الشؤون الإسلامية: إذا لم ننفتح على غيرنا سار الركب وبقينا متخلفين

السعودية

بوابة الفجر


قال الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والدعوة، إن للمملكة العربية السعودية دورًا هامًا وكبيرًا في محاربة التطرف والإرهاب، مشيرًا إلى أن الجماعات الإرهابية، مثل «الإخوان المسلمين» و«داعش» يعملون على تأليب الناس.

وفي حوار مطول لوزير الشؤون الإسلامية، مع وكالة «سبوتنيك» أكد آل الشيخ، أن المملكة كانت أول دولة توقِّع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي، في دول منظمة التعاون الإسلامي، كما كانت سباقة إلى حض المجتمع الدولي على التصدي لظاهرة الإرهاب، لافتًا إلى أن المملكة أطلقت حملات عديدة في جميع قطاعات الدولة؛ لزيادة الوعي العام عن خطورة الفكر الإرهابي والتحذير منه.

وأشار إلى أن «رؤية المملكة 2030، هي رؤية كل منصف على وجه الأرض، فهذه الرؤية تُعد نقلة نوعية، ليس لها مثيل في هذا العالم اليوم.. ولم تأت هذه الرؤية إلا بعد دراسات وأبحاث عميقة، وبعد معرفة تجارب الدول الأخرى. وأنا واثق، أنها رؤية ثاقبة سيستفيد منها شعب المملكة والشعوب الأخرى؛ لما تحمله من قيم كبيرة، كثيرًا ما تتساهل بها كثير من الأنظمة، إلا أن قادة الرؤية في هذه البلاد المباركة جعلوها من الأولويات؛ لأن وجودها يعني وجود الإنسان آمنًا مستقرًا في أي موطن على وجه الأرض».

وفيما يتعلق بعملية الانفتاح الثقافي والاجتماعي في السعودية، ونقد ومدح البعض لهذه العملية، أضاف: مظاهر التحول الثقافي والاجتماعي وأشكال الترفيه في السعودية، وجِدت تلبية لحاجات بعض الفئات من أفراد المجتمع، خاصة من الشباب والعوائل الذين يتعاطون مع تلك الفعاليات، ويتفاعلون معها في جو من المرح وحب الحياة، وهذا أمر اعتيادي، ويحدث في المجتمعات البشرية؛ لكن ما يميّز ذلك في المملكة أنه تم وفق مراسيم صدرت منظمة له؛ بحيث لا يتصادم مع ثوابت الدين الحنيف، ولا مع عادات وتقاليد مجتمعنا المحافظ.

وحول رفض البعض لهذا التحول، قال وزير الشؤون الإسلامية، إن ما نراه من الرفض التام لهذا التحول المدروس، مردَه إلى تجذُر ثقافة الأحادية لدى الرافضين، والجنوح إلى ممارسة ثقافة الإقصاء، وهذا في نظرهم هو السلوك المجدي للفوز بالسيطرة الكاملة على المشهد الديني والثقافي، أو قد يكون جرّاء مصالح فكرية حزبية تهدف إلى تحويل مسار اهتمام أفراد المجتمع نحوهم، وتوظيفها لصالح تلك الأغراض الحزبية، مستغلين الثقافة السائدة والمتأصلة، من حيث التمسك التام بثوابت الدين، ورفض كل ما يخدشها لدى المجتمعات العربية بشكل عام والمجتمع السعودي بشكل خاص، فقامت تلك التيارات الحزبية، خاصة الطائفة السرورية من جماعة الإخوان الإرهابية، في تأليب الناس ومحاولة إيجاد موضع قدم لهم في مثل هذه الظروف.

وعن دور المملكة في مواجهة الفكر الإرهابي وجماعات التكفير، قال آل الشيخ: إن الأمن يعد حاجة إنسانية ملحة، ومطلبًا فطريًا لا تستقيم الحياة بدونه، ولا يستغني عنه فرد أو مجتمع، فالأمن هو أساس كل دولة وكيانها، وإذا كان الأمن على هذه الدرجة العالية من الأهمية، فإن ذلك يعني بالضرورة وجوب مواجهة ما يخل به.

وأضاف: قامت المملكة بدور مشرف في مكافحة الغلو والتطرف والإرهاب، بكافة صوره وأشكاله الأمنية والفكرية، وعملت على تجفيف منابعه ومصادر تمويله، وسنَت الأنظمة والقوانين التي تُجرم من يمول الإرهاب والإرهابيين، أو يظهر التعاطف معهم.

وأشار إلى أن المملكة كانت أول دولة توقِع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي، في دول منظمة التعاون الإسلامي، كما كانت سباقة إلى حض المجتمع الدولي على التصدي لظاهرة الإرهاب، حتى توجَت هذه المساعي باستضافة المملكة للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض عام 2005، بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وصديقة، إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية.

وفيما يتعلق بالجانب الوقائي، أكد آل الشيخ، أن المملكة أطلقت حملات عديدة في جميع قطاعات الدولة، التعليمية والأمنية، وأيضًا من خلال منابر المساجد والدروس والمحاضرات والندوات الدينية، لزيادة الوعي العام لدى أفراد المجتمع عن خطورة الفكر الإرهابي والتحذير منه، وممن تولى كِبرَه من الجماعات الإرهابية كجماعة الإخوان، وجماعة التكفير والهجرة، وجماعة التبليغ، وتنظيم القاعدة، والتنظيم الإرهابي «داعشۛ» وغيرها.

وأضاف: أيضًا من الجهود التي تذكر في هذا الصدد، أن السعودية ممثلة بوزارة الداخلية شكَلت لجنة «المناصحة»، لمحاورة من انساقوا وراء تلك الأفكار الهدامة، وقد نتج عنها تراجع الكثير من المنظرين للفكر التكفيري المنحرف، ومن غرر بهم من الشباب، كما قدَمت المملكة مبادرة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تضمنت عفوًا عامًا عن كل من يسلم نفسه ممن ينتمي إلى تلك الفئة الضالة.

وتابع آل الشيخ: استمرارًا للنهج السعودي في مكافحة الإرهاب، أعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع عن تشكيل تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب، تداعت له الدول الإسلامية حتى بلغ عددها 34 دولة، استشعارًا من سموه بخطورة هذا الداء، وكي يكون شريكًا للعالم في محاربته، بعد ما بات الإرهاب وباء فتاكا، وظاهرة خطيرة تضررت منه دول كثير.

وأكد، أن كل تلك الأعمال وغيرها الكثير، كانت تصب في مواجهة الفكر الإرهابي بكل صوره وأشكاله، من كونه شرًا للجميع، ومن جانب آخر تؤكد المملكة بهذا المسلك، أن الدين الإسلامي بريء مما يقوم به الإرهابيون، وأن التسامح والتعايش وقبول الآخر بغض النظر عن دينه، وجنسه، وعرقه، ومذهبه، هو جوهر الدين الإسلامي الحنيف.

فيما لفت آل الشيخ، إلى أن الأمة الإسلامية في الأزمنة المتأخرة ابتليت بداءين عضالين، ألا وهما: داء التهاون والتفريط، حتى ينحدر الإنسان في أعماله وأقواله، فيصل إلى الانسلاخ الكلي من ربقة الدين. وداء المبالغة والغلو؛ حتى يصعد الإنسان في أعماله وأقواله فيصل إلى مرحلة الانحراف الفكري، فيدخل في قضايا التبديع والتفسيق والتكفير من غير علم ولا دليل، وإنما انسياق وراء الهوى واتباع لمن ادعوا ــ زورا ــ بأنهم علماء حتى يخرج من ربقة الدين أيضًا.

وتحدث آل الشيخ ، عن قضية تجديد الخطاب الديني، قائلًا: الخطاب الديني المنزَل من عند الله تعالى لا يتغير ولا يتبدل، ولا يحتاج إلى تجديد، وإنما ينبغي النظر في تجديد الخطاب البشري، الذي عملت عليه أصابع العبث، وصوُر الإسلام بغير صورته الحقيقية، مما جعل أعداءه يتسلطون عليه وعلى أهله، ويصفونه بصفات منفرة، وهو منها براء.

وفي شأن الانفتاح الذي  تعيشه المكلة في هذه المرحلة، قال: إذا لم ننفتح على غيرنا سار الركب وبقينا متخلفين عنهم، وهذا خطأ شرعي وعقلي، فالأمم لم تزل تستفيد من بعضها، وحقيقة ثقافات الأمم هي نتيجة خبرات وتجارب، والشرع عندنا نحن المسلمين،  يحدد لنا ما هو جائز لنا وما هو ممنوع، لافتًا إلى أن قيادة هذا البلد تستشعر هذا دائمًا وتجعله نصب عينيها، ونحن نرى أبناءنا وبناتنا المبتعثين عادوا إليه بثقافات حصَّلوها ونقلوها، بعد أن أزالوا عنها ما يخالف ثوابتنا وينزع عنا هويتنا.