السلفيون قتلة الأقباط

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


كتب سلفية تحرم السلام على القبطى أو تهنئته بالعيد ومصافحته مكروهة


استهداف الأقباط الذين كانوا عائدين من زيارة دير الأنبا صمويل المعترف، بمحافظة المنيا، ليس مجرد حادث إرهابى خسيس وحقير، يكشف عن وحشية وشراسة من يدعون أنهم يريدون تأسيس دولة الخلافة الإسلامية، ولكنه جرس إنذار يدق مئات المرات للتأكيد على أن ما يفعله تنظيم داعش الإرهابى الذى أعلن مسئوليته عن الجريمة، ليس وليد اللحظة.

أفكار الدواعش وغيرهم من التنظيمات الإرهابية، جاء نتيجة سنوات طويلة تربى فيها أفراد على كراهية الأقباط والتحقير منهم والتعامل معهم باعتبارهم كفارا لايستحقون الحياة، من خلال كتب وخطب ودروس يومية فى مساجد وزوايا لا يرفع فيها اسم الله ولا يسبح له المصلون فيها لأنهم مشغلون بالاستماع للسلفيين ممن يسمون أنفسهم دعاة، عن تحريم مصافحة القبطى أو الزواج من قبطية أو تقديم العزاء فى وفاة أحد المسيحيين.

تكفير الأقباط والتحريض عليهم، ليس مجرد خاطر يمر فى أذهان الدعاة السلفيين عند تفسير آية قرآنية ولكنه موضوع يشغل بالهم بشكل غريب بالنظر إلى حجم الخطب والدروس التى تذاع على الفضائيات الناطقة بأفكار السلفيين فى الدورس والخطب فى مساجد فى طول مصر وعرضها وعقب كل صلاة، ومن خلال الكتب الصادرة عن دور نشر منتشرة فى المحافظات، ووصل الأمر إلى زرع هذه الأفكار القاتلة فى نفوس الأطفال بالحضانات ودور تحفيظ القرآن.

ولا يختلف داعية سلفى عن آخر، فجميع آرائهم تصل إلى نفس النتيجة، أمر بقتل القبطى ينتظر الظروف الملائمة وعادة ما تأتى.

وهناك كثير من الفتاوى التى أطلقها شيوخ السلفية الكبار، التى تعتبر سبباً رئيساً فى كل ما يحدث للأقباط من تطرف وإرهاب، حيث قال الداعية محمد حسان، بأنه لا خلاف بين مسلمين اثنين على الأرض فى كفر النصارى، كما أكد حسان فى حديث آخر أن من يقول إن غير المسلمين أى من الكفار ومن المشركين ومن لم يؤمنوا بالله ورسوله سيدخلون الجنة فهذا كلام غير صحيح.

أما أبو إسحاق الحوينى، فيرى أن 99% من النساء الكتابيات أى المسيحيات واليهوديات «زانيات» موضحاً أن زواج المسلم منهن أصبح مسألة شائكة، وقال أيضاً إنه يحرم على المسلم أن يشارك غير المسلم أى الكافر فى أى عيد من الأعياد لأن مشاركة الأعياد مسألة نابعة من المودة والرحمة لكن الود والبر يكون لأهل الإيمان فقط.

أما الدكتور ياسر برهامى، القيادى بالدعوة السلفية، فقال عن الأقباط إنهم إخوان فى الوطن لكنهم كفار سيدخلون جهنم إذا بقوا على عقيدتهم، وقال أيضاً عن فكرة الديمقراطية، «لمن نتنازل لصالح من.. لصالح أقلية مجرمة معتدية ظالمة كافرة تعتدى على حق الأغلبية».

أما الكتب السلفية، فهى تغرس فى نفوس قرائها أفكاراً صغيرة ومتتالية تنتج شخصاً كارهاً للأقباط، والكراهية هى أول طريق الدم، مثل كتاب عنوانه «تفسير العشر الأخير من القرآن الكريم من كتاب زبدة التفسير»، الكتاب لا يحمل اسم مؤلف أو رقم إيداع، يتم توزيعه بشكل واضح على نطاق واسع خصوصاً فى دور تحفيظ القرآن للكبار، يقول مؤلفه المجهول إن «المسيحيين» هم الضالون الذين أشارت لهم سورة الفاتحة، لأنهم حادوا عن الحق.

ويطرح الكتاب أسئلة يرى أنها هامة لحياة المسلم، كما يسجل الإجابات عنها، منها بالصفحة 73، عن المبالغة فى مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، بأنه لايجوز كما فعل المسيحيون بالنسبة للمسيح عيسى بن مريم، فى حرص شديد من جانب المؤلف المجهول على إقحام الأقباط فى أى سطر من سطور الكتاب.

ولأن المؤلف مهموم بالأقباط ويستهدفهم بأفكاره، فأتى بسؤال فى نفس الصفحة عن هل أهل الكتاب مؤمنون؟ وكانت الإجابة أن اليهود والنصارى وأتباع باقى الأديان كفار، لأن كل من لم يترك دينه بعد بعثة النبى محمد، ويدخل فى الإسلام، فإيمانه بدينه غير مقبول وهو خاسر فى الآخرة وإذا لم يعتقد المسلم بأن هؤلاء كفار أو شك ببطلان دينهم، فقد كفر هو الآخر، لأنه خالف حكم الله ونبيه، وهو تكفير صريح ليس للأقباط ولكن للمسلم الذى لايعتبرهم كفاراً.

وفى الصفحة رقم 82، يشير الكاتب بطريقة مبسطة من خلال حوار بين اثنين، يهدف لإقحام المسيحيين للتأكيد على أنهم يعبدون عيسى عليه السلام، وهو الخطة السائدة فى الكتاب بأكمله والتى تحاول التأكيد على أنهم كفار يعيشون فى ظلال لذا من المحرم تهنئتهم بأعيادهم أو حضورها، أو إلقاء السلام عليهم أو القيام لأحدهم، ولكن المؤلف كان رحيماً فاعتبر مصافحة المسيحى مكروهة واشترط تقديم العزاء لأحدهم أو زيارته فى مرضه مشروطة بوجود مصلحة شرعية.

ولا يختلف المؤلف المجهول عن داعية شهير مثل محمد إسماعيل المقدم، فللاثنين نفس الأفكار والطريقة فى التفكير، وفى كتاب للأخير عن المرأة بعنوان «ولهذا تحجبت» يحاول المقدم إقحام المسيحيين فى عبارات الكتاب بشكل دائم بدءاً بالإشارة إلى أن أغلب المسلمين خالفوا تحذير الرسول بعدم التشبه بالكفار ويقلدون اليهود والنصارى.

وفى كتاب «لأنك غالية» لمؤلف يدعى مصطفى أبو زيد، محاولة لتكريم المرأة وبدلاً من أن يشرح المؤلف هذه الفكرة، تحدث عن المسيحيين ورؤية الفرنسيين للمرأة فى عصور ماضية باعتبارها ليست إنساناً.

ويوضح نفس الكاتب فى كتاب له بعنوان «فكيها شوية»، أنه عندما يريد أن يضرب مثلاً على التشدد الحقيقى، يشير إلى الرهبانية التى تشترط عدم الزواج والانقطاع عن الدنيا «بحجة عبادة الله»، فى انتقاص من الترهبن، وهو ما يكرره بقوله فى الكتاب: «الزواج يابنات سنة ربنا فى الأرض ..يعنى مش عيب أبداً ولا حرام إن البنت تتمنى الزوج الصالح وألا نكون كرهبانية النصاري».

أما كتب الأطفال، فمحاولة غرس أفكار التطرف والكراهية التى تمهد وتؤسس لسفك الدم البرىء، واضحة ولا لبس فيها، بغرس أفكار فى قلوب الأطفال تجعلهم يكرهون الأقباط مثل كتاب «فقه الطفل المسلم»، الذى يشرح فى فصل عن الصيام أن السحور أنه أمر يجب الحرص عليه لأنه سنة عن النبى، ولأن فيه مخالفة لصيام اليهود والنصارى، رغم أنه لا ضرورة على الإطلاق لإقحام فكرة المخالفة.

وفى كتاب العقيدة الميسرة للطفل المسلم، يمارس المؤلف تحريضاً للأطفال على العنف والكراهية ضد الأقباط، وفى الصفحة رقم 14، تتضمن «لعبة الحق والباطل» أن هذه اللعبة تعلم الطفل الإخلاص والعبادة الحقيقية وتعلمه الشرك بكل أنواعه، وعلى الطفل كتابة علامة «صح» على ما يمثل التوحيد وكتابة علامة «خطأ» على ما يمثل الشرك، وأحد نماذج هذه اللعبة وضع صورتين مكتوبا أعلى الأولى «الحق» والثانية مكتوبا أعلاها «الباطل»، الأولى تتضمن «الشهادة وصورة للكعبة» والثانية وتمثل الباطل تتضمن «الصليب ونجمة داود وعبدة الأصنام».

وفى أسلوب منطقى يوضح المؤلف طريقة التعامل مع أهل الباطل فى الصفحة رقم 19 بقوله «إن الله تعالى أمر الرسول بقتال الكفار وجهادهم، فجاهد فى الله وهزم الكفار فى حروب كثيرة»، فى تحريض صريح على قتال الأقباط خصوصاً أنهم المثل الموجود قرب الأطفال.

أما كتاب الهدية المخصص لعمر 5 إلى 6 سنوات الصادر عن دار «الفتح الربانى» بدون رقم إيداع، فيذكر فى الصفحة رقم 11 أن تفسير كلمة الضالين بسورة الفاتحة، هم النصارى أما «المغضوب عليهم» فهم اليهود.