التحوير الوزاري: أرقام ومؤشرات

تونس 365

بوابة الفجر


شمل التحوير الوزاري الذي أعلن عنه رئيس الحكومة يوسف الشاهد مساء أمس الاثنين، 18 خطة ، من بينها 13 حقيبة وزارية و5 كتاب دولة .

ويكتسي هذا التحوير الوزاري، أهمية سياسية في هذ المرحلة، بعد عامين على انطلاق عمل الحكومة، نظرا لثقله (18 خطة)، ولأنه شمل استحداث وزارات جدد وشمل وزارات حساسة على غرار العدل والصحة والسياحة والنقل والتجهيز والاسكان.

وأصبحت الحكومة الجديدة، بالأرقام، تتكون من 30 وزيرا و14 كاتب دولة بعد أن كانت تتكون من 28 وزيرا و15 كاتب دولة في اخر تحوير وزاري كبير أجراه الشاهد (سبتمبر 2017)، وبعد أن كانت تضم عند انطلاق عملها في شهر أوت من 2016، 26 وزيرًا و14 كتاب دولة.

وقد تم استحداث ثلاث وزارات جديدة خلال هذا التحوير، هي وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الادارة والسياسات العمومية التي تقلدها كمال مرجان، ووزارة لدى رئيس الحكومة مكلفة بالهجرة والتونسيين بالخارج يشرف عليها رضوان عيارة ووزارة لدى رئيس الحكومة مكلفة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني تولاها شكري بن حسن .

أما خطط كتاب الدولة الأربع المعلن عنهم من قبل الشاهد، فهي خطط موجودة منذ التحوير الوزاري الذي تم في سبتمبر 2017، وتم تحوير المكلفين بها فحسب.

وبخصوص وزارات السيادة، فقد حافظ وزراء الداخلية والخارجية والدفاع على مناصبهم، باستثناء وزارة العدل التي تم تكليف كريم الجموسي بها خلفا لغازي الجريبي، وقد سبق للجموسي أن تولى مهام كاتب دولة مكلف بأملاك الدولة في حكومة مهدي جمعة الانتقالية ( 29 جانفي 2014 الى 6 فيفري 2015).

وتميزت هذه الحكومة باقتراح روني الطرابلسي على رأس وزارة السياحة والصناعات التقليدية، وهو ثاني وزير من الديانة اليهودية ، يتقلد خطة في حكومة تونسية، بعد أندريه باروش الذي تقلد وزارة التعمير والاسكان في حكومة الحبيب بورقيبة الأولى بعد الاستقلال (18 أفريل 1956 الى 29 جويلية 57).

وتدعمت هذه الحكومة الجديدة، بعنصر نسائي وحيد جديد، عبر تكليف بسمة الجبالي كاتبة للدولة لدى وزير الشؤون المحلية والبيئة ، في حين تم تكليف كل من سنية بالشيخ وزيرة لشؤون الشباب والرياضة وسيدة لونيسي وزيرة للتكوين المهني والتشغيل، بعدما كانتا تشغلان خطط كاتب دولة في الحكومة السابقة لتشمل الحكومة الجديدة 6 عناصر نسوية اجمالا.
//النداء والنهضة في الطليعة//
رغم اعتراض حركة نداء تونس الحزب الفائز بالانتخابات على هذا التحوير الوزاري، وتشبثه بضرورة رحيل يوسف الشاهد، فان الحركة استأثرت بنصيب الأسد في هذا التحوير، ب9 وزارات وكتابتي دولة .

وحافظت حركة النهضة على تموقعها بالحكومة باستئثارها بالمرتبة الثانية، ب 4 وزراء و4 كتاب دولة.
وعلى غرار نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة التي برز فيها المستقلون، فقد حاز المستقلون على 8 خطط في الحكومة بعد التحوير، بين وزراء وكتاب دولة.

وتشارك حركة مشروع تونس وحزب المبادرة بوزارتين لكل منهما، اذ تم تكليف عبد الرؤوف الشريف ومحمد فاضل محفوظ (حركة مشروع تونس ) بوزارتي الصحة ووزارة لدى رئيس الحكومة مكلفة بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحوقو الانسان.

واضافة الى وزارة المرأة التي تواصل نزيهة العبيدي (حزب المبادرة) الاشراف عليها، أسندت إلى كمال مرجان (رئيس حزب المبادرة) وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الادارة والسياسات العمومية وهو الذي كان اخر وزير للشؤون الخارجية في حكومة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
//اشكال سياسي//
وقال الشاهد، عند اعلانه عن التحوير الوزاري، مساء أمس الاثنين، إنه قام بالتحوير الوزاري وتحمل مسؤولياته فيه وفقا للصلاحيات الممنوحة له دستوريا " لإضفاء مزيد من الفعالية والنجاعة على العمل الحكومي ".

وأضاف أن منهج التحوير الوزاري وهو الأول منذ إعلان تركيبة حكومته في 20 أوت 2016 ، "كان قائما على أساس الملاءمة بين البحث عن الكفاءة والقدرة على خدمة الشأن العام والحوار مع الفاعلين السياسيين من اجل تكوين فريق حكومي متضامن ومتكامل ومسؤول لوضع حد للأزمة السياسية الراهنة ولتحقيق الاستقرار في البلاد وتسوية الملفات العالقة" وهي ملفات تشمل الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية، حسب تعبيره.

وشدد رئيس الحكومة على ان اجراءه لهذا التحوير تم بعد القيام بمشاورات"ضرورية"، مضيفا أن من شأن هذا التعديل الحكومي "تهيئة البلاد للاستحقاقات الكبرى المقبلة بمناخات نقيّة ووفق خارطة طريق واضحة"،حسب قوله. 

في المقابل قالت الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش، "ان رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي غير موافق على التمشي الذي انتهجه رئيس الحكومة يوسف الشاهد بخصوص التحوير الوزاري، لما اتسم به من تسرع وسياسة أمر واقع".

وأضافت قراش في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء عقب اعلان رئيس الحكومة عن التحوير الوزاري أنه لم يتم التشاور مع رئيس الجمهورية بخصوصه، وأفادت بأنه " تم اعلام رئيس الجمهورية بقائمة في اخر النهار، يبدو أنها تغيرت فيما بعد"، على حد قولها.

ومن جهتها، أكدت قيادات حركة نداء تونس، خلال ندوة صحفيّة عقدتها اليوم الثلاثاء بمقرها بضاحية البحيرة، أنّ التحوير الوزاري الذي أعلن عنه رئيس الحكومة مساء أمس الإثنين، هو إنقلاب قامت به حركة النهضة للهيمنة على تركيبة الحكومة بواسطة يوسف الشاهد، الذي لم يكن إلا أداة طيّعة لها.

وقال القيادي بالحركة رضا بلحاج، إنّ التحوير الوزاري جاء في ظروف معينة، ولم يكن نتيجة مشاورات مع الأحزاب خاصة منها حركة نداء تونس الفائز في انتخابات 2014، مبينا أن الشاهد لم يعلم رئيس الجمهورية بالتحوير الوزاري بصفة قانونيّة، مما يعتبر تجاوزا لصلاحياته، وفق تقديره. 

أما أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، فقد قال في تصريح لو(وات) اليوم، إن رئيس الحكومة يوسف الشاهد "ليس مجبرا على أن يتشاور مع رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في تعيين أعضاء حكومته ، والتشاور يقتصر على وزيري الدفاع والخارجية فقط كما ينص على ذلك الفصل 89 من الدستور".

واعتبر سعيد ، أن "الخلاف بين قرطاج والقصبة هو خلاف سياسي، وأنه ليس هناك أي مانع دستوري على الاطلاق في أن يعلن رئيس الحكومة عن ادخال تحوير بدون أن يستشير رئيس الجمهورية". 
وأشار في ذات الوقت ، الى أن "الاشكال السياسي قد يتعقد أكثر لو يرفض رئيس الجمهورية الإمضاء على الأمرالرئاسي لتعيين الوزراء الجدد ، أو يؤجل موكب اداء القسم دون تحديد لموعده، فأعضاء الحكومة مطالبون باداء اليمين امام رئيس الجمهورية عملا بأحكام الفصل 89."

وفي الاثناء تتواصل ردود الفعل بخصوص هذا التحوير الوزاري ، وتتباين وجهات النظر بشأنه ، ولن يحسم هذا الجدل إلا بعرض هذه التشكيلة الحكومية المقترحة من قبل الشاهد على أنظار مجلس نواب الشعب وهو الذي سيقرر إما أن يمنحها الثقة بأغلبية 109 صوتا وهو ما سيضع حدا لأزمة سياسية طال أمدها، أو أن يسقطها وهو ما سيخلط الاوراق من جديد ويفاقم الازمة التي تتخبط فيها البلاد.   (وات)