حكاية من 70 عامًا.. خزف "جراجوس" كيف يعيد روح الأواني الفرعونية؟

محافظات

بوابة الفجر


 

ليست مجرد أواني وأطباق وأكواب فخارية تنافس نظيرتها من الفخار والصناعات المستوردة التي تغزو الأسواق التجارية، أو تتزين أمامك بألوانها وحداثة قوالبها، إنما تعيد إنتاج تشكيل الأوانية الفرعونية بذات الطين الأسواني الذي استخدمه القدماء، ليجسد أمامك التاريخ المصري القديم.


 


 

منتجات مصنع خزف "جراجوس" الواقع داخل محافظة قنا حملها"فواز سيدهم" داخل معرض مفتوح للبيع داخل كلية سان مارك في وسط الإسكندرية، فذلك المعرض اعتاد أبناء القرية على تنظيمه منذ ستينات القرن الماضي، لعرض تلك الحرفة على أبناء القرية الساحلية وحكي حكاية المصنع التي تعود إلى نحو  70 عامًا.


 

الحكاية


 

قبل خمسينات القرن الماضي كانت قرية"جراجوس" تعمل جميعها في الزراعة حتى وصل الأب استيفان ديمونجلوفييه وابن أخيه مسيو لوبير  ديمونجلوفييه من فرنسا، ملاحظة الأب استيفان عند وصوله إلى القرية أنها تحتاج إلى تنمية، لعدم وجود شبكات كهرباء ومياه وطرق في ذلك الوقت، كما يروي فواز لـ"الفجر".

"الأب استيفان" عقب الانتهاء من إنشاء مستوصف خيري لعلاج الأهالي ومدارس للتعليم ضمن مدارس الأب عيروت، بدأ التفكير  في إدخال مهن حرفية تعلم أبناء القرية، بقوله"ملاحظة الأب استيفان أن القرية بجوار محافظة الأقصر، وأن أقرب شئ للقرية استغلال حرفة الفراعنة في صناعة الفخار التي صنعها القدماء داخل القرية".

في عام 1955 بدأ مصنع جراجوس بالعمل عقب الاستعانة في ذلك الوقت بشيخ المعماريين "حسن فتحي"، لكي يبدأ في بناء المصنع ووضع تخصصاته، مضيفًا "المصنع بناه بنظام قببي، ومن طينة البلد، بطرق تناسب الطبيعة الجافة".


 

السر


 

تلك المنتجات ليست مجرد أواني فخارية، إنما يكمن السر في أنها تحافظ على التراث المصري، لمحاكاة أشكالها وألوانها الفن الفرعوني"احنا بنرسم نفس رسومات المعابد الفرعونية مثل العصفورة والسمك على الأطباق، فهي كلها من البيئة"، كما يضيف"فواز".


 

كما أن منتجات جراجوس تعد علامة تجارية شهيرة لدى الزبون، خاصة عقب معرفتهم الفرق بين الصناعة اليدوية والمستوردة، بقوله "هناك عميل يقول لي، أنا لا أستطيع أن أفوت معرض جراجوس في إسكندرية"، ويؤكد"فواز": "استمراريتنا دليل على شغلنا المميز حتى هذا العام رغم انتشار مصانع الفخار في الغربية".


 

تحدي

"فواز" يذكر أن المصنع قد انتظم في صناعة الفخار اليدوي حتى شهد أول منعطف يصاب به وهو هجرة هؤلاء الآباء من مدرسة الجيزويت في ستينات القرن الماضي الذين دعموا المصنع، مضيفًا في ذات الوقت "قبل مغادرتهم، أرادوا استكمال الجوانب القانونية لتلك المشروع، بشركة ثابت لبيب، حتى أنهوا الإجراءات".

"فواز" يعد الجيل الأول من الأبناء المؤسسين لمصنع"جراحوس" وهم"ثابت"، "يوسف"، "نعيم"، "جرجس"، متحدثًا أنه رغم الخلافات العائلية التي تقع داخل المصنع، وربما كانت في فترات تهدد من استمراريته، إلا أن الجيل الأول حريص على الاستمرار في مسيرة الآباء.

كما أن المصنع يعمل بطاقة إنتاجية بعدد 10 عمال فقط بسبب عزوف أبناء القرية عن صناعة الخزف بقوله "الشباب عايز المكسب الأكثر والأسرع".

العالمية

"المهنة لن تندثر" هكذا يرى "فواز" مستقبل حرفة الخزف رغم الصعوبات الاقتصادية، بقوله "رواج صناعة الخزف في زيادة لقيمة الفخار وجراجوس"، كما أن المصنع يقيم معرضين كل سنة في شهر مايو في الإسكندرية، في شهر ديسمبر في القاهرة، وتوزيع المنتجات على أصحاب البازارات.


 

لكن المصنع كما يقول"فواز" أخذ سمعة عالمية بسبب وضع مصنع جراجوس ضمن قوائم برامج السياحة إلى الصعيد، مذكرًا "في أواخر الثمانينات زار مصنع جراجوس ملك السويد"، كما أن هناك تجار يبيعون تلك المنتجات إلى الخارج مباشرة من خلال قواعدهم التجارية.

العمل


 

العمل داخل المصنع كما يصف "فواز" يسير وفق آلية محددة من حضور الطين الأسواني الأحمر الغني بأكسيد الحديد وهو نفس الطين الذي استخدمه القدماء المصريين في تشكيل أوانيهم الفخارية، كما أنه يتم تقسيم العمل من حضور الطين وتجفيفه، وتشكيل الخزف، ثم تركه ليجف والذهاب للحريق لنحو 980 درجة وإكمال التركيب.


 

أشهر ما ينتجه المصنع هو أطقم الشاي والقهوة والأواني الخزفية ومغارات عيد الميلاد والتماثيل التي تحاكي القرية المصرية الصعيدية.