"الست فوزية".. كافحت 12 سنة لتربية أبنائها من محل "البويات" (فيديو وصور)

محافظات

بوابة الفجر


"بيتنا كان مبني بالطين بس الحمد لله بنيته بالأحمر بالتقسيط، وحلفت ما هتجوز بعد المرحوم وسترت ولادي كلهم".. بنظرة رضا وطمأنينة حكت الحاجة "فوزية" مراحل حياتها وأصعبها على كاهل أي سيدة، وتحديدًا فور وفاة زوجها وتحملها المسؤولية وحدها دون الاعتماد على أحد سوى الله.

"فوزية محمد عبد اللطيف" البالغة من العُمر 54 عام، تعيش في قرية شبرا زنجى التابعة لمركز الباجور بمحافظة المنوفية، أصبحت أرملة منذ أن كان عُمرها 42 عام، لتحمل على عاتقها دور الأم التي تهتم بالمأكل والملبس وأمور ربة المنزل، وكذلك دور الأب المسئول عن جلب المال والمشاركة في تربية الأبناء وتعليمهم، فرفضت أن يُشاركها أحد من بعد زوجها هذه الحياة، مكتفية بالبيت الذي تركه لها مبني بالطوب اللبن، و6 أبناء عبارة عن 3 بنات و3 شباب لم يُزوج منهما سوى بنتين.

وتحكي الحاجة "فوزية" أن سبب وفاة زوجها، هو المرض اللعين الذي يخطف من حولنا مئات المئات من الكبار والصغار، حيث أصابه سرطان في الرئة وبعد مرور 15 يومًا على علمه بالمرض توفي على الفور، لتبدأ من هنا قصة معاناتها وهمومها التي كانت تزداد يومًا تلو الآخر، حيث أوضحت أن زوجها المرحوم "خالد أنور خالد" كان لا يعمل بوظيفة حكومية، وكان مصدر رزقه هو أعماله اليدوية كعامل دهان ومحارة وغيرها من الصناعات.

وأكملت حديثها قائلة "قبل ما يموت بكام شهر قرر يفتح محل حديد وبويات وأدوات كهربائية، وكان المحل ده مصدر رزقنا وعمل تأمين عليه، وبعد ما مات كان بيجيلنا معاش 90 جنيه، ودلوقتي المعاش ده 700 جنيه فقط لا غير"، وكان ذلك المعاش لا يكفي لشراء مستلزمات البيت، فقررت الحاجة فوزية أن تقف بالمحل وتمارس مهنة زوجها.

فمنذ إثني عشر عامًا تستيقظ يوميًا في الصباح الباكر وتذهب لتفتح المحل وتقف تُلبي طلبات من يريد شراء شئ ما، فنجحت في تربية 6 أبناء، الكبرى "رشا" متزوجة وحاصلة على ليسانس آداب، ويليها "أنور" شاب ساعدته في الحصول على وظيفة بشركة توشيبا بعد أن أنهى ثانوي تُجاري، ثم توجهت لتجهيز "إيمان" الحاصلة على ثانوي صناعي فأصبحت عروسة هي الأخرى.

ليتبقى 3 أبناء سهرت على تربيتهم وتعليمهم لتزوج فتاة منهم وهي "سماح" بعد أن حصلت على شهادة ليسانس حقوق، و"محمد" بكالوريوس تجارة، والأصغر "كريم" في الصف الثاني ثانوية عامة، ولم يتوقف دورها على تربيتهم وتعليمهم وزواجهم فقط، بل إنها اشتركت في العديد من الجمعيات حتى توفر المال، لأن الدخل الذي كان يجلبه المحل لم يكن بالكافي.

وأشارت الحاجة "فوزية" إلى أنها قررت هدم البيت القديم المُصمم بالطوب اللبن، لبناء بيت أخر لها ولأولادها، ولكن بالتقسيط لأنها لم تملك هذا المبلغ الهائل دفعة واحدة، فكانت تقف مع العُمال أثناء بناء البيت، ومسئولة عن إطعامهم وتنظيف البيت أولًا بأول، هذا فضلًا عن وقوفها كبائعة بالمحل، ودورها كأم مسئولة عن مستلزمات البيت.

لتنجح بعد ذلك في بناء بيت يتكون من 4 طوابق، الأول تسكن به مع إبنها الأصغر، والثاني يُقيم به الإبن الأكبر بعد زواجه، والثالث يسكنه الأوسط بعد أن ساعدته في إتمام زواجه، والرابع ينتظر الأصغر حتى يستقر به بعد أن يُصبح شاب ولديه وظيفة، وقالت الحاجة فوزية: "الحمد لله أنا راضية بكل اللي عملته، وأديت دوري وعارفة إن جوزي مرتاح وراضي عني وعن تربية ولادنا واللي عملته ليهم، وسمعة ولادنا الكل بيشهد بيها، وعايشة مبسوطة مع أبنائي وأحفادي، ومش بطلب حاجة غير رضا ربنا وكرمه".