"على أمل العودة لحضن أهلي".. في يوم اليتيم حكايات "أيتام" يبحثون عن عائلتهم

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


"لم يستدل عليهم حتى الآن" عبارة تعبر عن حال مئات من الأطفال الذين يبحثون عن عائلاتهم، بعد أن فقدوهم إما بسبب حوادث الخطف أو الفقدان وغيرها من العوامل، فلم تعد أعينهم ترى الحياة الإ من خلال دور الأيتام، التي أصبحت ملجأهم الوحيد حتى الأن.

وبرغم اختلاف المكان والزمان وسبب فقدان العائلة، الإ أن القدر جمعهم في رحلة واحدة يلقون نفس المصير وهو "اليتم" ولكن هناك عامل واحد مازالوا يشتركون فيه، وهو التمسك بالأمل في العودة لأحضان أسرهم مرة أخرى، حتى لو تطلب الأمر سنوات من البحث.

8 مليون طفل سنوياً
لا توجد إحصائيات دقيقة حول معدلات اختفاء الأطفال ولكن التقديرات التي صدرت خلال 2016،  أكدت أن عدد الأطفال المفقودين يصل إلى 8 ملايين طفل سنويًا على مستوى العالم، أما على المستوى المحلي تشير الأرقام إلى 1860 حالة اختفاء لأطفال مصريين خلال عام، بمعدل يصل إلى 5 حالات يوميا

رحلة "بوسي" من متسولة إلى طالبة بكلية التجارة تبحث عن عائلتها
لم يكن فيلم العفاريت للكاتبة ماجدة خير الله، الذي تبنى قضية مافيا اختطاف الأطفال عام 1990م، مجرد بدعة من الخيال، ولكنه حقيقة يدفع ثمنها شباب في عمر الزهور، وأسر يتم تمزيقها وتنهار بعد فقدان أبنائهم، ويظل بعض الأهالي على أمل عودة أطفالهم لأحضانهم مرة أخرى.
تناول الفيلم قصة اختطاف ابنة مذيعة للأطفال مشهورة، انتقاماً من والد الطفلة، الذي قتل شقيق الخاطف خلال مطاردة من أجل شحنة مخدرات وتسليمها للمعلمة "كاتعة" التي تدير عصابة إجرامية تستغل الأطفال في أعمال السرقة والتسول، وعقب اكتشاف المذيعة مكان الطفلة تموت الزعيمة دون الإفصاح عن ابنتها الحقيقة وتظل المذيعة حائرة بين الطفلة "بلية" والطفلة "لوزة".

حكاية الطفلة "بلية" أو "لوزة" تجسدت على أرض الواقع عام 1993م، حينما قررت عائلة الطفلة "بوسي" اصطحابها برفقتهم إلى مقابر في منطقة "كرموز" بالإسكندرية.

ألبست الأم الطفلة فستانها الأبيض الممزوج باللون الزهري، وربطت شعر رأسها "ديل حصان"، وزينت يد طفلتها بأساور من الذهب، وذهبوا جميعاً إلى المقابر لزيارة قبر أحد أفراد العائلة.

لم تكن تعلم الأم أن تلك الليلة هي الأخيرة لها برفقة ابنتها "بوسي" التي كانت تبلغ من العمر حينها عام وبضعة شهور، لتختفي، وبعد عقدين من الزمان تعود الطفلة بعد أن أصبحت شابة  لتبحث عن عائلتها مجدداً.

القصة بدأت كما روتها صفحة "أطفال مفقودين"، أنه تم خطف الطفلة "بوسي" من منطقة مقابر بكرموز في الإسكندرية، وكانت حينها ترتدي في يدها أساور ذهبية، وكانت ثيابها عطرة ونظيفة للغاية تدل على أن الطفلة تنحدر من أسرة ميسورة الحال، وهو ما طمعت فيه عصابة الخطف.

على مدار سنوات طويلة استخدمت العصابة الطفلة "بوسي"، بعد أن استخرجوا شهادة ميلاد مزيفة لها، في عمليات تسول بالشارع والموالد، والأماكن المزدحمة بأوقات المواسم والأعياد، فكانت تجني لهم ملامحها البريئة الكثير من الأموال.

ولكن لم تسلم تلك الملامح البريئة مخالب هؤلاء المجرمين، حيث تعرضت الصغيرة للضرب المبرح والتعذيب ما تسبب لها علامات بوجهها وأجزاء من جسدها.

تواصلت "الفجر" مع "بوسي" لتتبين من صحة القصة المنشورة، وأجابت بأن قصتها  المنشورة حقيقية، موضحة أن شقيقة السيدة التي خطفتها اعترفت لها بأنها ليست ابنتهم، وأنه تم اختطافها، كما اعترف لها أبناء السيدة بعد القبض عليها ، أنها ليست أختهم وعندما سألوا الأم الخاطفه عن تلك الطفلة حينها أجابتهم بأنها ابنتها وتركتها عند أقارب لها منذ زمن ثم عادت لأخذها.

"أبناء السيدة تركوها في دار رعاية للأيتام عندما علمت بالحقيقة".. هكذا أكملت بوسي حديثها". متابعة أنها تربت بالدار والتحقت بالتعليم، حتى بلغت عمر العشرين وهي تدرس حالياً بكلية التجارة انتساب، بجانب أنها تزوجت وحامل حالياً في مولودها الأول.

واختتمت: "أنها نشرت صورتها وهي في صغرها لأنها ترغب في التعرف على عائلتها، لأنها اشتاقت لهم، وتريد التعرف عليهم لتخبرهم أنها حية بعد 25 عاماً من الفراق، فهي لا ترغب أن تظل مجهولة الهوية".





"أحمد" بطل الجمهورية في الكيك بوكسينج يبحث عن عائلته بعد 14عاماً 
في 29 نوفمبر 2006، امتلأت جميع الصحف، بنبأ القبض على "رمضان عبدالرحيم منصور" الشهير بـ"التوربيني" بعد تزعمه عصابة لاغتصاب أطفال الشوارع وقتلهم وإجبار الأطفال على التسول، حيث قتل ما يزيد على 38 طفلا بعد اغتصابهم بمشاركة عصابته المؤلفة من: «بقو» و«حناطة» و«السويسي» و«بزازة» و«شعيشع» و«الجزار» وبعض المساعدين الآخرين.

عقب يومين من تلك الحادثة وتحديداً في 1 ديسمبر 2006، تم العثور على أحمد محفوظ بمحطة شبرا الخيمة، ولم يتعرف أحد عليه، إذ كان يبلغ من العمر حينها 3 سوات، فتم إيداعه في "دار آل صادق للأيتام" بمنطقة المطرية، وما زال مقيم بها حتى الأن.

تربى "محفوظ" في الدار مع زملائه من الأطفال، ولم يكن يتذكر شيئاً عن أسرته، ولكن هناك حلم واحد ظل الطفل يحلم به الأ وهو "إيجاد عائلته"، فظل يتمسك بأمل عودته إلى الأسرة وفي عمر الـ9 سنوات بدأ أحمد مرحلة جديدة في حياته عندما بدأ في تعلم رياضة "الكيك بوكسينج" وظل يتمرن ويجتهد بها، فكان في فترة الأجازة من الدراسة يتدرب على اللعبة 6 أيام في الأسبوع، وأيام الدراسة كان يقسم الأسبوع ثلاثة أيام للعب أما الباقي فكان يحرص على حضور دروسه بالمدرسة ويجتهد في المذاكرة.

ظل أحمد مداوماً على الاجتهاد، واضعاً حلمه في الوصول لعائلته أولاً، لهذا رغب في أن يصل للشهرة حتى يتمكن من الوصول لعائلته كي تتعرف عليه.

 ومع العزم والإصرار والإرادة القوية برغم ظروفه القاهرة، حصل "محفوظ" على بطولة الجمهورية في "الكيك بوكسينج عام 2016" وهو في عمر 12 عاماً، عقب فوزه بالبطولة مباشرة فكر "أحمد" في جمع كافة الصور الخاصة به من الصغر وحتى صورة حصوله على البطولة، ونشرها عبر مواقع التواصل الأجتماعي آملاً في أن يتعرف عليه أحد أفراد عائلته ويعود إليهم.

وبالرغم من مرور عامين من تلك البطولة حتى الأن الإ ان الطفل لم ييأس ومازال متمسكاً بأمل العودة إلى بيته بعد 11 عاماً من الغياب.





"طارق".. صاحبة العمل تبحث له عن عائلته
منذ عدة أيام، تداولت مواقع التواصل الأجتماعي، منشور لمساعدة سيدة في الوصول لعائلة طفل تعرفت عليه من خلال إحدى دور الأيتام وهو في عمر 16 عاماً، وعندما أتم الـ18 عاماً ساعدته في الحصول على فرصة عمل لديها.

"طارق" فقدته أسرته في يوم 21 ديسمبر 2000، في مركز أدفو بأسوان، وتم إيداعه بإحدى دور الرعاية، مر الطفل بالعديد من الأزمات في حياته، ولكنه حرص على تخطيها حتى صار شاباً وبدأ في رحلة للبحث عن أسرته، وتساعده في ذلك صاحبة العمل، حتى يشعر بالفرحة والسعادة.

تواصلت "الفجر" مع صاحبة المنشور، لتؤكد أنه حقيقي وأنهم ما زالوا يبحثون عن عائلته، والمعلومات المتوفرة به هي كل ما لديهم.

"شوشو" تبحث عن أهلها بعد غياب 11 سنة
في أواخر نوفمبر 2008، اصطحبت سيدة الطفلة "شوشو: معها إلى محطة مصر، وقالت لمجند بالقطار: "خلي البنت ديه معاك هجيب حاجة وجاية" ولكنها لم تعد مرة أخرى.

مرت ساعات والطفلة في محطة مصر ولم تعد السيدة مرة أخرى، حتى قام أحد الأهالي بتسليم الطفلة إلى المسئولين بالمحطة، ولم يسأل عنها أحد.

وفي يوم 1 ديسمبر 2008 سلمت محطة مصر، الطفلة إلى دار رعاية أيتام بميدان المحكمة في مصر الجديدة، وكانت تبلغ من العمر حينها 4 سنوات.

ظلت المشرفون يساءلون الطفلة عن اسمها أو أي معلومة عنها، الإ أنها كانت تعاني من ثقل في النطق، وكانت تردد دائماً أن اسمها "شوشو"، وما زالت الطفلة تحلم بلقاء "والديها" بعد إيداعها بالدار، ومازال الأهل لم يستدل عليهم.