سامي جعفر يكتب: الكرة المصرية.. "هاتوا لها راجل"

مقالات الرأي

سامي جعفر
سامي جعفر


هناك مثل فرنسى شائع، عن أن "الحرب مسألة خطيرة إلى حدّ أنه لا ينبغي تركها للجنرالات"، وهى مقولة تلخص جزء كبيراً من المأساة التى تعيشها بعض القطاعات فى مصر، من الصحة والتعليم مروراً بالخدمات إلى كرة القدم، والأخيرة لا تجد إدارة تستطيع نقل هذه النشاط إلى مستوى أفضل يفيد المواطن والاقتصاد القومى.

كرة القدم لعبة ترفيهية يقوم على إدارتها قطاع مدنى بالكامل، هو اتحاد الكرة، المنظمة الأهلية التى تستمد قوتها ولوائحها من منظمة عالمية هى الاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا"، دون تدخل من الحكومة، ويدير الاتحاد المحلى عدة بطولات للدورى بداية من الدرجة الرابعة إلى درجة الممتاز، بالإضافة لبطولة الكأس.

ويدير هذا الاتحاد مجلس إدارة معظمه من لاعبين سابقين لكرة القدم، إثنين منهم لعبا فى أندية أوروبية وهما مجدى عبد الغنى وحازم إمام، كما يقود الاتحاد أحد قيادات اللعبة على مستوى العالم وهو هانى أبو ريدة، أما بقية الأعضاء فمعظمهم يعملون بإدارة اللعبة بشكل أقرب للاحتراف.

ويعمل فى اللعبة نفسها بشكل مباشر عشرات الآلاف من اللاعبين وأعضاء الأجهزة التدريبية والأجهزة الطبية وعمال الاستادات والأندية وغيرها، ويصل حجم الأموال المتداولة فى سوق اللاعبين وحده لما يقرب من مليار جنيه وربما أكثر إذ أن سوق كرة القدم غامض إلى أقصى درجة ويفتقد للمعايير فضلاً عن وجود شبهات فساد واسعة النطاق فى التعامل مع تفاصيل اللعبة.

ما يثير الدهشة أن إدارة اللعبة على أرض الواقع تفتقد للحد الأدنى للمعايير الاحترافية، والجدوى من استمرار النشاط، فبينما تتخطى أسعار بعض اللاعبين عشرات الملايين، ويحصل السماسرة على النصيب الأوفر منها بجانب الاتحاد، لا يعود الأمر على الاقتصاد الوطنى بالفائدة المرجوة.

اقتصاد كرة القدم هو تجارى واستثمارى بالأساس إذ أنه من المفترض أن يصل عدد أكاديميات تعليم اللعبة لعدة ألاف خصوصاً مع تخطى سكان مصر للـ100 مليون فرد، وجميع هذه الأكاديميات ستوفر مزيداً من فرص العمل، كما أن اللعبة تحتاج لإنشاءات استاد على الأقل فى كل مدينة تحتوى على مولات تجارية وأماكن للترفيه وممارسة الرياضة فضلاً عن العمال المتخصصين فى صيانة المنشآت وأرضيات الملاعب وغيرها وهى فرص عمل أخرى.    

ويرتبط بالساحرة المستديرة زيادة إنتاج مصانع الملابس للأزياء الفرق خصوصاً الجماهيرية، والتى تدر عائداً مالياً ضخماً فى الدوريات المحترفة بالفعل، بالإضافة لزيادة استهلاك العصائر والمشروبات والأطعمة وغيرها من المسليات.

كما تمكن تصدير لاعبين إلى الخارج على غرار محمد صلاح ومحمد الننى،  وهو مصدر مختلف للنقد الأجنبى.
وإذا سألت السؤال المتوقع، وهو لماذا لا يحدث كل هذا فى مصر، خصوصاً أن قطاع الكرة مفتوح على مصراعيه أمام أى مستثمر وهناك نماذج مبشرة على مستوى الأندية وليس النشاط بالكامل، ستكون الإجابة أن نظرة القائمين على الأمر قاصرة وأن طريقة إدارتهم فاسدة، رغم أن أى تطوير لهذا القطاع الذى يمثل فى جزء منه قوة ناعمة لمصر، سيؤدى لضخ عشرات المليارات إلى اللعبة، وسيحصلون هم وكثيرون غيرهم على ثمار هذا النجاح.

وتتطلب فكرة تطوير لعبة كرة القدم فى مصر، إلى تنحية إدارتها المرتبكة وغير المحترفة ووضعها على الطريق الصحيح، من خلال تصور علمى مدروس، بجانب إصدار القوانين اللازمة لتنظيم النشاط ليصبح جزءاً من الإنتاج القومى.. الخطط موجودة بالطبع ولكن عايزة راجل.