شيكابالا.. الفردوس المفقود

الفجر الرياضي

شيكابالا
شيكابالا


"الفردوس المفقود - Paradise Lost" هي الملحمة الشعرية التي كتبها جون ملتون في القرن السابع عشر.. عملٌ فريدٌ من نوعه يُعتبر إحدى كلاسيكيات الأدب الأنجليزي فقصتها هي أصل الحياة وربما حكاية الوجود، وهنا في مصر كان لدينا قصة لا تقل إثارة وملحمية عن فردوسٍ أخرى مفقودة كان محمود عبد الرازق شيكابالا أعظم تجلياتها، الموهبة التي ملأت الأرض صخبًا والقدم التي أشبعت الملاعب متعة ولطالما كان يبحث شيكابالا عن فردوسه في الزمالك ولطالما كانت مفقودة كأنما يناصبه القدر العداء، فكيف بدأت الحكاية وكيف جرت الأحداث وهل وجد الحالم فردوسه وكيف سيكون المصير؟!

 

البداية بشاب يافع من أقصى الجنوب بوادي النيل في سن الخامسة عشر يشاهد من مقاعد البدلاء جيل عظيم يحقق كل الإنجازات والبطولات فبدأ الفتي يحدث نفسه عن الفردوس التي يراها ويامل روحه أن يكون ملاكها الأول لكن قبل بداية السعي خرج إلي باوك في أرض القياصرة باليونان حيث لقبوه هناك بريفالدو الجديد لكنه عاد سريعًا بسبب التجنيد - هزلية هذه الحياة- عاد شيكابالا إلي الزمالك لتبدأ رحلة البحث عن الفردوس.

 

لعب شيكابالا مواسم كان فيها كأنه أحد قياصرة اليونان، وحيدًا يصول ويجول في كل أرجاء الملعب.. المتعة التي صنعها أعظم من أن توصفها الكلمات أو تدركها العقول فالأمر كان يُري بالعين ويُصدق بالقلب لكن وسط كل هذا التألق كان وحيدًا لا يشاركه الحلم غير تلك الجماهير التي لا تفقد الإيمان ولا تتنفس غير الأمل، كانت سنين عجاف على الزمالك بلا يوسف الصديق، إدارات متعثرة وأشباه لاعبين لكن محمود عبدالرازق شيكابالا هون الأمر كثيرًا علي جماهير الزمالك، صنع جيلًا جديدًا يعرف كرة القدم بأنها القدم اليسري لشيكا لكن في عز مجده الكروي لم يجد فردوسه في الزمالك ولم يحصد البطولات.

 

غادر مرة إلى الوصل الإماراتي وأخرى إلى سبورتنج لشبونة البرتغالي وفي تلك الأخير بعد أيام من تعاقده مع الفريق رحل المدرب الذي تعاقد معه وآمن بقدراته - هزلية هذه الحياة - لتنتهي تجربة قد يعول عليها كثيرًا، وفي موسم 2015 عاد الزمالك إلي الألقاب الكبرى وحقق الدوري بعد الكثير من الغياب لكن شيكابالا كان خارج أسوار النادي، كانت الفردوس حاضره لكن شيكا كان غائبًا، وحين عاد إلى الزمالك لم يكن القدر رفيقًا به فعاد التخبط من جديد - هزلية هذه الحياة - لكن وسط كل هذا التخبط استطاع قيادة الفريق إلي نهائي دوري أبطال إفريقيا وكان علي بعد خطوة واحدة من معانقة الأميرة الإفريقية لكن القدر ناصبه العداء من جديد وبعدما كان شيكابالا قريبًا من فردوسه ضاعت من جديد.

 

خرج شيكالا إلي الدوري السعودي وأثبت نفسه وذهب إلى كأس العالم كأنها محاولة خجولة من كرة القدم لمصالحة أحد صانعي متعتها في الأراضي السمراء ثم انتقل بعدها إلى أرض القياصرة في اليونان من جديد ليس كشاب تلك المرة بل صار لاعبًا مخضرمًا حمل شارة القيادة على ذراعه في العديد من المرات، وفي ظل غيابه عن أسوار القلعة البيضاء حقيق الفريق لقب الكونفيدرالية الإيفريقية بدون القائد، كانت الفردوس حاضرة لكن شيكا كان غائبًا مرة آخرى، والآن يعود شيكابالا إلى الزمالك ليكتب آخر فصول قصته في القلعة البيضاء، ويبحث عن فردوسه المفقودة للمرة الأخيرة فهل يستجيب القدر وتنتهي القصة بنهاية تليق بكل محاولات بطلها أم أن تلك الفردوس ستظل مفقودة للأبد؟!