د. بهاء حلمي يكتب: المرأة المصرية والحس الوطني

مقالات الرأي

د. بهاء حلمي
د. بهاء حلمي


المرأة المصرية هى الأم والزوجة والأخت والابنة وهى التى قدمت الابن والزوج والأب والأخ شهداء ومصابين من أجل مصر، وهى الوعاء الذى تختلط فيه القيم الوطنية ومعانى الإنسانية لتضفى على الأسرة روح العطاء والتضحية والرضا والتحمل والتسامح ونكران الذات لأجل الحفاظ على ترابط الأسرة وتماسك المجتمع ، كما أنها تشكل بوتقة يختلط فيها روح الكفاح والنضال فى مواجهة الظروف والتحديات  الاقتصادية والأمنية التى تواجه الأسرة والوطن، وهى التى تحملت عبء التدبير والحكمة فى مواجهة الآثار الناجمة عن الإصلاحات الاقتصادية سواء كانت المترتبة على تحرير سعر الصرف أم الغلاء وارتفاع الاسعار، إنها الأم التى ربت وأعطت عن طيب خاطر، وهى الزوجة التى أخلصت ونهضت بالأسرة، وهى الأخت والابنة التى ستواصل العطاء مثل المياه تسير فى شرايين وأوردة  الأسرة والوطن فقالوا عن المرأة المصرية: إنها أيقونة العمل الوطنى وصمام الأمان لمصر وشعبها.

إن المرأة المصرية ساهمت فى بناء الكثير من تراثنا وتستحق كل التحية والإجلال ليس بمناسبة عيد الأم أو يوم المرأة  العالمى أو يوم المرأة المصرية أو فى أى مناسبة خاصة فحسب بل تقديرا واعتزازا بها على صفة الدوام وعلى صفحات التاريخ الذى يوثق عطاء المرأة المصرية وحسها الوطنى.

إذا كان تاريخ المرأة المصرية حافلا بالعطاء والتضحية إلا أنها ضربت أروع الأمثلة على روح التحدى والإصرار وصدارة المشهد لاستعادة مصر من المجهول، فاختارت الوقوف فى طوابير طويلة غير معتادة لتدلى بصوتها دون خوف أو رهبة، وتشجع زوجها وابناءها على مواجهة التحديات والانحياز للوطن لإنقاذه من براثن الانهيار، فالمرأة المصرية هى الأكثر تضحية وعطاءً وتسخيرا لذاتها وقدرتها لأسرتها ومجتمعها ووطنها.

إن المرأة المصرية جينات حضارة وقدرات خاصة وشريك أصيل فى تمويل وتدبير المنزل  وإصلاح الأسرة والمجتمع، وهى من تغرس حب الوطن فى وجدان أبنائها من منطلق  وعيها وإدراكها العقلى والوجدانى لأحوال الوطن ونقاط القوة والضعف وإدراك التحديات التى تواجهه.

إنه الحس الوطنى الذى تتمتع به المرأة المصرية على مدار التاريخ يجعلها غيورة على الوطن وسمعته والحفاظ على مكتسباته وأمنه وسلامة ممتلكاته ومستقبل أبنائه. كما انه يفجر طاقاتها الخلاقة لتعميق الحس الوطنى فى عقل وقلب كل إنسان قريب منها أو بعيد لاحتضان آلام وآمال الوطن، إن ما تقدمه أو تعبر عنه المرأة المصرية من مشاعر وقوة وعزيمة وإصرار وهى تتصدر مشهد الاحتفال بيوم الشهيد إنما هو حس وطنى غير مسبوق فى مواجهة التحديات والصعوبات، إنه عرض حقيقى لمعانى الصبر وقوة التحمل والرضا والبطولة والفداء للوفاء بالرسالة النبيلة وهى الدفاع عن الوطن. وما زالت ماضية وصابرة فى سبيل الحفاظ على أمنه واستقراره بكل عزيمة وإصرار.

إن مفهوم الحس الوطنى قد لا يدركه أو يستوعبه إلا من كان يحمل لوطنه كل الانتماء والولاء والعطاء ولمن يغار على عزة ومجد هذا الوطن الذى تربى وترعرع فيه، إنه مفهوم أخلاقى وتربوى نستلهمه من روح المرأة المصرية ليثير دوافعنا الداخلية ويدفعنا للتضحية من أجل بلادنا وحماية أرضنا ومستقبلنا.

ويبدو أن هناك عدم وضوح لبعض هذه المفاهيم لدى قطاع  من المراهقين والشباب الأمر الذى يجب أخذه بعين الاعتبار ودعوة علماء الاجتماع والمبدعين والكتاب والمثقفين وعلماء ورجال الدين ومسئولى التعليم لدراسة الوسائل والأساليب الحديثة لترسيخ وتعزيز الحس الوطنى وقيم الولاء والانتماء عند أبنائنا وشبابنا وأجيالنا القادمة اقتداء بالمرأة المصرية التى تستحق كل التحية والتقدير.