كيف تصبح مليارديرا فى عام؟

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


نصاب ينظم دورات "بلاى ستيشن" وهمية ويجمع 400 مليون من الشباب


للنصب والغش أوجه كثيرة، يتخفى وراءها الانتهازيون، مستغلين شغف الضحية تجاه ما يروجون له من كذب وادعاءات، فتارة يروج النصاب لضحاياه قدرته على مضاعفة أموالهم فى فترة قصيرة، وتارة يوهمهم بإشباع رغباتهم، التى قد تكون مرتكزة فى الأساس على لعبة إليكترونية، وبين هذا وذاك يتورط العديد من الساعين وراء تحقيق حلم الثراء السريع.

هذا بالضبط ما حدث، بمجرد إعلان إحدى الصفحات الموجودة على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، تحمل اسم «XTEAM EGYPT»، عن تنظيم دورة فى «البلاى ستيشن»، استهدفت من خلالها جمع الشباب من رواد «السوشيال ميديا»، لتحقيق أموال طائلة، مقابل الاشتراك فى الدورة فقط.

ألعاب أجهزة الـ«بلاى ستيشن»، هى الأكثر انتشاراً بين الشباب، لذا، استغل أحد رجال الأعمال سعى الملايين وراء الاشتراك فى مثل هذه الدورات، وطلب من الشركات التى تدير بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى، أن تنشر إعلانا ممولا عن تلك الدورة، التى يزعم تنظيمه لها خلال الفترة المقبلة.

«الفجر» قررت التحقق من الأمر، والاقتراب من بيزنس دورات «البلاى ستيشن»، لمعرفة أرباحه والقائمين عليه، علاوة على أساليبهم فى إقناع الشباب بخوض تلك التجربة والانضمام إليهم.

البداية كانت بمقابلة مع أحد الشباب، اسمه «محمود.ص»، ادعى علاقته برجل أعمال، يسعى لتنظيم دورة خاصة لـ«البلاى ستيشن»، وحاول ذلك الشاب إقناعنا بالانضمام إلى فريقه، المكلف بإقناع الشباب المستهدف بالانضمام للمسابقة.

على الفور، أبدينا موافقتنا على عرضه، وطلبنا منه معرفة تفاصيل المسابقة، حتى نكون ملمين بكل شيء، وجاهزين للرد على استفسارات الراغبين فى الاشتراك.

أوضح محمود أن هناك رجل أعمال كبيرا، كان يعمل فى الخارج، وأتى إلى مصر مؤخرا، من أجل تنظيم أكبر دورة فى «البلاى ستيشن» بالشرق الأوسط، ثم طلب منا ذلك الشاب أن نذهب لأحد أصدقائه أعضاء الفريق المروج لتلك الدورة، وبالفعل انتقلنا إلى لقائه داخل منزله، وبمجرد سؤالنا عن المسابقة لمعرفة تفاصيلها، تظاهر بأن لديه موعدا آخر، وطلب منا تأجيل الحديث لأن لديه موعدًا مهمًا وعليه أن ينصرف.

علمنا بعد بحث وراء رجل الأعمال وشبكته، أنه مؤجر شقة، يطلق عليها «شقة الأحلام»، وتتم مقابلة الشباب داخلها، حتى يستطيع إيهامهم والتأثير عليهم، مستغلا فى ذلك التطور التكنولوجى الرهيب الموجود فى بعض محتواياتها، مثل سلة المهملات المتحركة، التى تسير فى مسار مخصص لها، حتى لا يضطر الشخص الجالس فى أى مكان بالشقة إلى القيام من مكانه لإلقاء القمامة. ليس ذلك فحسب، بل يتم أيضا فتح باب الشقة بطريقة أوتوماتيكية من الداخل –بحسب وصف أحد الشباب-.

وأكد لنا الشاب، أن رجل الأعمال «النصاب» يعطى وعودا لهؤلاء الشباب الذين يعملون معه، أن كل فرد منهم سيحصل على مليون جنيه، حال استطاعته تجميع العدد المكلف به من المشتركين، وذلك لإقناعهم بجمع أكبر عدد من المشتركين مقابل هذا المبلغ الكبير، الذى يعتبر عنصر جذب لأى شاب فى بداية حياته، وخاصة المراهقين منهم.

هذا النوع من المسابقات يعتمد فى المقام الأول على استقطاب أكبر عدد من المشاركين، عبر موقع التواصل الاجتماعى، أو من خلال الشباب الذين يتم إقناعهم للترويج للمسابقة، ليتولوا بأنفسهم إقناع غيرهم بالمشاركة فى المسابقة أيضاَ، وهكذا.. حتى يتم الوصول للعدد المطلوب وهو 2 مليون مشارك.

تواصلنا من جديد مع شاب آخر، يدعى «محمود.ع»، أحد الشباب الذين قابلهم رجل الأعمال، قال لنا محمود: بصراحة أنا بشك فى الراجل ده –النصاب- والمجموعة اللى معاه، خصوصا بعد ما طرحت عليه عدة أسئلة ولم أجد منه إجابة مرضية عليها، كـ«هل تم توفير مكان للدورة يستوعب 2 مليون مشترك؟»، وكانت الإجابة أنه ما زال يبحث عن مكان مميز لذلك.

وأكد محمود لـ«الفجر» استحالة وجود مكان فى مصر يستوعب هذا العدد الضخم، مضيفا: «وكمان لما سألته عن التذكرة الخاصة بالمشتركين؟، قال مفيش تذاكر دلوقتى، قولوا للناس إن فيه دورة بلاى ستيشن وهم هيدفعوا على طول.. متقلقوش».

وتابع: وبسؤاله عن موعد الدورة؟ أجاب بأن الموعد سيتحدد بعد جمع العدد المتفق عليه من المشتركين، خاصة أن رجل الأعمال أبلغهم بأن قيمة الاشتراك تبلغ 200 جنيه، يتم دفعها عن طريق التحويل البنكي، أو عن طريق خدمة «الكاش» التابعة لإحدى شركات المحمول، وبذلك يكون الضامن للمتسابق هو إيصال التحويل البنكي، أو الرسالة النصية التى تفيد بتحويل المبلغ، ولا شىء غير ذلك.

وفيما يتعلق بالتمويل اللازم لإقامة دورة لهذا العدد الضخم من المشاركين، أشار محمود إلى أن رجل الأعمال لا يملك أى مبالغ فى الوقت الحالى لإقامة الدورة وشراء التليفزيونات وأجهزة البلاى ستيشن اللازمة لذلك، علاوة على أنه يسعى باحثا عن راعى لهذه الدورة، ليتكفل بكل مصاريفها، من بدايتها وحتى انتهائها.

محمود أوضح أيضا، أن كل ما سبق جعله يشك فى كون هذا الشخص محتالا، يسعى إلى النصب على المشاركين، خاصة أنه يسعى لجمع أكبر رقم ممكن من الأموال، قبل مغادرته للبلاد هارباً، هذا ما لمسته شخصيا، خاصة بعدما تأكدت أن كل ما يقال لنا مجرد أوهام، حتى نحقق لرجل الأعمال ما يريد، عن طريق اللعب بأحلام الشباب، فى كسب المال بأقل مجهود.

لم نكتف بذلك فقط، بل تواصلنا أيضاً مع «أحمد.ف» أحد الشباب المكلفين بتكوين فريق لتجميع المتسابقين، وعلمنا منه أن رجل الأعمال كون فريقًا من 20 شاباً وفتاة، وطلب من كل واحد منهم تكوين فريق مكون من 100 فرد، على أن تكون مهمة كل عضو من أعضاء الفريق هى تجميع 1000 مشترك للمسابقة.

وذلك يعنى، أنه لو كل فرد من الفريق الأساسى التابع لرجل الأعمال استطاع تجميع ما طلب منه، ستكون حصيلة كل فرد هو 100 ألف مشترك، وبذلك تكون حصيلة الفريق هى 2 مليون مشترك، ومع قيمة الاشتراك المطلوب، يصبح الناتج الكلى فى الحساب البنكى لرجل الأعمال هو 400 مليون جنيه، دون أن يبذل أى مجهود.

أحمد أضاف أيضا أنه وجه عدة تساؤلات لرجل الأعمال عن الدورة من خلال الجروب الخاص بهم على «واتس آب»، ولم يلق منه إجابة، وفوجئ بعدها برجل الأعمال يتصل به هاتفياً ويبلغه أنه يود مقابلته فى اليوم التالى بإحدى المقاهى الشهيرة بمنطقة المهندسين، وذلك بعدما استطاع إثارة الشكوك حوله، عندما طرح عدة أسئلة وفشل رجل الأعمال فى الإجابة بشكل واضح عليها.

وبالفعل، ذهب والتقى به هناك، وأخبره أنه أوشك على الانتهاء من إبرام عقد مع إحدى الشركات الشهيرة لرعاية الدورة، فى محاولة منه لإقناعه بالدورة وجعله يصمت عن إثارة البلبلة على الجروب -على حد قوله-، وأثناء اللقاء أخبره بأنه سوف يعطى له 2 مليون جنيه، بعد الانتهاء من جمع المتسابقين، مقابل قيامه بتحفيز الفريق المختصين بجمع المشاركين للدورة، وطلب منه تجميع العدد المتفق عليه وسوف يعطى له نسبة أكبر من رفاقه.