د. حماد عبدالله يكتب: "خصخصة " وسط البلد والأوبرا !!

مقالات الرأي

د. حماد عبدالله
د. حماد عبدالله


تلك المدينة الساحرة القاهرة والتى تنقسم حسب بيئتها المعمارية إلى القاهرة الفاطمية والقاهرة الخديوية والقاهرة الناصرية وتلك المدينة العظيمة الخالدة فى ذاكرة التاريخ القديم والمعاصر تعانى اليوم من نتائج إهمال وعشوائيات الإدارات المختلفة والمتعاقبة على إدارتها منذ الخمسينيات مما ترك لنا اليوم قاهرة فاطمية " مهلهلة " مع محاولات جادة من وزارة الثقافة منذ ولايتها لصديقى الفنان  فاروق حسنى لكى يعيد لهذه القاهرة الإسلامية بعض من رونقها وبعض من إحترامها وإحترام المصريين لها قبل الأجانب المتباكين دائماَ على ما يشاهدوه ومع إشفاقهم على تلك الأثار المهملة على قدر عتابهم الشديد  لشعب مصر على عدم الإهتمام !! والقاهرة الفاطمية هى ملكية عامة طبقاَ لقانون الأثار رقم 104 وبالتالى فإن الإشغالات والتعدى عليها يعاقب بالقانون الجنائى أو كما يسمى فى التشريعات القائمة الحامية لتلك  الممتلكات الوطنية ، ولعل ظهور جزء من شارع المعز لدين الله الفاطمى !! عصب القاهرة الفاطمية " بعد ترميمه وإخلاء التتار عن مبانيه تم إنقاذه بيد الدولة ( وزارة الثقافة ) !! 
أما القاهرة الخديوية وهى التى أنشئها الخديوى إسماعيل باشا فى مرحلة نقل مصر من سواد العالم الفقير إلى مرتبة العالم المتحضر ومع إفتتاح قناة السويس أكبر مشروع فى التاريخ المعاصر خططت القاهرة الخديوية من شارع عبد العزيز ونهاية شارع محمد على وميدان العتبة الخضراء حتى ميدان رمسيس سابقاً حتى نهر النيل من جهة الغرب فى أحيائها القديمة بولاق أبو العلا وروض الفرج والسبتية وميدان الإسماعيلية وملتصقة بقصر عابدين ومركز الحكومة فى لاظوغلى والمبتديان والقصر العينى هذه القاهرة الخديوية والتى تماثل قطعة من مدينة 
( باريس – فرنسا) بشوارعها المتقاطعة عدلى باشا وثروت باشا ، وشارع فؤاد ، وشارع سليمان باشا ، وشارع محمد فريد ، وشارع شريف باشا ، وشارع عماد الدين ، وميادينها العظيمة ميدان الأوبرا ( إبراهيم باشا ) وميدان طلعت حرب  وميدان مصطفى كامل هذه القاهرة الخديوية  شيدت فيها أرقى  الطرز المعمارية وكانت عمارات الخديوية فى شارع شريف ذات القباب الأربع هى مقر لإستقبال ضيوف حفل إفتتاح قناة السويس حيث كان يمتد شارع إبراهيم باشا
 ( الجمهورية حالياَ ) من قصر عابدين حتى تلك المنطقة وتتجاوزها حتى محطة سكك حديد مصر العظيمة ( سابقاً ) .
هذه العمارات والمبانى شيدها أصحابها بغرض الإستثمار فيها ولورثتهم هناك عمارت الإيموبيليا ونوبار ويعقوبيان عشرات من العمارات والمراكز التجارية أملاك خاصة ( سابقاًَ ) ولكن اليوم أصبحت ملكيتها ( مشاعاَ ) بين "التتار" الذين  خلفتهم الحقبات الزمنية  الغابرة فى إدارة القاهرة والمسئولة عن على تراثها واليوم حينما نسمع عن أن هناك شركة قد تكونت لشراء تلك المبانى والتفاوض مع مؤجريها ومستغليها من ورش أحذية وملابس جاهزة وأعمال البلاستيك ومحلات الفول والإكسسوارات ، والميكانيكية تلك الغابة من العشوائيات حينما نجد قطاع خاص جاء ليتفاوض ويشترى وبالقطع شراء من أجل التطوير تحت نظام قانونى قائم سواء فى البناء الموحد ، تحت باب التنسيق الحضارى الذى يشرف بخيرة أبناء مصر من العلماء والمعماريون الحريصون على شكل القاهرة  بل تعيش القاهرة فى عقولهم وفى مراجعهم وعلى وحداتهم الإلكترونية تصور لما كانت عليه وما يمكن أن تكون عليه لو كان هناك راعى أو مالك أو أى مهتم قادر على إحترام تاريخ العاصمة وحضارتها فأهلاً  لخصخصة وسط البلد !! 
ولعل ما يجب الإشارة إليه بأن أوبرا القاهرة والتى تتوسط وسط البلد والتى أنشأها ضمن القاهرة الخديوية " الخديوى إسماعيل" إحتفالاً بإفتتاح قناة السويس ، هذه الدار والتى إحترقت وشيد مكانها مبنى (جراج الأوبرا) المبنى القمىء وجب الآن هدمه ، حيث حق إمتيازه إنتهى منذ أكثر من عامين وأصبح قانوناً من الواجب هدمه ، وإعادة بناء دار للأوبرا وعودة الحق لثقافة الأمة المنهوبة والضائعة من الإهمال والإستهتار والجهل ، وهذه مهمة أساسية لجهاز التنسيق الحضارى الهمام بقيادة المعمارى "أبو سعدة " !!
  أستاذ دكتور مهندس/ حماد عبد الله حماد