"مكنتش أعرف إني أخويا هيعمل كدة".. قصة 4 سنوات للحاجة نوال داخل دار مسنين (صور)

صور

بوابة الفجر


الساعة تدق الحادية عشر صباحا في غرفة بسيطة ومحدودة المساحة بالطابق الرابع باحدي دار المسنين بحي مصر الجديدة بالقاهرة، تستيقظ "الحاجة نوال" صاحبة ال86 عاما لتتجه للطابق السفلي لتناول وجبة الإفطار مع نزلاء آخرين بالدار.





ملامح الوجع تكسو وجهها الشاحب.. أنهك المرض جسدها وأصبح قليل الحيلة، أصبح العكاز صديقها الوحيد، بعد خضوعها لعملية بقدمها وقصر واحدة عن الأخري، لم تكن تعلم أن أخوها الوحيد سيقوم بوضعها بدار مسنين بعد قدومها من الإسكندرية علي أمل جلوسها معه في منزله بإحدي المناطق بالقاهرة، بعد وفاة زوجها ونجلها الوحيد وإلقائها فى إحدى دور رعاية المسنين. 




مكنتش أعرف إن أخويا هيحطني في دار مسنين أنا جاية من إسكندرية وسايبة بيتي علي أساس هعيش مع أخويا عشان خايف عليا،  كلمات مليئة بالوجع والحسرة رددتها "الحاجة نوال" تجلس دائما وحدها في غرفتها "أنا مش اجتماعية" علي حد وصفها ولكن بعد إقامتها بدار مسنين لمدة أربع سنوات ونصف اضطرت لمصاحبة النزلاء الأخرين حتي لا تموت من الوحدة.




بدأت الحاجة نوال حديثها قائلا: "أنا جبت ابن واحد بس مات بعد خمس سنين من ولادته لإنه كان مولود مشوه، كلمات مليئة بالوجع والحسرة وقلة الحيلة تحدثتها وهي في ملكوت أخر، "بعد وفاته شريك عمري لحقه فلم يكن أمامي غير الجلوس وحيدة في شقتي ولكن دائما كنت استفقد وجودهم فلم يكن أمامي غير اللجوء لأخي لإنقاذي من وحدة ورهبة العيش بمفردي.




وراء أسوار كل دور المسنين قصص وحكايات آلام ومآسي تضمد جراحها العودة إلى حنين الماضي، "أنا مش مرتاحة" هكذا وصفت الحاجة نوال حياتها التي مليئة بالنزلاء بالدار والمشرفين وغيرهم ولكنها لم تعتاد العيش مع الكثير هكذا لهدوء حياتها قبل الإقامة بالدار، "أنا نفسي ارجع بيتي وأعيش فيه بس أخويا مش هيوافق مع أنه الأخ الأصغر والوحيد ليا".




الشقة صغيرة ومش هتسيعنا" حديث دار بينها وبين أخوها التي ناشدته للعيش معه رغم زيارته المستمرة لها بالدار، "أنا قولتله أعيش معاك إنت وبنتك بس الشقة صغيرة ومش هتاخدنا كلنا ومش هبقي مرتاحة بردو، أصل الواحد مش بيرتاح غير في بيته بردو" بالرغم من عيشها وحيدة بمنزلها بالإسكندرية ولكن كانت تفضل الاستمرار بالعيش هناك.




وفي الواحد والعشرين من شهر مارس كل عاماً يحتفل العالم العربي بمناسبة عيد الأم، ولكن وراء أسوار دار المسنين تجلس الحاجة نوال دون الاحتفال به مع نجلها المتوفي "أنا كان نفسي يعيش لليوم اللي يدخل عليا بيه بالهدية وافرح بيه وأشوفه بيكبر قدام عيني" بالكلمات تلك كانت تتمني الاحتفال كباقي الأمهات ولكن لإرغامها علي الجلوس في دار المسنين تضطر للإحتفال به مع غيرها من الأمهات بالحفلات التي يقيمها الدار لإسعادهم.


وفي ختام الحاجة نوال حديثها، قالت إنها تتمني العيش في سلام واطمئنان في العمر المتبقي لها في تلك الدنيا السوداء في عينها، "أنا مش عايزة حاجه غير إني أكمل الباقي من عمري في راحة وهدوء".