سليمان جودة يكتب: "بيت طه حسين"

الفجر الفني

طه حسين
طه حسين


أجرت الأستاذة ناهد الكاشف حواراً ممتعاً فى أهرام الجمعة ١٦ نوفمبر، مع السيدة سوسن محمد حسن الزيات، التى كان أبوها رئيساً لوفد مصر فى الأمم المتحدة ووزيراً للخارجية أيام نصر أكتوبر ١٩٧٣!.. وبالطبع فإن أحد أسباب إجراء الحوار مع السيدة سوسن أنها ابنة الوزير الزيات يرحمه الله، ولكن السبب الأهم بالتأكيد أنها ابنة أمينة طه حسين!.

وكان لعميد الأدب العربى ابنة هى أمينة، وولد هو مؤنس.. أما أمينة فأنجبت من الزيات ثلاثة: منى، وحسن، ثم سوسن صاحبة الحوار.. وأما مؤنس فقد عاش أغلب أيامه يعمل فى منظمة التربية والعلوم والثقافة، الشهيرة باليونسكو فى مقرها بالعاصمة الفرنسية، وكان قد أنجب ابنة وحيدة تعيش حالياً مع زوجها اليابانى فى العاصمة البريطانية لندن، وكان قد سمى ابنته أمينة لتكون على اسم أخته مرة، ثم على اسم جدتها زوجة أمير الشعراء أحمد شوقى، مرةً ثانية!.

وذات يوم كان مؤنس مع صديق له فى سيارة فى باريس، فانتبه الصديق فجأة وقال ما معناه أنه لابد أن يكون محسوداً على ما هو فيه من نعمة!.. وإلا، فهل هناك ما هو أجمل من أن يجد الواحد نفسه فى سيارة واحدة، مع ابن طه حسين وزوج حفيدة شوقى فى ذات الوقت؟!.

ولا أحد يعرف ما إذا كان الزوج اليابانى يعرف معنى أن يعيش تحت سقف واحد، مع حفيدة عميد الأدب العربى وأمير الشعراء معاً، أم لا؟!.. والمؤكد عندى أنه يعرف تماماً، فاليابانيون لا تفوتهم شاردة، فضلاً عن أن تكون هذه الشاردة نادرة، وأن يكون اسمها أمينة مؤنس طه حسين!.

وعندما روت سوزان طه حسين عن زوجها فى كتابها البديع عنه، كانت تتوقف طويلاً عند حفيدته أمينة مؤنس، وكيف أن جدها كان يجد راحةً كبيرة فى رفقتها، ثم كيف أنها كانت تظل تقرأ له بالساعات الطويلة، وكيف كان هو شديد الامتنان لها!.

ومما ترويه سوسن الزيات عن جدها العظيم، أنه كان إذا تناول إفطاره فى كل صباح، توجه إلى غرفته الخاصة فى ڤيلا رامتان بالهرم متسانداً على السكرتير، لينصت إلى القرآن الكريم ساعةً كاملة، وكانت زوجته سوزان تتجه فى الوقت نفسه إلى غرفتها، لتؤدى صلاتها على دينها.. وهكذا كل يوم.. فما أعظم عميد الأدب، وما أعظم زوجته سوزان، وما أعظم ذلك البيت!.

كان هو يتعبد فى حجرته بالاستماع إلى القرآن، وكانت هى تتعبد فى حجرتها بالإنجيل، وكانت هذه هى مصر التى عاش العالم يعرفها!.