حكاية استاد الإسكندرية: "يحوي أثرا إسلاميا وكان السبب في نشأة شعار الألعاب الأولمبية" (صور)

أخبار مصر

بوابة الفجر



تستعد مصر خلال أيام لانطلاق المسابقة الأهم أفريقيًا وهي بطولة كأس الأمم الأفريقية، والتي سيكون استاد مدينة الأسكندرية أحد ساحات المبارايات المقامة بهذه المستبقة.

وعن استاد الإسكندرية قال الدكتور ولاء بدوي مدير عام قصر الأمير محمد علي توفيق بالمنيل، إنه أقدم استاد في مصر وقارة افريقيا افتتح عام 1929 في عهد الملك فؤاد الأول وعلى اسمه سُمي "ملعب الملك فؤاد".

أسندت مهمة التصميم للمهندس الروسي فلاديمير نيكوسوف، فيما كلفت شركة إنشاءات إيطالية بمعاونة العمال المصريين، واعتمد في تصميمه على دمج أشكال من الحضارة الرومانية اليونانية بالتصميم الحديث لربط الفكرة بالألعاب الأوليمبية القديمة.

وأضاف بدوي إلى أن الاختياروقع على موقع إنشاء ستاد الإسكندرية في الحي اللاتيني وسط المدينة نظرًا لقرب موقعه من ساحة الألعاب في العصر اليوناني الروماني، والتي كانت تضم الجيمنازيوم وساحة السباق قبل 2000 سنة، ليكون بمثابة بعث فعلي للبطولة الأوليمبية لارتباط المكان بالحضارة اليونانية الرومانية.

وأشار إلى أن فكرة بناء الاستاد بدأت عام 1909 عندما طرحها اليوناني الأصل أنجلو بولاناكي، والذي كان يعمل مندوبا لمصر باللجنة الأولمبية، على مجلس بلدية الإسكندرية آنذاك بهدف استضافة مصر أول دورة للألعاب الأولمبية في تاريخها والتي كان مقرر إقامتها سنة 1916.

وتابع بدوي قائلًا "رعى الفكرة الأمير عمر طوسون الذي تبرع من ماله الخاص بألف جنيه وهو مبلغ كبير في هذا الوقت، إلا أن فترة الحرب العالمية الأولى أوقفت التنفيذ واستمر الأمر على هذا الحال حتى رحيل "عزل" الخديوي عباس حلمي الثاني.

وقال إنن بعد انتهاء الحرب تولى السلطان فؤاد الأول حكم مصر وحاول أصحاب الفكرة إحيائها من جديد وإقناع "فؤاد" بتوفير الدعم، إلا أن الأوضاع السياسية والاقتصادية وضعف مصادر التمويل ساهمت في تأخير أعمال التنفيذ حتى عام 1925.

وأشار بدوي إلو أنه بعد نفاذ الأموال التي أنفقت في تأسيس الاستاد قبل افتتاحه اضطر القائمون على التنفيذ إلى جمع التبرعات والمساهمات المالية المتنوعة حتى بلغ إجمالي المبلغ 132 ألف جنيه مصري، تم خلالها جمع ربع المبلغ بالتمويل عن طريق اليانصيب "اللوترية" فيما تبرع عدد من كبار رجال الدولة ومنهم الملك فؤاد الذي قدم مبلغ 3 آلاف جنيه.

وتابع بدوي أن استاد الإسكندرية كان السبب في ظهور علم شعار دورة الألعاب الأوليمبية المعروف في أنحاء العالم للمرة الأولى في تاريخ الأولمبياد، ويرجع ذلك إلى أن أصحاب الفكرة عندما قرروا بناء الاستاد سنة 1914 كان من الضروري كسب دعم الخديوي عباس حلمي الثاني حاكم مصر في هذا الوقت، فاتفق عمر طوسن وأنجلو بولاناكي على إقامة بطولة أوليمبية صغيرة بمنطقة الشاطبي بمناسبة مرور 20 عاما على إعادة إحياء الألعاب الأوليمبية آنذاك.

وأضاف أنه جرت مخاطبة باعث الألعاب الأوليمبية الحديثة البارون الفرنسي "بيير دي كوبرتان" الذي كان أسس اللجنة الأولمبية الدولية في سنة 1894. 

ورحب "بيير دي كوبرتان" بدعم بناء ستاد الإسكندرية وعلى إثر ذلك قرر أن يعطي الأفضلية لمدينة الإسكندرية بالكشف عن تصميم يظهر لأول مرة لشعار البطولة –عبارة عن علم يحمل الدوائر الخمس التي تمثل قارات العالم- وذلك من أجل إقناع الخديوي، وأرسل العلم إلى مصر من أجل رفعه في البطولة الأوليمبية الصغيرة التي حضرها في منطقة الشاطبي لتعضيد فكرة إنشاء الاستاد وظل العلم في حيازة مصر حتى بداية الستينات إلى أن أعيد مرة أخرى إلى اللجنة الأوليمبية الدولية.

وقال بدوي أن افتتاح ستاد الإسكندرية كان في 17 نوفمبر عام 1929 في بطولة متواضعة تمثلت في مباراة بين فريقي الاتحاد السكندري والقاهرة والإسكندرية وفاز فيها الاتحاد بنتيجة 1 صفر.

وزار الاستاد عدد من الشخصيات التاريخية الشهيرة ومنهم فيكتور عمانويل الثاني آخر ملك لإيطاليا والذي دفن في الاسكندرية ونقل رفاته قبل سنوات إلى إيطاليا، كما زاره محمد رضا بهلوي شاه إيران الذي تزوج من الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق، وكان الاستاد مثال للتباهي في بلدية الإسكندرية.
حاز استاد الإسكندرية على الصدارة التاريخية في أشياء عدة، فهو أول ستاد أوليمبي في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث كان يوجد في مصر ملاعب مختلفة لرياضات متنوعة من بينها كرة القدم والرجبي، إلا أنها لم تكن مصممة لاستضافة البطولات الأولمبية.

وأشار بدوي إلى أنه الاستاد الوحيد في مصر الذي يضم بين جنباته أثر إسلامي يرجع إلى القرون الوسطى وهو جزء من سور الإسكندرية القديم أو ما يسمى بوابة الزهري التي تعود إلى العصر الإسلامي، وكذلك الاستاد الوحيد في مصر الذي أنشئ به مقصورة ملكية مكونة من طابقين الأول للملك وحاشيته وضيوفه والطابق الثاني للملكة  والوصيفات.

وأضاف أن بوابات الاستاد المؤدية لملعب الماراثون بنيت على طراز أقواس النصر اليونانية الرومانية، وكان لها الأثر في تصميم الملعب الأوليمبي في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، والذي اكتسب فكرته من بوابات استاد الإسكندرية.

يذكر أن ستاد الإسكندرية شهد تنظيم أول بطولة لألعاب البحر المتوسط عام 1951 وأول بطول في تاريخ الألعاب العربية عام 1953

تقدر مساحته بنحو 60 ألف متر مربع، وكان يسع وقت افتتاحه 25 ألف متفرج ، وشهد عدد من أعمال التطوير في أعوام 1996، 2006، 2017" فيما يجرى حاليا أعمال أخرى للتطوير استعدادا لكأس الأمم الإفريقية.

وتم وضع اللمسات الأخيرة لإعادة الرونق لاستاد الإسكندرية استعدادا لبطولة كأس الامم الافريقية لعام 2019 والتي تستضيفها مصر.