طارق الشناوي يكتب: واحد "ريا وسكينة" وصلّحه!

الفجر الفني

أحمد مراد
أحمد مراد


ابنة زعيم المافيا «سالفاتورى رينا» الشهير بـ«توتو» أطلقت اسم «كورليونى» على مقهى فى باريس، وهو اسم البلدة التى نشأ فيها، وأيضا اسم العائلة التى قُدمت فى فيلم «الأب الروحى» الذى استلهم حياته فى الفيلم الشهير الذى أخرجه فرنسيس فورد كوبولا فى مطلع السبعينيات، ولعب بطولته مارلون براندو وال باتشينو. سبق أن أطلقوا على عبوات من القهوة اسم «أُنكل توتو» فى صقلية، ولكن السلطات الإيطالية تصدت للمشروع وصادرت القهوة، إلا أن الفكرة لم تمت، ولا أظنها، سيظل هناك من يسعى ويفكر لاستغلال الشهرة فى الترويج لكل شىء وأى شىء.

لدينا المعادل المصرى فى الشقيقتين «ريا وسكينة» والزوجين «حسب الله وعبدالعال»، بديعة ابنة ريا هى التى كشفت أثناء التحقيقات السر وبراءة الأطفال فى عينيها، حيث أنكر فى البداية الجميع صلتهم بتلك الجرائم، بديعة ذات الأعوام السبعة هى التى فضحت كل التفاصيل، كان آخر طلب لريا قبل تنفيذ حكم الإعدام أن ترى بديعة، لم يتم تنفيذ رغبتها، لأنها قد شاهدتها قبلها بيومين، فى كل الأحوال ماتت بديعة بعد تنفيذ الحكم على أمها وخالتها بثلاث سنوات، إلا أن هذا لا يعنى أن أقارب الدرجة الثانية والثالثة اختفوا تماما من الدنيا.

الجريمة وقعت قبل أقل فقط من 100 عام، ربما الهجوم الضارى وهذا الكم الهائل من الأعمال الفنية التى تناولت أشهر قاتلتين فى تاريخنا المعاصر، دفع كل من كانت له صلة بـ«ريا وسكينة» أن يتوارى تماما عن الإفصاح عن نفسه، رغم أنك لو قرأت محاضر التحقيقات ستكتشف أنهم كانوا يبررون تلك الجرائم بدوافع أخلاقية، فهم من وجهة نظرهم، لا يقتلون من أجل السرقة ولكن ينفذون الأحكام الأخلاقية على من تستحق، لأن من يتم اصطيادها فى سوق «زنقة الستات» بالإسكندرية هى أساسا امرأة منحرفة، وهم يعتبرون أنفسهم يد العدالة على الأرض.

فيلم «تراب الماس» للمخرج مروان حامد، استند فيه الكاتب أحمد مراد إلى تبرير قتل الضحايا بأنه لم يكن عشوائيا، لكن لمن ارتكب جريمة أخلاقية أو وطنية، قدمت «بى. بى. سى» قبل سنوات زاوية أخرى لـ«ريّا وسكينة» تضعهما فى مقام المناضلات ضد الاستعمار البريطانى، وهى رؤية يعوزها الكثير من التوثيق.

لو امتلك أحفاد أحفاد «ريًا وسكينة» الجرأة وقرروا الجهر بأنفسهم وأنشأوا مقهى فى الإسكندرية بجوار سجن الحضرة- حيث جرت المأساة- لو أطلقوا مثل أبناء السفاح «توتو» اسمى «ريا وسكينة» على مشروب ساخن.. فهل تتوقعون شيئا آخر غير الإقبال الرهيب؟، كانت الناس تتدافع فى مطلع العشرينيات أمام المحكمة لمشاهدة السفاحتين، وهناك من كان يستغل هذا الزحام البشرى ويحصل على مقابل مادى على حسب المكان الذى سيوفره لمن يريد المتابعة عن قرب.

الناس عندما تتعامل مع المشاهير لا تفكر كثيراً فى القيمة، لكن تكفى الشهرة التى حققوها لتصبح هى الهدف فى التقاط صورة «سلفى»، لا تنسوا أن أحد أشهر محال الأكل فى المحروسة يحمل لقب «نتانة» والطوابير لا تنتهى.

هذه الحكاية ليست عشوائية، لكن دعونا نتأمل معا عندما نقرأ ونتابع بعض رموز زمن مبارك، وكيف تتم الحفاوة بهم فى أى مكان يتواجدون فيه، هذا لا يعنى بالضرورة الحب والتقدير، ولكنها الشهرة التى من الممكن أن تدفعنا لكى نذهب للمقهى ونطلب بكل أريحية واحد «ريا وسكينة» على الريحة وصلحه!!