منال لاشين تكتب: الزعيم والهانم

مقالات الرأي



عشقت صفية سعد زغلول وظلت تضع ورداً على قبره لمدة ربع قرن

كان عدم الإنجاب مأساتها وإدمان سعد للقمار أزمتها


لم يعرف تاريخ مصر السياسى الحديث قصة حب مشتعلة وملتهبة مثل قصتهما أو بالأحرى قصتها. هى صفية زغلول سليلة طبقة الأتراك الحكام الأثرياء، والدها أول رئيس نظار (رئيس الحكومة) فى تاريخ مصر.. هى عشقت سعد زغلول ابن الأصول الريفية حتى لو كان ثريا. هى عشقت سعد محاميا حين كانت المحاماة مهنة تشين صاحبها، حتى قيل إن سعد أنقذ سمعة المحاماة.

حين تزوج سعد زغلول صفية كان ثريا ويملك نحو 400 فدان وثروة. ولكنها كانت تملك الثروة والحسب والنسب.وبزواجه منها انضم سعد لطبقة كريمة المجمتع والنخبة الحاكمة.

فى بداية زواجهما عاشا سعد وصفية فى بيت والدها وكان سعد يدفع عشرة جنيهات (وهو مبلغ كبير بحساب هذا الزمان) لحماه، ويبدو أن سعدا ذو الأصول الفلاحية لم يكن مستريحا لهذا الوضع، لأنه يذكر فى مذكراته باللحظة والساعة مغادرته بين حماه إلى منزله الخاص.

وقد تكلف منزل الزوجية اكثر من 4000جنيه وهو ما يعادل ثمن 20 فدانا فى ذلك الوقت. وهو المنزل الذى يطلق عليه الآن بيت الأمة. والذى عاشا فيها صفية وسعد، ثم دفن سعد فى حديقة المنزل بناء عن طلب صفية زغلول.

لم يعكر صفو صفية زغلول فى زواجها سوى عدم الإنجاب.فقد كانت تخشى أن يتزوج سعد ذو الأصول الريفية عليها ليأتى بالوريث. وفى مذكراته يذكر سعد مرة بالفعل أنه فكر فى الزواج من فلاحة لينجب منها ذكورا، ولكن سعد قال إنه لا يعلم إذا كان هذا الأمر حلما أو واقعاً. ولا يأتى ذكر الإنجاب او بالأحرى عدم إنجاب صفية أولاد فى مذكرات سعد.

ولكنه الأزمة التى زلزلت حياتهما معا تتردد كثيرا فى مذكراته لم تمر عليهما بسهولة.فعندما أدمن سعد زغول القمار غضبت صفية، وكانت أغلب خناقاتهما بسبب رغبة صفية فى إقلاع سعد عن القمار الذى خسر فيه معظم ثروته.وعد سعد صفية أكثر من مرة بالتوقف عن القمار، ولكنه لم يستطع فى معظم المرات الوفاء بوعده، ولهذا تكررت الخلافات بينهما، ولم تكن صفية تعترض على لعب القمار من حيث المبدأ، فقد كانت تلعب معه فى السفر لأوروبا أو خلال سهرتهما معا فى المنزل.

وعلى الرغم من عشقها لسعد لم ترض صفية أن يدير سعد كل ميراثها، وطلبت منه منحها 50 جنيهاً شهريا مصروف من الميراث.

ولكن عشق صفية لسعد ووطنيتها الطاغية ظهرت بعد موت سعد.فقد فتحت بيتها لزعماء الوفد من رفقاء سعد، وكان لها نشاط سياسى وطنى بارز حتى إن رئيس الوزراء هدد باتخاذ إجراءات ضدها.وكان زعماء الوفد يلجأون لها طلبا للمشورة فى محاربة الاحتلال البريطانى. وأطلق عليها الطلاب أم المصريين وعلى بيتها بيت الأمة.

وربما لا يعلم الكثير من النساء أن صفية زغلول هى أول سيدة مصرية تنزع النقاب عن وجهها لتعلن بذلك زمان جديد للمرأة.

أما عن عشقها الوحيد، فقد ظلت تزور قبر سعد يوميا وتضع عليه الزهور قبل أن ينقل إلى بيت الأمة، وعندما نقل إلى بيت الامة جعلت سريرها يواجهه القبر حتى تشعر أن سعد معها دوما.