''الفتوى والتشريع'' :عدم جواز مساهمة الجمعيات والمؤسسات الأهلية في تأسيس الشركات

حوادث

بوابة الفجر


انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم جواز مساهمة الجمعيات والمؤسسات الأهلية في تأسيس الشركات أو المساهمة فيها، وذلك على النحو المبين بالأسباب.

 

وأكد قسم الفتوى والتشريع برئاسة المستشار بخيت إسماعيل، أنه اطلع على الكتاب رقم (1675001) المؤرخ 16 أغسطس 2017،  بشأن إعادة عرض الموضوع

المتعلق بجواز اشتراك الجمعيات والمؤسسات الأهلية فى تأسيس شركات مساهمة، أو المساهمة فيها، وذلك فى ضوء قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الجديد الصادر بالقانون رقم (70) لسنة 2017.

 

وأضاف قسم الفتوى أنه سبق أن انتهت الجمعية العمومية للقسم  بجلستها المعقودة بتاريخ 10 مايو 2017، إلى عدم جواز مساهمة مؤسسة مصر الخير الأهلية في تأسيس شركة "أيادي" للاستثمار والتنمية (شركة مساهمة مصرية) أو المساهمة فيها، وذلك تأسيسًا على أن نشاط تأسيس الشركات والمساهمة فيها يستهدف تحقيق الربح، ويدخل في نطاق المضاربات المالية، وهو ما يتعارض تعارضًا صريحًا والحظر المفروض على الجمعيات والمؤسسات الأهلية بموجب المادة (22) من قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية السابق الصادر بالقانون رقم (84) لسنة 2002.

 

وتابع: تقدمت جمعية أصدقاء المبادرة القومية ضد السرطان بطلب إلى وزارة التضامن الاجتماعي للموافقة على المساهمة في تأسيس شركة وفقًا لأحكام القوانين المصرية، بهدف زيادة الموارد المالية للجمعية، لدعم أغراضها، وأنشطتها، وذلك بنسبة (60%) من رأسمال الشركة.

 

وأوضح أن إنشاء الجمعيات والمؤسسات الأهلية طبقًا لأحكام قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية المشار إليه (الملغي) يكون لتحقيق أغراضها في الميادين المختلفة لتنمية المجتمع، وفقًا للقواعد والإجراءات التى يحددها هذا القانون، ولائحته التنفيذية، شريطة ألا يكون من بين هذه الأغراض الحصول على ربح مادي، إعمالا لصريح نصي المادتين (1)، و(56) من القانون ذاته، وهو ما أكد عليه المشرع بنصه في المادتين (11)، و(22) منه على أن يحظر على هذه الجمعيات والمؤسسات أن يكون من بين أغراضها استهداف تحقيق ربح، أو ممارسة نشاط ينصرف إلى ذلك، أو الدخول فى مضاربات مالية، وإذ ورد هذا الحظر بصيغة عامة مطلقة فإنه ينبسط إلى كل عمل تباشره هذه الجمعيات والمؤسسات يستهدف بصفة أساسية تحقيق الربح، أو ينطوي على مضاربة مالية أيًّا كانت صورته، أو الوسيلة التي يتم بها، بما في ذلك اشتراكها في تأسيس كيانات قانونية تقوم في الأساس على فكرة المضاربة، وهدفها الرئيس تحقيق الربح، أو المساهمة في هذه الكيانات، التزامًا بذلك الحظر، وتجنبًا للالتفاف عليه.

 

وفي المقابل أجاز المشرع للجمعيات والمؤسسات الأهلية في سبيل تحقيق تلك الأغراض، ودعم مواردها المالية، أن تقيم المشروعات الخدمية والإنتاجية، والحفلات، والأسواق الخيرية، والمعارض، والمباريات الرياضية، وأن تستثمر فائض إيراداتها على نحو يضمن لها الحصول على مورد ثابت، كما أجاز لها فى هذا الصدد أن تعيد توظيف هذه الإيرادات في مشروعاتها الإنتاجية والخدمية، وذلك كله دون أن تستهدف تحقيق الربح، وأن تظل وهى تباشر نشاطها، بمنأى عن الدخول في مضاربات مالية، ولا يُعدُّ اتباع الضوابط التجارية لتحقيق ناتج يساهم في تحقيق أغراض الجمعية، أو المؤسسة الأهلية، نشاطًا مخالفًا لحظر استهداف تحقيق الربح آنف الذكر، طبقًا للبند (4) من المادة (11) من القانون المذكور، بحسبان أن ما يتحقق للجمعية، أو المؤسسة الأهلية، من ناتج في هذه الحالة هو محض فائض لا يُعدُّ ربحًا ولا يأخذ حكمه، ومن ثم فهو غير مخاطب بالحظر المشار إليه.

 

ولما كان ذلك، وكانت الشركات المساهمة تقوم فى أساس وجودها، وشرعة تنظيمها، على مقصد أساسي، وهو المضاربة سعيًا إلى تحقيق الربح الذى يعود في الأصل إلى مؤسسيها، أو المساهمين فيها - حسبما سبق تفصيله - كما أن ناتج تصفيتها يعود إليهم كذلك على خلاف الحال في الجمعيات والمؤسسات الأهلية، إذ لا تئول أموالها عند انقضائها إلى الأشخاص الذين تتكون منهم الجمعية، أو المؤسسة، ومن ثم فإنه يمتنع على الجمعيات والمؤسسات الأهلية، انصياعًا لصحيح حكم القانون، استثمار أموالها، أو فوائضها في تأسيس الشركات المساهمة، أو المساهمة فيها.

 

كما استعرضت الجمعية العمومية قانون تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة في مجال العمل الأهلي الصادر بالقانون رقم (70) لسنة 2017، وعلى الأخص المادة (30) منه، التي تنص على أن: "تلتزم الجمعية بأن تنفق أموالها فى الغرض المخصصة له، ولها أن تستثمر فائض إيراداتها على نحو يضمن لها الحصول على مورد مالى ملائم، أو أن تعيد توظيفها فى المشروعات الإنتاجية والخدمية لدعم أنشطتها وفقًا لما تحدده اللائحة التنفيذية. وفى جميع الأحوال يمتنع على الجمعية الدخول فى مضاربات مالية. ويجوز للجمعيات الاحتفاظ بما تتلقاه من عملة أجنبية داخل حسابها ويتم التصرف فيها بمراعاة أحكام هذا القانون والقواعد الصادرة من البنك المركزى".

 

واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم، أن قانون تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة في مجال العمل الأهلي المشار إليه لم يأت بجديد يختلف عن القانون السابق بشأن حظر قيام الجمعيات والمؤسسات الأهلية من تأسيس شركات مساهمة أو المساهمة فيها، باعتبارها من أعمال المضاربات المالية، وانما جاءت أحكامه مؤكدة لأحكام القانون السابق في هذا الشأن، وأنه لا صحة لما تضمنه كتاب طلب إعادة العرض المشار إليه من أنه تم إلغاء الحظر المفروض على الجمعيات والمؤسسات الأهلية بموجب المادة (22) من قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية (السابق)، إذ إن هذا الحظر ما انفكت تردده المادة (30) من قانون تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة في مجال العمل الأهلي (الحالي) بنصها في عجز الفقرة الأولي منها علي أنه: "وفي جميع الأحوال يمتنع علي الجمعية الدخول في مضاربات مالية". وإذ لم يطرأ من الموجبات الواقعية أو التشريعية التى من شأنها تغيير الأساس الذى قام عليه إفتاء الجمعية السابق في هذا الشأن فمن ثم يتعين إعادة التأكيد على هذا الإفتاء.

 

ولا ينال من ذلك ما ورد في المادة (11) من قانون تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة في مجال العمل الأهلي المشار إليه من النص على أنه: "... كما يحظر على الجمعية الآتى: استهداف تحقيق ربح لأعضاء الجمعية أو ممارسة نشاط ينصرف إلى ذلك، ولا يعد اتباع الضوابط التجارية لتحقيق ناتج يسهم فى تحقيق أغراض الجمعية نشاطا مخالفا". بما مفاده، بمفهوم المخالفة، أنه يجوز للجمعية، ككيان قانوني يتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة عن أعضائه، أن تستهدف من ممارسة نشاطها تحقيق ربح لها، ومن وسائل ذلك تأسيس الشركات أو المساهمة فيها، إذ إن ذلك مردود بأنه فضلاً عن أن تفسير النص بمفهوم المخالفة هو من أضعف طرق التفسير، والتي لا يلجأ إليها إلا حال عدم إمكانية تفسير النص بأي من طرق التفسير الأخرى، فإن البين من الاطلاع على نصوص القانون المشار إليه، والتي تفسر وتكمل بعضها البعض، أنها عرفت في المادة الأولى منها (العمل الأهلي)، الذي هو المجال الوحيد لعمل الجمعيات والمؤسسات الخاضعة لأحكامه، بأنه: "كل عمل لا يهدف إلى الربح".

 

ومن ثم فإن هذه الجمعيات والمؤسسات ليس مسموحا لها بممارسة أي أنشطة تستهدف تحقيق أي ربح لها، سواء ككيان مستقل يتمتع بالشخصية الاعتبارية عن أعضائها، وهو ما يسري علي تأسيس الشركات أو المساهمة فيها، لأن الشركات فى أساس وجودها، وشرعة تنظيمها، تقوم على مقصد أساسي، وهو المضاربة سعيًا إلى تحقيق الربح الذى يعود في الأصل إلى مؤسسيها، أو المساهمين فيها - حسبما سبق تفصيله.

 

كما أن ناتج تصفيتها يعود إليهم كذلك على خلاف الحال في الجمعيات والمؤسسات الأهلية، إذ لا تئول أموالها عند انقضائها إلى الأشخاص الذين تتكون منهم الجمعية، أو المؤسسة، وإنما إلى صندوق دعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية أو إلى إحدى الجمعيات أو المؤسسات التي تعمل في ذات ميدان عمل الجمعية طبقًا للبند (ك) من المادة (7) من القانون المشار إليه، ومن ثم يمتنع عليها، انصياعًا لصحيح حكم القانون، استثمار أموالها، أو فوائضها، في تأسيس الشركات المساهمة، أو المساهمة فيها.