"الريشة رمز العدالة" والتكافل وحقوق العمال مبادئ نفذها قدماء المصريون

أخبار مصر

بوابة الفجر


قال الخبير الأثري علي أبو دشيش، إن مبدأ التكافل الاجتماعي، هو اتفاق أفراد المجتمع على المصالح المشتركة فيما بينهم، وعن هذا المبدأ عند المصريين القدماء يقول العالم الفرنسي فرانسوا دوما، إن الهدف الأسمي من كتابة تاريخ وحضارة مصر، هو العمل على تقريب روح من خلقوها، والوصول إلى البؤرة التي انطلقت منها إبداعات اجتماعية وأدبية وفنية، بعد أن اختفى منذ أكثر ألفي عام.

"على راسه ريشه" مثل مصري قديم
وقال أبو دشيش إن الحضارة المصرية القديمة اهتمت بالإنسان اهتمامًا بالغًا، فمن خلال المناظر والنصوص الموجودة على المقابر والمعابد وجدنا حرص المصري القديم على مبدأ العدالة والتكافل الاجتماعي، فكانت الربة ماعت هي ربة العدل والحق، وكان يُرمز إليها بـ "الريشة"، وقد بقى أثر الريشة في مصر، وصارت رمزًا للعدالة على مر العصور، بل ومضربًا للأمثال، فالقاضي مثلًا في العصر الإسلامي في مصر كان يجلس وفوق رأسه "ريشة" دليل على تطبيق العدل، وانتشر المثل القائل "على راسه ريشة" دليلًا على رفعة الشخص أو حكمته.

وأضاف أبو دشيش، الأعياد المصرية القديمة كانت لها دلائل تشير لمبدأ التكافل الاجتماعي، حيث كان يذبح الذبائح في الأعياد ويقوم بتوزيعها على المحتاجين والفقراء لتحقيق هذه المبادئ، فيتم الذبح في يوم العيد وتقدم بعضها كقرابين للآلهة، والبعض يوزع على الفقراء والبعض يقدم إلى الكهنة، ومن خلال ذلك المبدأ "التكافل" أبدع المصري القديم في مجالات الطب والفلك والعمارة وغيرها من الإبداعات البشرية التي تدرس حتى الآن في الجامعات العالمية.

من مظاهر التكافل عند المصريين
مقابر عمال هرم خوفو
وأشار أبو دشيش إلى أن مبدأ التكافل الاجتماعي جعل الملك المصري القديم "خوفو" يحرص على بناء مقابر لعمال هرمه، والتي وجد فيها أدلة كثيرة على قوانين وقواعد وضعها المصري القديم للتكافل وإعطاء الحقوق للعمال، وهي المقابر التي اكتشفها العالم المصري الدكتور زاهي، وفيها الأدلة على كيفيه حياته هؤلاء العمال الذين تعاونوا في إطار جماعي لتحقيق بناء الهرم ليصعد عليه الملك ويكون الإله.

عمال دير المدينة
ومن أهم أمثله التكافل الاجتماعي "عمال دير المدينة" –والكلام لعلي أبو دشيش- في مدينة القرنة غرب الأقصر، والتي عاش بها العمال الذين قاموا ببناء المقابر الملكية في وادي الملوك، وحرص الملك على الاهتمام بهم، وأثناء حكم الملك رمسيس الثالث، أضرب العمال عن العمل ويعتبر هذا أول إضراب في التاريخ، وقاموا بكتابة الشكاوى إلى الوزير لتوفير الطعام والشراب والأجور، ورفضوا العودة إلى عملهم، وتمت الاستجابة لمطالبهم وعادوا إلى العمل.

الدولة ودورها في التكافل الاجتماعي
واختتم أبو دشيش كلماته قائلًا إن الدولة المصرية القديمة عكفت على تحفيز العمال في تنفيذ المشاريع القومية، ولكنها أيضًا اهتمت بالفقراء والمحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة والمكفوفين، وبذلك تكون مصر من أوائل الدول التي طبقت مبادئ التكافل الاجتماعي وحقوق العمال.