة بأردوغان على طريقة الإطاحة بيانوكوفيتش في أوكرانيا.

 

ومن جهته، قال الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية، أويتون أورهان، إنّه "إذا شنّت تركيا هجوماً عسكرياً في سوريا، فسوف تُضعف من قدرة ترامب على وقف العقوبات ضد تركيا، وسيزداد تأثير المعسكر المناهض لتركيا في الولايات المتحدة".

 

ولم يستبعد الباحث أن تشن تركيا عملية محدودة في المنطقة الحدودية، مشيراً إلى أن واشنطن لا تريد أن تخسر التحالف مع الأكراد، خشية أن تدفعهم تهديدات أنقرة إلى تكثيف الحوار مع دمشق حول إعادة الأراضي على الضفة الشرقية لنهر الفرات إلى سيطرة السلطات السورية، فيما تصر موسكو على هذا الخيار، وهي مستعدة على أساسه لتوفير الحماية للأكراد.