حكايات صادمة من دفتر أحوال المنتحرين

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


أسباب ضعيفة دفعت البعض للانتحار

الانتحار رسالة، يئس صاحبها من إيجاد أحد يسمعها، لكن، ورغم قسوة مشهد النهاية، الذى يتوقع العديد منا أن وراءه قصة حزن وخيبة كبيرة، إلا أن بعض الحالات تقدم على الانتحار لأسباب قد يراها البعض لا تستحق.

«الفجر» فتحت دفتر أحوال المنتحرين، ورصدنا من خلاله أبرز تلك الحالات التى انتحرت أو أقدمت على الانتحار لأسباب قد يراها البعض «تافهة».

الواقعة الأولى دارت أحداثها فى مركز الزقازيق، حيث نشأت علاقة حب بين شاب وفتاة أثناء الدراسة بكلية الهندسة جامعة القاهرة، انتهت بالتقدم لخطبتها، حتى جاء اليوم الموعود والحصول على البكالوريوس، فقرر أن يتزوجها، وجرت التجهيزات على قدم وساق، وقبل الزفاف بساعات اعترضت الوالدة على مكان وضع الأثاث وألوان الستائر.

وأثناء النقاش بين الوالدة والابن، أبلغته الأولى بانها ستخبر والده أن يؤجل الفرح لحين الانتهاء من التعديلات المطلوبة، لم يتحمل الشاب كلام والدته وخرج مسرعاً واشترى 10 لتر بنزين، وصب الوقود على نفسه أمامها واشعل عود الثقاب حتى التهمت النيران جسده.

أسرعت الأسرة والأقارب لإنقاذه بالتوجه إلى المستشفى إلا أنه كان فارق الحياة، وتم ابلاغ قسم شرطة الزقازيق وحرر المحضر رقم 2189 لسنة 2019، وباشرت النيابة العامة التحقيقات وأمرت بحفظ التحقيقات والتصريح بدفن الجثة.

الواقعة الثانية دارت أحدثها فى مدينة 6 أكتوبر، بعدما شاهد موظف بإحدى الشركات المرموقة محامية أثناء إنهاء بعض الاوراق داخل مجمع محاكم أكتوبر، جمعتهما نظرة فابتسامة فحديث، انتهى بتحديد موعد للتقدم لخطبتها، وعلى مدار 10 أشهر ارتبط الموظف والمحامية بقصة حب انتهت بالزواج.

استمرت المحامية فى عملها بعد الزواج، وبحكم ذلك تلتقى عملاءها من السيدات والرجال وتتحدث معهم عبر التطبيقات الاجتماعية، حينها بدأ يتسلل إلى زوجها هاجس، أن زوجته تخونه مع رجل آخر.

وحملت أوراق القضية 3581 لسنة 2019، تفاصيل المشاجرات التى عرفت الطريق إلى الزوجين، حتى تحولت الحياة بينهما إلى جحيم لا يطاق، حتى جاء اليوم الموعود، عندها دخل الزوج إلى غرفة النوم ووجد زوجته ممسكة بهاتفها وتتحدث مع أحد الأشخاص عبر تطبيق «الواتس آب»، فتعدى عليها.

حاولت التوضيح له بأنها تتحدث مع أحد عملائها، لم يصدقها: «انتى خاينة.. محدش يقدر يخونى»، وأقام لها حفلة تعذيب متواصلة لمدة 5 ساعات، وعندما فرغ الزوج من ضربها حملت جسدها واستندت إلى جدران الحائط والدماء تملاء ملابسها، وعلى حافة شرفة الطابق الخامس استدعت زوجها وقالت: «أنا مخنتكش.. بس انت شكاك زيادة»، وألقت بنفسها وسقطت جثة هامدة، وتم إخطار شرطة النجدة، واعترف الزوج بتفاصيل الواقعة وأمرت النيابة العامة بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات.

أما الواقعة الثالثة، فحملت تفاصيلها أوراق القضية 963 لسنة 2019، بتلقى قسم الشرطة الرمل ثان إخطاراً من شرطة النجدة بالإسكندرية، بالعثور على جثة طالب بالصف الثانى الثانوى.

وبسؤال شهود العيان وأسرته وجمع المعلومات وإجراء التحريات، توصلت الشرطة إلى أن الطالب يترتبط بعلاقة عاطفية مع صديقها له فى الصف الثانى الثانوى بمدرسة أخرى، وكان دائم التواصل معها ويقضى أوقاتا فى الاحاديث التليفونية، وفى احد الايام أثناء الاتصال بها ردت والدة محبوبته. وبسؤاله: من المتصل عرفها بنفسه، فقامت بإهانته وطلبت منه عدم الاتصال مرة أخرى، فاقدم على إلقاء نفسه من الشقة بالطابق الخامس، وتحرر المحضر اللازم.

وبانتقال رجال المباحث وسؤال الأسرة أكدوا ما ذكره شقيقها، وتم التحفظ على الجثة وإيداع شقيقها مصحة للعلاج النفسى نتيجة الصدمة.

من جانبه حذر الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، من تكرار الحالات المأساوية السنوية، التى يمر بها طلاب الثانوية العامة بعد إعلان النتيجة مباشرة، مؤكدًا أن 80% من أسباب الانتحار، ترجع لتعرض الولد أو الفتاة للضغوط النفسية الكبيرة من قبل الأهل بسبب ضعف المجموع.

وأضاف فرويز، أن الطالب فى هذه الفترة يمُر بمرحلة من المراهقة، التى تحتاج إلى المزيد من الاحتواء، مثل حديث الأمهات، واحتضان الآباء، والابتعاد عن أسلوب التهديد، لافتًا إلى ضرورة تأهيل الأهل فى المقام الأول للتعامل بإيجابية مع النتيجة.

وأوضح، تفكير الشباب فى الانتحار يأتى لرغبته فى الهروب من الضغوط النفسية التى يتعرض لها، موضحا أنه فى حالة نجاته من المرة الأولى للانتحار لن يكررها مرة أخرى، لأن هذه التجربة ستجعله يعيد النظر فى التفكير فى فعله الذى سيكتشف أن خاطئ.

وأكد أستاذ الطب النفسى، أن معظم الحالات التى تعرضت لانتحار مصابة بمرض «هستيرى عصبى»، ويدل على أن الشخصية تميل للاستعطاف، وتريد لفت الانتباه وكسب تعاطف الآخرين نحوه، بالإضافة إلى أنها شخصية لا تتحمل الضغوط، ومصابة بالاكتئاب والاضطرابات.

وأشار فرويز إلى أن الفقر لا يدعو للانتحار، فمصر مرت بظروف اقتصادية فى منتهى الصعوبة عام 67 ولم نشاهد حالة انتحار واحدة.