ريم محمود تكتب: طارق شوقي وصراع "العوار المجتمعي"

مقالات الرأي

ريم محمود
ريم محمود


يتردد كثيرا على ذهني سؤال محير؛ هل بعد أعوام من الآن سيظل الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم يتلقى هذه الحالة من الهجوم أم الشكر؟

 يقول صاحب أقدم فندق في البر الغربي بمحافظة الأقصر وهذا الفندق الذي يتردد عليه وزراء من دول العالم المختلفة أنه ذات يوم جاء عنده وزير التربية والتعليم البلغاري السابق ويدعي "سيرجى" وفِي إحدى السهرات، قال الوزير إنه كان يتلقى هجوم واسع من الشعب مع بداية تنفيذ نظام جديد للتعليم، هذا الهجوم كان يصل إلى الحد الذي يرعبه من الخروج من مكتبه ولكن بعد سنوات من استقرار النظام والعمل على معالجة مشكلاته ورصد سلبياته وإيجابياته واستقرار الأمر، بدأ الوزير يستقبل كل كلمات الشكر من الشعب البلغاري حتي أنه أصبح أهم وزير في بلغاريا بعد تجربته هذه التي استطاع من خلالها تغيير العقول، ونتيجة لهذا الأمر تم الاستعانة به في دولة أخرى وهي دولة ليتوانيا حتي يقوم بتطبيق نظامه هناك.


فى رأيي الشخصي، أن الشعب المصري هو أذكى شعب في العالم ولكن فكرة التغيير دائما تكون مرفوضة وتقابل بمهاجمة كبيرة تحت سياق المثل الشعبي الشهير "اللي تعرفه أحسن من اللى متعرفوش" على الرغم من أنه يوجد احتمالات كبيرة في أن يكون "اللي متعرفوش أحسن بكتير من اللى تعرفه.. بس جرب"، هذا هو  العَوار الذي أظهره النظام التعليمي الجديد في الشعب المصري، رفض دائم لكل القرارات.. مهاجمة لتطبيق الثانوية المعدلة.

 سيطرت الدرجات علي أذهان الطلاب وأولياء الأمور لدرجة أن الوزير خلال الأيامً الماضية سرد خلال مؤتمر صحفي له قصة عن ولية أمر اتصلت به في الواحدة صباحا لتقول له إن امتحان العربي بالصف الرابع الابتدائي به خطأ وبهذا مستقبل ابنها قد أوشك علي الانهيار وعدم حصوله علي الدرجة المرغوبة حتي قال الوزير حينها: "حقيقي صعب عليا، للدرجة دي ثقافة الدرجات مسيطرة علي أولياء الأمور والطلاب".

في أحد الجلسات التعليمية كانت تحكي ولية أمر تقول: "ابني مش عايز يذاكر.. عايز طول الوقت يلعب كورة وأنا حرمته منها وقولتله لو مذاكرتش وجبت مجموع مش هخليك تلعب كورة تاني"، في قصة أخرى وحديث بين أم وابنها في إحدى المواصلات حتي سمع الجميع ما دار بينهم تقول: "ذاكر علشان تجيب مجموع وتدخل إعلام"، ليرد عليها ابنها أثناء المشاجرة: "إعلام لا .. قولتلك مبحبهاش أنا بحب الحقوق وهدخلها حتي لو جبت مجموع كبير".

هذا هو العوار المجتمعي الذي أظهره نظام طارق شوقي، سباق حول الدرجات التي دون جدوى، جدل حول كليات القمة التي أصبحت الآن وهم، دون النظر الي ما يحبه الطالب حتي ينتج فيه ويستفاد منه الوطن.


عزيزي ولي الأمر هل تعلم أن نماذج كثيرة مشهورة ومؤثرة حولنا  لم تكن ذات مجموع كبير في الثانوية العامة، محمد صلاح لاعب المنتخب الوطني وليفربول حصل على شهادة الدبلوم الفني بمجموع 52.8%، رمضان صبحي لاعب المنتخب الوطني 60.98%.

طبيب الغلابة كما يطلقون عليه الدكتور هاني الناظر قال في احدي حواراته الصحفية :"التحقت بمدرسة الفسطاط، ورغم تفوقى حصلت على مجموع ٦٥.٥٪ وهو ما يقل عن الحد الأدنى لدخول كلية الطب، الذى كان ٦٦٪، لذا لم التحق بالطب بل بكلية الزراعة جامعة القاهرة، وكنت من المتفوقين فيها، وكان من زملائى فى الكلية الفنان عادل إمام، الذى كان يدرس فى الصف الرابع، والفنانة محسنة توفيق وغيرهما..  عندما تخرجت فى كلية الزراعة بالجامعة التحقت بالقوات المسلحة كأحد ضباط الاحتياط، ومنها حصلت على درجة البكالوريوس فى العلوم العسكرية، وشاركت بعد تخرجى منها فى حرب أكتوبر بدرجة ملازم. ولما خرجت من الجيش برتبة نقيب، قررت أن أستكمل حلمى، فالتحقت بكلية الطب جامعة عين شمس".


كثيرا من شباب الإعلاميين مؤثرين ولهم بصمة واضحة في مجال الإعلام، الإعلامي أحمد خيري مذيع برنامج حال بلدنا علي راديو ٩٠٩٠ والآن يقدم برنامج صباح الورد وكان يتولي منصب متحدث التربية والتعليم بمدة عام كامل لم يكن خريج كلية قمة حيث تخرج من كلية آداب إعلام عين شمس، ويقول خيري إنه كان حاصل علي ٩٣٪؜ في الثانوية العامة ودرس مجال الإعلام لأنه يحبه، مؤكدا أن أسرته لم تضغط عليه في أن يكون خريج كلية قمة وكانوا حريصين علي أن يقوم بدراسة ما يحبه وهذا ساعده كثيرا في مستقبله.

مذيع الراديو المشهور خالد عليش والمشهور بشخصية "ليشع" والذي له شعبية كبيرة بين الشباب كان يقدم البرنامج المشهور عبر الراديو "معاك في السكة" والآن يقدم برنامج "سبعة عالمحطة"، خالد عليش  يقول إنه لم يعمل في المجال الذي تخرج منه فهو خريج كلية هندسة بمجموع ٩٥٪؜، يضيف أيضا أنه نجح في مجال الإعلام رغم أنه خريج هندسة قائلا: "اعمل الحاجة اللى انت بتحبها هتقدر تنتج فيها".

في حوار نادر سجله المطرب عمرو دياب منذ ٣٦ عام مع الإعلامية فريال صالح، قال إنه  كان في الثانوية العامة، وكان يرغب في الالتحاق بمعهد الموسيقي ولكن مع الأسف كان باب التقديم أغلق، لهذا قدم في معهد تجاري، وبعد ذلك عاد مرة أخرى وقدم في معهد الموسيقى.. الآن عمرو دياب هو أشهر المطربين المصرين على مستوى العالم.