أردوغان يختلق تهمة تجسس للتغطية على خسارته الانتخابات وترنح الاقتصاد

عربي ودولي

 رجب طيب أردوغان
رجب طيب أردوغان


اختلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تهمة التجسس التي ألصقها بمواطنين من دولة الإمارات العربية المتحدة، للتغطية على خسارته المدوّية في الانتخابات المحلية التي أجريت في تركيا في 31 مارس الماضي.

كما يأتي اختلاقه لهذه التهمة لتشتيت الانتباه عن ترنح اقتصاد بلاده الذي يعاني بشدّة تحت وطأة الأزمة التي عصفت به منذ أكثر من عام، وتشكل تهديداً لشعبيته وسلطته وامتيازاته.

ويندرج الاتهام المزعوم في سياق مساعي أردوغان وحكومته للإيحاء أنّ تركيا تتعرض لمؤامرات داخلية وخارجية من أجل زعزعة اقتصادها واستهدافه، وفي محاولة منه للتملص من مسؤولية الأزمة التي قاد البلاد إليها نتيجة تعنته وعدوانيته تجاه معارضيه ومنتقديه.

كما أنّه يحاول من خلال اختلاق تهم مفتعلة إلقاء اللوم على الآخرين، وتحميلهم أوزار سياساته وممارساته الخاطئة، وإيجاد تبريرات واهية أن هناك متآمرين دائمين يتربصون به وباقتصاد بلاده.  

ويحرص أردوغان على تشتيت الانتباه عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في تركيا، بانتقادات مختلقة، كانتقاده الخميس، وسائل الإعلام الغربية، وإشارته بالتحديد إلى صحيفة فاينانشيال تايمز، وذلك على خلفية تقرير بشأن حالة الاقتصاد التركي.

ويحترف أردوغان الهروب إلى الأمام، من خلال توجيه التركيز الإعلامي على قضايا بعيدة عن اهتمام المواطن التركي الذي يرزح تحت أعباء الحياة اليومية وارتفاع الأسعار.

ويوجّه أردوغان الذي اعتاد على الابتزاز السياسي، هذه المرة سهامه باتجاه دولة الإمارات العربية المتّحدة، ويدير الهجوم عليها بعد أشهر من الهجوم على السعودية، من دون أن يحقق شيئا مهما في قضية خاشقجي. 

ولا يفوّت أردوغان حادثة داخلية أو خارجية إلّا ويقوم بتوظيفها في إطار الدعاية له ولحزبه، ولاسيما استغلاله المتجدّد للإسلاموفوبيا لإثارة العنصرية والكراهية ضد الآخرين في الوقت الذي يزعم دفاعه عن الإسلام والمسلمين.

وكانت حادثة المسجدين في نيوزيلندا أكبر دليل في الآونة الأخيرة على استغلال أردوغان للكراهية لبث خطابه العنصري، ومتاجرته بشعارات الدين وتجييره لصالح دعايته الانتخابية، وإن كان على حساب تهديد آخرين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وزعم أردوغان حينها أن منفذ هجوم نيوزيلندا كان يستهدفه بشكل شخصي، وذلك للعب على وتر العاطفة الإسلامية والدينية والعنصرية لدى أنصاره والمسلمين في أكثر من مكان.

وزعمت السلطات التركية في إسطنبول أنها ألقت القبض على "مواطنين إماراتيَين للاشتباه بتجسسهما لحساب استخبارات بلدهما وهي تحقق في احتمال علاقتهما بقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي"، على ما أفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية الجمعة.

وفي تعليقه على هذه التهمة صرّح الكاتب السعودي غازي الحارثي لموقع أحوال تركية: "جاءت الانتخابات البلدية التركية مباشرةً بعد قضية خاشقجي، والقس برانسون وتدهور العلاقات مع واشنطن، ومع ذلك تلقى خسارة كبيرة، وهذا يعني أن سياسة الهروب الى الأمام وافتعال الأزمات لن تجمّل الصورة الداخلية القاتمة لأردوغان."

وأضاف الحارثي في تصريحه: "أن القضية شبهة وليست تهمة، ولاسيما أنها تأتي في وقت لم تزل معه آثار تهديدات وزير الداخلية التركي ضد السياح الخليجيين على وقع تطورات قضية خاشقجي الأخيرة، وحملات مقاطعة السياحة إلى تركيا."

ويأتي هذا الإعلان بعد أكثر من ستة أشهر على قتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، وفي وقت لم تنطلِ فيه الاتهامات التركية على الغرب، ولاسيما بعد إعلان السعودية عن محاكمة المتهمين بجريمة مقتل خاشقجي، ما سحب ورقة الضغط من يد أردوغان وحكومته.

وذكرت وكالة أنباء دوغان التركية أن المشتبه بهما سلما للسلطات القضائية بعد استجوابهما.

ورفض مسؤول تركي رفيع المستوى الإدلاء بأي تعليق ردا على سؤال وكالة فرانس برس بشأن هذين التوقيفين.

وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرات عدة أنه لن يتخلى عن التحقيق في قتل خاشقجي، منتقدا نقص التعاون من السلطات السعودية.

ويشير مراقبون للشؤون التركية أنّ الرئيس التركي أردوغان لن يتوانى عن افتعال أي مشكلة من أجل تكريس سلطته الاستبدادية، وأنه يحاول الانتقام ممن لا يناصره أو ينقاد لإملاءاته من الأتراك، ولاسيما بعد معاقبة أبناء إسطنبول وانقرة وغيرهما من المدن التركية الكبرى له ولحزبه بسحب الثقة منهما وانتخاب مرشحي المعارضة لرئاسة البلديات فيها، وخشيته المتفاقمة من فتح ملفات الفساد فيها، والتي من شأنها أن تورّطه وتورّط مقرّبين منه وتظهر حقيقتهم للمواطنين الأتراك.

كما يرى مراقبون بأن أردوغان الذي اعتاد اختلاق أعداء وهميين في خطاباته النارية بأمس الحاجة اليوم لإلهاء الرأي العام الداخلي بوجود عدو خارجي يتربص بالبلاد ويتجسس لصالح أنظمة ودول بعينها، ولتشتيت التركيز  الإعلامي المحلي وإلهائه عن تحليل حقيقة خسارة العدالة والتنمية للبلديات، وما سيتبع ذلك بفتح ملفات فساد قد تأتي على ما تبقى من سمعة حزبه، والإيحاء بأن خسارته كانت نتيجة مؤامرات لا بناء على فشل سياساته عبر أكثر من 17 سنة من حكمه.