من "القسم" لـ"المشرحة".. "الفجر" داخل منزل السائق المتوفى بقسم حلوان

حوادث

بوابة الفجر


بعد انتهاء مراسم العزاء للسائق وليد محمد عبد العظيم، بعدما صلى عليه أهله صلاة الجنازة في مسجد مساكن زينهم بالسيدة زينب، كانت جميع الوجوه تنظر إلى بعضها دون كلمة، وكان أخوته الصغار يقفون لاستقبال من يأتي في مواساتهم من زملاء المتوفى، وانتقلت "الفجر"، للحديث مع زملاء المتوفى وأهله للوقوف على كواليس وفاته داخل قسم حلوان أول أمس.

البداية
يعمل وليد محمد عبد العظيم كسائق في مصلحة النقل العام صباحآ، يستيقظ كل يوم صباحآ ليذهب إلى عمله الذي ينتهي الساعة الـ4 ظهرا، يظل وليد في عمله اليومي حتى تقوى عليه ظروف المعيشة، فالمرتب لا يكفي لثلاثة أطفال، لهذا يضطر وليد للعمل كسائق بالأجر لدى إحدى الشركات، فيكون بذلك من العاملين ليلا ونهارا، وينتهي من عمله في الواحدة صباحا، ليذهب إلى قسط من الراحة، لبداية يوم جديد.

وظل وليد يتابع عمله، حتى أخبرته زوجته إنها حامل، وبهذا المولود المنتظر، كان على وليد أن يتابع فرحته بالعمل أكثر مما ينبغي، ودون سابق إنذار يرن جرس الهاتف المحمول لأحد إخوته، يخبره بأن وليد تم اقتياده إلى قسم حلون، وذلك لافتعال مشاجرة مع دورية أمنية، فيقرر الأخ أن يذهب إلى أخيه ليعلم ماذا حدث، ولكنه لم يكمل يوما آخر حتى أتاه ذات من يخبره بوفاة وليد داخل القسم دون سابق إنذار فيقرر الأخ التكلم عن ما حدث.

دوريه أمنية
كانت عيون عمرو محمد عبد العظيم، شقيق وليد الأصغر، شاردى بعد انتهاء سرادق العزاء في أخاه الأكبر، قبل أن يبدأ حديثه لـ"الفجر" في هدوءك "جائني هاتف صباح يوم الثلاثاء يخبرني  بأن وليد قد تم اقتياده إلى قسم حلوان، لافتعاله مشاجرة مع الدورية الأمنية التي كانت تمر بمكان دائرة القسم، وعلى الفور أسرعت متجها إلى القسم لأعلم ماذا حدث، وفور ذهابي إلى القسم للسؤال عن أخي، أخبروني أنه ليس موجود، ومن هنا ذهبت إلى منزل صديق أخي ويدعى سيد، حيث كان وليد يعمل كسائق بالأجر لدى إحدى الشركات، وفور ذهابه إلى حلوان ليوصل أحد ذبائنه، ذهب إلى سيد صديقه ليجلس معه قليلا، ومن ثم يعود إلى بيته بمساكن زينهم، وفور صعودي إلى منزل صديقه، قابلتني زوجته، وهى منهارة من البكاء.

وتابع: وبسؤالي لها عما حدث، أخبرتني أن وليد كان يجلس مع سيد أسفل المنزل، ومرت دورية أمنيه مكونة من ضابط مباحث وأمناء، وفور نزول الضابط من سيارة الشرطة، توجهوا إلى وليد وقاموا بنهره، وحدثت مشاجرة بينهم تم اقتياد وليد وسيد زوجي إلى السيارة على إثرها، وذهبوا بهم، وهنا قمت بالتأكيد لها إنني عدت من القسم، ولكنها أقسمت لي أنهم ذهبوا مع الدورية الأمنية، ومما لا شك فيه أنه تم اقتيادهم إلى القسم، وهنا فقط قمت بسؤال الأهالي الذين كانوا متواجدين أثناء اقتياد أخي وصديقه من تحت منزل الاخير، والذين أكدوا اقتياد الضابط للاثنين داخل سيارة الأمن ومن ثم إلى القسم.

جثة هامدة
"لم أستطع النوم في تلك الليلة"، ليستكمل شقيق المجني عليه: "ففور بزوغ الصباح أخذت زوجة سيد صديق شقيقي وذهبنا إلى القسم، لنسال عن أخي وصديقه، وفور مقابلتي لأحد الضباط هناك، قال لي أن أخي يتم التحقيق معه لتطاوله على الضابط ولن نتمكن من رؤيته، وعدت مرغما على أمري، ولم أستطع رؤية اخى يومها وعدت الى منزلى وقمت بالاتصال بمحامى ليستطيع الوقوف مع أخى، ولكن صدمتنى المفاجئه عندما تلقيت هاتف الساعه الثالثه صباحا بوفاة أخى، وانه فى المستشفى وتوفى هناك نتيجة لهبوط حاد فى الدوره الدمويه كما اخبرونى هم بذلك، ولم استطع الجلوس معه الا فى المستشفى وهو جثه هامده، وفى الصباح توجهت الى النيابه العامه لتوليها التحقيق، وقمت باتهام الضابط والقوه الامنيه المصاحبه له، وقمت بطلب احضار شهود العيان من النيابه ليدلوا باقوالهم.

يصمت عمروا قليلا ويستكمل حديثه قائلا، ما زلت اتهم الضابط فى قتل اخي ان الله لايضيع الحق عنده، وانا انتظر ظهور الحق، من الطبيعى ان لا يفتعل اخى مشاداه مع قوات امنية، اخى موظف ويعرف حدود كلماته، لايمكن ان يقوم بالتعدى على احد دون سبب، سأنتظر قرار النيابة العامه، لان مصر دولة قانون والشرطة فى خدمة سياده القانون، وهذا ما انتظره فى الفتره القادمه.

الشقيق الأصغر يتحدث عن أخيه
وتابع أحمد محمد عبد العظيم الأخ الاصغر لوليد، أن وليد من نوع الموظفين الذين يحملون على عاتقهم هم الحياة، فاننا لم نكن نراه الا ساعه او ساعتين كل يومين او ثلاثة ايام، يمكنك التنبوء بخطواته لانه ببساطه كان يعيش يومآ روتينيآ دون اى تغييرات، وقد ذهب الى حلوان فى ذلك اليوم لأن كان مع "توصيله" الى هناك، فقام بالجلوس مع صديقه يتسامران قليلا، وجائت بعدها الدوريه الأمنية وهو ما رواه شهود العيان، نحن لا نضع الاكاذيب، فهناك روح صعدت الى ربها فليس هناك مجال للخروج من تلك الازمه، لقد مات اخى ولا اعلم ما سبب وفاته حتى الان، ولكنى اعلم جيدآ انه قام بالتصدى لضابط القوه الامنيه، وذلك لحدوث مشاده كلاميه بينهما هذا هو ما يؤكده الجميع.

وأكد: وأنا أنتظر أيضا عدالة القانون فى حق أخي، ولن نتنازل عن حق أخي، لو كان موته بسبب تعدى داخل القسم، فلو حدثت مشاده كلاميه بين جميع المشتبه بهم والقوات الامنيه فمن المفترض أن يكونوا جميعا جثث هامده، لقد سمعت انهم يقولون ان أخى كان مخمورآ، ولهذا قام الضابط بافتعال مشاده كلاميه معه، دعنى اقول لك يا استاذ ان اخى ببساطه شديده هو موظف هيئة نقل عام، وانت تعلم تمام العلم ان اخى تقام عليه فحوصات بشكل دورى ضد المخدرات، فكيف كان فى حالة سكر!، انا ايضآ انتظر قرار النيابة العامه فى معاقبة ومحاسبة المخطئ.

النيابة العامة
كان رئيس نيابة حلوان الجزئية يجلس فى مكتبه كعاده يطالع القضايا الوارده اليه للنظر فيها، الا ان ارتفع ازيز هاتف مكتبه فجأه ليخبره المتصل بوفاة موظف لدى هيئة النقل العام مع اتهام اهل المتوفى أنه تم وفاته داخل قسم شرطة حلوان، وعلى الفور امر الاول بتكليف 4 من معاونيه لتولى التحقيقات، وطالب بعرض الجثه على مصلحه الطب الشرعى لمعرفة سبب الوفاه، بالاضافة الى تفريغ كاميرات قسم الشرطه للتأكد من دخول المتوفى الى القسم، وأستكمل اوامره، بقدوم كلآ من ضابط الدوريه المقيد فى كشوفات القسم وقوته الأمنيه.

وظلت النيابة العامه تحقق فى تلك القضيه من الساعه ال8 صباحآ ليوم الثلاثاء حتى منتصف الليل، حيث قاموا بوقف الضابط والقوه الامنيه التى قامت بالنزول الى تمشيط الدائره، فى يوم واقعة القبض على وليد محمد عبد العظيم والتحقيق معهم فيما هو منسوب اليهم، بالاضافة الى الاستماع الى اقوال اهل المتوفى وشهود العيان وجميع الاطراف المعنيه بها القضيه، وبعد عرض الجثه على الطب الشرعى، تم دفنها فى الساعة ال4 مساء من يوم الخميسن بعد تسلم النيابة العامه تقرير المصلحه، ذلك بالتزامن مع تفريغ كاميرات القسم من ناحيه، ومكان مسكن صديق المتوفى، والذى أدلى باقواله موضحا انه كان يجلس مع صديقه تحت المنزل، وتقوم النيابة العامه بالقسم باستكمال التحقيقات.

مصدر أمني
وفي ذات السياق فقد أوضح مصدر أمني، أن قرار النيابة العامة سيحسم أي اتهام من الممكن أن يقع على ضباط أو أفراد القسم، ومن ناحية أخرى سيتم إثبات سبب الوفاة عن طريق مصلحة الطب الشرعي، موضحا أنه ليس هناك أحد فوق القانون، وأن قرار النيابة هو الذي سيؤكد وقوع تلك الواقعة من عدم وجودها، موضحا أنه تم اقتياد الاثنين لوجود صديق المتوفى في حالة سكر وهو ما دعى القوة إلى اقتياد الاثنين، بعد تطاول الثاني على القوه الأمنية.