د. بهاء حلمي يكتب: الأخلاقيات الرياضية فى البطولة الإفريقية

مقالات الرأي

د. بهاء حلمي
د. بهاء حلمي


تبذل مؤسسات الدولة جهوداً كبيرة فى الإعداد لتنظيم وتأمين بطولة كأس الأمم الإفريقية التى تستضيفها مصر الشهر الجارى سواء من حيث الاستعانة بالتكنولوجيا الأمنية الحديثة فى ملاعب البطولة أم من حيث تطبيق نظام آمن لتداول التذاكر بما يضمن إخراج البطولة فى جو يسوده الأمان والسلامة والمودة والترحيب بالضيوف بما يليق بتاريخ بمصر وحضارتها وانتمائها الإفريقى أسوة بالاحتفال الرائع الذى أقيم بمنطقة الأهرامات بمناسبة إجراء قرعة البطولة والذى حظى بإشادة العالم.

إن التنسيق والتناغم فى الأداء بين الجهات الأمنية وأجهزة الدولة المعنية لإنجاز تلك المهمة يأتى تنفيذا لتكليفات القيادة السياسية، والالتزام بقواعد الفيفا والكاف لتوفير اشتراطات السلامة والأمن بالملاعب الرياضية التى تقتضى إعداد خطط للطوارئ والإخلاء والحريق والإسعاف، وتأمين كافة عناصر اللعبة وكل المواطنين والمقيمين بالبلاد، بجانب مسئولية اتحاد اللعبة تنسيقا والدولة عن تقييم المخاطر والتوترات بين مشجعى الفرق والعداوة التاريخية بين مؤيديهم إن وجدت، وحظر دخول المشجعين ممن لهم تاريخ فى الشغب، ومنع استخدام الألعاب النارية أو أى إشارات أو لافتات تحمل لغة عنصرية أو عدائية، والتزام الجمهور بالخلق الرياضى.

هذا من جانب الالتزام بقواعد الفيفا للأمن والسلامة بالملاعب، أما من جهة المسئوليات المناطة بكل من اللجنة الأوليمبية المصرية، واتحاد الكرة والأندية والإعلام بشأن التزام الجمهور بأخلاقيات الرياضة فهى مسئولية وطنية وقانونية وأخلاقية بالدرجة الأولى.

فيلزم قانون الرياضة الاتحادات والأندية بوضع ميثاق شرف رياضى والتوعية الجماعية بأخلاقيات الأنشطة الرياضية، وتختص اللجنة الأوليمبية المصرية وفقا لنظامها الأساسى بتنمية وتشجيع الأخلاق الرياضية، والمشاركة فى نشر الروح والثقافة الأوليمبية، ونشر فكر ومبادئى اللعب النظيف مع اتخاذ كافة الوسائل لمكافحة صور التفرقة أو العنف فى المجال الرياضى.

وهنا يثار التساؤل عما إذا كان هناك تنسيق قد تم بين اللجنة الأوليمبية واتحاد الكرة بشأن وضع خطط وبرامج إعلامية وثقافية مشتركة توفيرا للنفقات وتوحيدا للمفاهيم لنشر ثقافة الروح الرياضية وتوعية الجماهير بأخلاقيات الرياضة وقيم المجتمع باعتباره التزامًا قانونياً من عدمه، وماذا قدم لنا الإعلام الرياضى فى مواجهة ظاهرة السباب والعنف اللفظى من جانب بعض الإداريين ومسئولى الأندية على مواقع التواصل الاجتماعى فى مشهد يدعو للأسف والأسى على حال القيم والأخلاق الرياضة.

إن تنظيم مصر للبطولة وخروجها فى سلامة وأمان وبشكل متميز يعد هدفاً قومياً، الأمر الذى يحتم على الجميع التعاون لنشر ثقافة الروح الرياضية ونبذ التعصب الرياضى وتوعية الجماهير بأخلاقيات الأنشطة الرياضية قبل بطولة كأس الأمم الإفريقية، والتعريف بالممنوعات والمحظورات والعقوبات القانونية فى حالة محاولة الدخول للاستاد دون وجه حق أو إحراز أو تعاطى مسكر أو مخدر أو حيازة ألعاب نارية أو أى أداة تستخدم فى إيذاء الغير أو الإضرار بالمنشآت أو المنقولات، أو تحريض الجماهير على العنف والشغب على غرار الحملة المكثفة التى تتبناها الجهة المسئولة عن التذاكر لمنع تزويرها أو تداولها بشكل غير قانونى.

وتقع مسئولية متابعة تنفيذ الجهات الرياضية لالتزاماتها القانونية بما فيها توعية الجمهور ونشر روح التسامح على عاتق وزارة الشباب والرياضة. ولا مانع من الاستعانة بجهود الكليات والمعاهد العسكرية والشرطية للمساعدة فى سرعة وضع وتنفيذ خطط وبرامج إعلامية وثقافية ودينية لتوعية الجماهير بالأخلاقيات الرياضية وبمكارم الأخلاق باعتبارها سمة المجتمعات الراقية.

كما تبرز أهمية تدريب المشاركين فى أعمال التأمين على سيناريوهات عملية لإدارة الحشود الرياضية، ومواجهة حالات الشغب داخل وخارج الملاعب مع تكوين فرق لإدارة الأزمات قبل وأثناء وبعد انتهاء المباريات والبطولة، وضرورة التنسيق مع الجهات الأمنية والرياضية المسئولة بالدول المشاركة فى البطولة للحصول على أسماء المشجعين المتعصبين لاتخاذ التدابير الاحترازية حيالهم استنادا لقواعد الفيفا لعدم تضمين قانون الرياضة الداخلى لمثل تلك الإجراءات.

ويحق للدولة اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والأمنية لمواجهة أى محاولات للخروج على القانون داخل أو خارج الملاعب، ورصد ومواجهة أى تحريض أو محاولات للمساس بالأخلاقيات الرياضية بأى وسيلة سواء كانت مقروءة أو مسموعة أو بالوسائل الإلكترونية أسوة بالمتبع فى بطولة أوروبا.

إن المصريين مهيئون للترحيب بأبناء قارتنا الإفريقية السمراء وضيوف مصر، إن الجميع يتحلى بالانتماء والحس الوطنى، والكل يعى المخاطر الأمنية وأعداء الوطن ومروجى الشائعات، وفى النهاية فالتعاون مع تعليمات الأمن، وتعامل الأمن وفق الأسلوب المهنى الأخلاقى يؤدى إلى تكامل منظومة الأمن والسلامة، ويصب فى تحقيق الإنجاز المأمول على كافة الأصعدة.