"الفجر" تكشف أسباب اختيار "بنبان" لإقامة أكبر مشروع للطاقة الشمسية فى العالم

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


مساحته توازى 7 ملاعب كرة قدم

يوفر 2 جيجاوات كهرباء عند تشغيله بالكامل هذا العام.. ويعمل به 32 مستثمراً مصرياً وأجنبياً.. و10 آلاف عامل وفنى ومهندس


اكتسبت قرية مصرية صغيرة تقع على الضفة الغربية لنهر النيل، وتابعة لمركز دراو وتبتعد عن مدينة أسوان 35 كيلو متراً، شهرة عالمية منذ عدة سنوات، وذلك بعد قيام أحد أبنائها بتبنى تجربة قدماء المصريين فى تجفيف الطماطم باستخدام أشعة الشمس، ثم قام بتصدير منتجه إلى الأسواق الأوروبية، خاصة الإيطالية، لتصبح أحد مكونات البيتزا الشهيرة.

وتعتبر طماطم بنبان من الزراعات القائمة على المخصبات الطبيعية للتربة، دون أى مواد كيمياوية، بالإضافة إلى تميز القرية بالطقس الجاف، وارتفاع درجة الحرارة، ما دفع لاختيارها موقعا لمشروع المحطة الشمسية الأكبر فى العالم لتوليد الكهرباء، والتى ستعمل لمدة 25 عاماً تحت مظلة برنامج تعريفة الطاقة.

ووقع الاختيار على القرية وفقا لدراسات وتقارير وكالة ناسا الفضائية، وبدأ العمل بالمشروع عام 2015 طبقا للقرار الجمهورى رقم 274 لسنة 2014، ويقع على مساحة 9 آلاف فدان على الطريق الصحراوى أسوان - القاهرة.

ومنذ شهرين حصل حقل بنبان على الجائزة السنوية لأكثر مشروع تميزاً للبنك الدولى، فى مجال الطاقة على مستوى العالم، وهى المرة الأولى التى تفوز فيها مصر بتلك الجائزة، ما يشير إلى الطفرة التى تشهدها مصر فى مجال الطاقة المتجددة.

وخلال الأسبوع الماضى، شاركت «الفجر» فى زيارة المشروع مع ديفيد مالباس - الرئيس الجديد لمجموعة البنك الدولى، وهى أول زيارة له لمصر ولمنطقة الشرق الأوسط، وذلك بحضور الدكتورة سحر نصر - وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، والدكتورة غادة والى - وزيرة التضامن الاجتماعى، واللواء أحمد إبراهيم - محافظ أسوان.

وجاء المشروع الضخم فى إطار دعم البنك لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تنفذه الحكومة، وخططها لتعزيز دور القطاع الخاص فى تحقيق التنمية، بعد أن وافق فى يوليو 2017 على إقامته وتمويله بقيمة 653 مليون دولار، ضمن القيمة الإجمالية البالغة 2 مليار دولار، وبمشاركة البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، وعدد من الشركات العالمية.

وتستهدف مصر توليد 20% من الكهرباء من الطاقة النظيفة بحلول 2022، ويعتبر المشروع تجمعا أو حقلا لـ4 محطات رئيسية للطاقة الشمسية، و40 محطة فرعية، تنتج طاقة إجمالية قدرها 2 جيجاوات، وذلك بالتعاون مع 32 مستثمراً، منهم مصريون وصينيون وهنود وإسبان وإيطاليين وغيرهم، وسيتم تشغيل المشروع بكامل طاقته خلال هذا العام.

وحتى الآن تم ربط وتوصيل عدد 19 محطة طاقة شمسية من المشروع بإجمالى قدرات 930 ميجاوات بمحطات المحولات بنبان 1 و 2 و 3 و4، منها 16 محطة طاقة شمسية تعمل بشكل تجارى بإجمالى قدرات 780 ميجاوات، وعدد 3 محطات فى مرحلة اختبارات التشغيل، وينتظر تشغيلها تجاريا خلال الشهر الحالى.

وتسبب هذا التجمع الكبير لمحطات الطاقة الشمسية فى تنمية منطقة بنبان بالكامل، وذلك عن طريق تشغيل الشباب من أبناء القرية والقرى والمراكز المجاورة، بالإضافة إلى الاستعانة بعمالة من محافظات الوجه البحرى، حيث يعمل بالمشروع نحو 10 آلاف عامل وفنى ومهندس.

كما نجح المشروع فى خلق حالة من الرواج بمدينة أسوان من حيث إشغالات الفنادق والشقق السكنية، وتأجير السيارات والمعدات ومواد البناء والمقاولات، وتوفير عمالة مدربة فى مجال تركيب محطات الطاقة الشمسية، وبالفعل تم افتتاح فصول متخصصة لدراسة الطاقة الشمسية فى المدرسة الثانوية الصناعية بالقرية، إلى جانب برامج الخدمة المجتمعية التى يقوم بها المستثمرون لخدمة الأهالى.

أوضح المهندس عمرو عوض - مدير الإنشاءات بإحدى محطات المشروع لـ «الفجر»، أنه واجه مشكلة فى البداية تخص ثقافة العمالة، أو عدم وجود الخبرة بمثل هذه المشروعات، بالإضافة إلى عامل الوقت، ولذلك تم العمل من خلال ورديتين أو ثلاث.

وأشار إلى أن مشكلة نقص الخبرة تم حلها من خلال الاستعانة بفريق متخصص من بلغاريا، وبمرور شهرين كانوا قد دربوا العمال المصريين.

وقالت رحاب عبد الفتاح - المدير الإدارى لإحدى الشركات المستثمرة فى المشروع: أعمل فى بنبان منذ يوليو الماضى وأقيم فى أسوان وأسرتى فى القاهرة، خاصة أننا نعمل تقريبا من 15 إلى 20 ساعة يومياً، وتصل درجة الحرارة إلى 56 درجة مئوية صباحاً.

وأشارت إلى أن كان هناك عدم تقبل لوجود العنصر النسائى، لكن تغلبنا على ذلك، لافتة إلى أنه يوجد عدد كبير من القيادات النسائية العاملة بالمشروع، وأغلب المديرات سيدات، مثل مدير المكتب الفنى والدعم والكهرباء والجودة والتسويق.

وأشاد سيرجيو بيمنتا، نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، بمشروع بنبان، واصفا إياه بالمثالى وفقا لمعايير البنك الدولى، من حيث اختيار المكان والكفاءة، قائلا: اليوم رأيت مشروعا لإنتاج الطاقة الشمسية على مساحة توازى 7 ملاعب كرة قدم، ما يوفر لمصر احتياجاتها من الطاقة وبسعر رخيص.

ووضع البنك الدولى معايير فى بداية تنفيذ المشروع، منها أن يتم اختيار الشركات العاملة فى المحطات ممن لها سابق خبرة العمل فى مجال الطاقة الشمسية، وهو ما شكل عقبة أمام الشركات المصرية، ومن ثم كانت البداية من خلال شركات هندية أسندت بعض الأعمال للمقاولين المصريين، الذين أصبحوا مسئولين عن جميع أعمال التركيبات.

ومن بين المعايير وضع تصور لإعادة تدوير المحطات بعد انتهاء صلاحيتها، بالإضافة إلى ذلك أشرف البنك على العمل وشدد رقابته عن طريق جولات ومراجعات تمت على فترات بشكل دورى ومفاجئ.

من ناحيتها أكدت الدكتورة سحر نصر - وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، أن قيام القطاع الخاص بالمشاركة فى مشروعات البنية التحتية يوفر على الموازنة أعباء كبيرة، ويسمح بتخصيص موارد أكبر لبنود مثل التعليم والصحة.

وأشارت إلى أن أولويات وزارة الاستثمار والتعاون الدولى، فى استهداف التمويل من الشركاء الدوليين، ستكون لقطاعى النقل والبنية التحتية.

وقال ديفيد مالباس - رئيس مجموعة البنك الدولى، إن مشروع بنبان يوضح أهمية التعاون الكبير بين البنك ومصر خلال السنوات الماضية، مضيفا أنه منذ 4 سنوات بدأت 20 شركة فى التنفيذ، والآن يوازى المشروع 20% من مساحة واشنطن.

وأوضح أشرف شوقى - المدير التنفيذى لإحدى محطات مشروع بنبان، أن المشروع ينتج 2 جيجاوات من الكهرباء، وهى كمية أكبر مما ينتجها السد العالى، لافتا إلى أن شهر يوليو المقبل سيشهد إنتاج 1.7 جيجاوات.

وأشار إلى وجود عدة صعوبات عند بدء تنفيذ المشروع، أولها قلة الخبرة المصرية فى المجال، وثانيها هو العمل بالنهار مع ارتفاع درجات الحرارة، وتم التغلب على ذلك بالعمل ليلا فى أغلب الأوقات، وكان فبراير الماضى شاهداً على خروج باكورة التيار الكهربائى من المحطات.

وانتهت الشركة المصرية لنقل الكهرباء من إنشاء وتشغيل 4 محطات محولات، وتم استكمال جميع الخطوط لربطها بالشبكة الموحدة.

ويتم تفريغ الطاقة المولدة من المشروع من خلال 4 دوائر تم الانتهاء منها بالكامل، وتتمثل فى الدائرتين 1 و 2 سلوا/بنبان، والدائرة ربط الخزان/بنبان، والدائرة النقرة/بنبان، ولتأمين التفريغ لكامل الطاقة الشمسية المولدة يجرى توسيع محطة بنبان، وربطها بالشبكة عن طريق الخط الهوائى بنبان 3/نجع حمادى الصناعية بطول 195 كيلو مترا.

ويجرى إنشاء وتركيب خلية محول وربطه بشبكة عن طريق إحدى دوائر خط السد العالى/ نجع حمادى، وذلك لتفريغ جزء من القدرات المولدة لحين الانتهاء من توسيع محطة بنبان، كما يتم حالياً أعمال مد الكابلات من محطات الطاقة الشمسية وحتى محطات المحولات، حيث تم إنجاز 95% من أعمال فرد وتركيب واختبار الكابلات لجميع المحطات لتكون جاهزة للربط.

من جانبها قالت المهندسة صباح مشالي- رئيس الشركة المصرية لنقل الكهرباء، إن مصر تتقدم فى تنفيذ استراتيجيتها التى أقرها المجلس الأعلى للطاقة عام 2016، والتى تمتد حتى عام 2035 وتنص على التوازن بين مصادر الطاقة، مشيرة إلى أن مشروع بنبان هو نجاح كبير لهذة الاستراتيجية.