أحمد عصام السيد لـ"الفجر الفني": "أحلم أن تلخص أفلامي أفكار وهوية جيلي" (حوار)

الفجر الفني

بوابة الفجر


بحس كوميدي، وروح خفيفة، وأسلوب سهل ممتنع، يطرق المخرج الشاب أحمد عصام السيد أبواب غير مألوفة، يقدم أفكار خارج الصندوق، ويطرح موضوعات تبدو بسيطة لكن لم يتطرق لها أحد من قبل بهذا الشكل.

في تجربته الأولى في "آخرتي الأولى" تناول أحمد بشكل ساخر رؤية الأطفال ليوم القيامة، عرض أفكارهم، وشاركهم مع أصدقائه بتجاربهم الخاصة.

وفي ثاني تجاربه، ومن خلال فيلم روائي قصير "عيد جواز" سخر أحمد من وصم الحضن في الأماكن العامة في المجتمعات الشرقية، فبطلي فيلمه "هند" و"مجدي" يبحثان عن مصعد ليتوارا عن الأنظار ويختلسان دقائق من الدفء الحميمي في عيد زواجهما الثلاثين.

"الفجر الفني" حاور المخرج والمؤلف والكوميديان الشاب أحمد عصام السيد للحديث عن تجربتيه في الإخراج وعروضه الكوميدية، وإلى نص الحوار.

-في البداية، عرفنا بنفسك، من هو أحمد عصام السيد؟
أنا أحمد عصام السيد، ٢٣ عام، درست في مدارس بريطانية، ثم درست إخراج بالمعهد العالي للسينما، وتخرجت العام الماضي.

-شاركت العام الماضي في المهرجان القومي للسينما المصرية بفيلم "آخرتي الأولى"، ما هي فكرة الفيلم؟
يتحتم على طلاب معهد السينما في السنة الثالثة تقديم فيلم تسجيلي، كنت أريد البعد عن الشكل التقليدي للأفلام التسجيلية، وتذكرت فكرة كانت لدي منذ أيام الثانوية العامة، وقتها كنت متأكد من رغبتي في أن أصبح مخرجًا، وكنت أرى حينها أن أي شئ مرعب أو قاتم يمكن النظر إليه من منظور فكاهي، وكان أكثر ما أخشاه هو يوم القيامة أو نهاية العالم عمومًا، وتسألت عن منشأ وأسباب هذا الخوف، وتذكرت حواراتي مع زملائي في الطفولة، وفكرت هل لا يزال الأطفال يتربون على نفس الخيال الأسود، وفكرت في إمكانية تقديم فيلم تسجيلي عن هذه الفكرة، لأني أحب من يقدمون أفلام تسجيلية خارج الصندوق وقد تكون ساخرة أيضًا، وأشهرهم المخرج الأمريكي مايكل مور.

-ظهرت في فيلم "آخرتي الأولى" مع أصدقائك وقدمتم وجهة نظركم بشكل ساخر، وهو أسلوب غير معتاد في الأفلام التسجيلية، كيف استقبل الجمهور العمل؟
إحقاقًا للحق، هناك فيلم ليوسف الإمام، والذي كان طالبًا في المعهد وهو أكبر مني، اسمه "ليبيدو"، وتناول من خلاله موضوعًا شائكًا جدًا، وظهر أصدقاؤه في الفيلم وتحدثوا في الموضوع لخصوصيته بالنسبة لهم، وقد شاهدت الفيلم قبل دخولي معهد السينما، وهو أحد الأفلام التي ألهمتني في فيلم "آخرتي الأولى"، وبالنسبة لاستقبال الجمهور فكان الضحك أو التهامس فيما بينهم والحديث عن خيالاتهم هم أيضًا، وهو الأمر الذي يسعدني في كل مرة أشاهد فيها العمل.

-كم من الوقت استغرق الفيلم للخروج للنور؟
استغرق الفيلم ما بين ٤ و٥ شهور، وكان الجزء المجهد هو البحث عن تجمعات للأطفال توافق على المشاركة في الفيلم والحديث عن تصورهم ليوم القيامة، بينما استغرق التصوير ٥ أيام فقط. أما عن ميزانية العمل فكانت قليلة جدًا لأن الكثيرين ساعدونا دون مقابل، وعلى رأسهم سارة البورديني التي نفذت الرسوم المتحركة في الفيلم، تحت اسم الشركة اللي كانت تعمل بها، وكانت الكاميرا تعود لصديقنا ومدير إنتاج الفيلم وهو محمد عبد الوهاب.

-ما هي أبرز المهرجانات التي شارك فيها الفيلم؟ وما هي الجوائز التي فاز بها؟
حصل الفيلم على جائزة أحسن فيلم تسجيلي في الدورة السابقة من المهرجان القومي للسينما، وجائزة أحسن فيلم تسجيلي في ملتقى رؤية، الخاص بالمركز القومي للسينما. وعُرِض مع أفلام الدفعة بسينما زاوية في نوفمبر ٢٠١٦، وكان أحد الأفلام التي عُرضت في سينما الهناجر في افتتاح نادي السينما المستقلة في أغسطس الماضي، والفيلم متواجد حاليًا على موقع "فيسبوك".

-تشارك للعام الثاني على التوالي في المهرجان القومي للسينما بفيلم "عيد جواز" وهو فيلم روائي قصير، حدثنا عن موضوع الفيلم؟
الفكرة في الأصل لصديقة طفولتي المخرجة والممثلة سلمى ماهر، والتي تشارك في المهرجان أيضًا بفيلم تسجيلي بعنوان "اسمه ايه"، وكنا نتناقش في إحدى المرات عما إذا أُضطر شخص مسافر لحضن حبيبته في الشارع كيف سيكون الحل في المجتمع، وكان اقتراحي هو بحثهم عن مكان ليحضنوا بعضهما فيه، وكنت آنذاك أبحث عن فكرة لمشروع تخرجي، واقترحت سلمى أن يكون الفيلم عن مغامرة مماثلة لكن مفارقتها أن الحبيبين متزوجان بالفعل، بعدها كتبت الفكرة وتتابع مبدائي للمشاهد، ثم ثم طلبت من زميلتي بقسم سيناريو أشرقت محمد، كتابة السيناريو نظرًا لتقارب أساليب تفكيرنا، لكنها أعقل مني، وعلى علم ودراية بقوانين الدراما و السيناريو، وبالفعل بدأنا في كتابة الفيلم وأنتجنا ٤ نسخ حتى وصلنا للنسخة النهائية التي خرج عليها العمل.

-يناقش الفيلم حساسية الحضن في المجتمع الشرقي، وهو موضوع أقرب لتفاصيل المرأة، كيف تفاعلت مع الفكرة؟
فعلًا فصاحبة الفكرة امرأة، و سبب حماسي للموضوع أن أول ما عرفت الفكرة تأكدت أن الزوج سيكون غير متحمس للحضن في وسط المغامرة قدر الزوجة، وهو الأمر الذي يخيفني من نفسي، ففي ظل طلاق والدي ووالدتي، تكون عندي خوف وقلق من أنني لن أكون الزوج الرومانسي المثالي، ومن خلال شخصية "مجدي" في الفيلم، حاولت أن أضع يدي على مشكلاتي، وأجد حلول لها، بمعنى أصح أحاول حل مشاكلي من خلال أعمالي، وأمل أن تكون نفس المشاكل لدى أغلب الناس على أمل أن تنجح أعمالي في المستقبل.

-كم بلغت ميزانية الفيلم؟ وكم من الوقت استغرق تصويره؟
تكلف الفيلم ٥٠:٦٠ ألف جنيه، واستغرق التصوير ٣ أيام في نفس الأسبوع، وانتهينا من مونتاج النسخة الأولى من الفيلم بعد التصوير بيومين، ثم أخدنا شهر راحة، للانتهاء من العام الدراسي وشهر رمضان، وعدنا للعمل على الفيلم في أخر أيام العيد، وذلك بعد أن شاهد عدد من أصدقائنا وأساتذتنا النسخة الأولى وأبدوا ملاحظاتهم وتعليقاتهم، وبعدها بأسبوع أخرجنا النسخة النهائية، حيث كنّا انتهينا بالفعل من وضع الموسيقى والاستقرار على الفكرة النهائية.

-كيف أقنعت طاقم التمثيل بفكرة الفيلم؟ وماذا عن مشاركة المخرج ناصر عبدالمنعم كضيف شرف؟
لم يكن إقناع الممثلين أمرًا صعبًا، فالممثلون شاركوا في الفيلم حبًّا في التجربة، و التغييرات التي تمر بها شخصياتهما، كل ما هنالك أني طالبتهم بقراءة السيناريو والمشاركة في حال أعجبهم، أما عن مشاركة المخرج ناصر عبد المنعم فجاءت بمحض الصدفة، ولم يرتب لها سوى قبل التصوير بيوم واحد بعد اعتذار الممثل الذي كان من المفترض أن يؤدي الدور قبل ٥ أيام، ووافق ناصر على المشاركة نظرًا لمعرفتي الشخصية به، وصداقته القوية ببطل الفيلم محمد حسني حسيب، وشعرت بأنه سيكون الخيار الأمثل للشخصية التي لعبها.

-بخلاف المهرجان القومي للسينما، ما أبرز مشاركات الفيلم في المهرجانات؟ وما الجوائز التي حصدها؟
شارك الفيلم بالمسابقة الرسمية بمهرجان الأقصر السينمائي الدولي، كما شارك في مهرجان الاْردن السينمائي الدولي هذا العام، وحصدت أشرقت محمد جائزة أحسن سيناريو، وكان من نصيبي جائزة أحسن مخرج، ولا نزال نرسل الفيلم للمشاركة في مهرجانات أخرى قريبًا.

-كيف ترى حظوظ الفيلم في الفوز في الدورة الـ٢٢ من المهرجان القومي للسينما؟
ليست حظوظ بقدر ما هي آراء خاصة بمستوى الفيلم فنيًّا، ولا أستطيع أن أعبر عن رأيي في فيلمي لأنني دائمًا ما أرى عيوبه وأشعر بإمكانية إجراء العديد من التعديلات، ولكن أرى أن فيلم "ندى" للمخرج عادل أحمد يحيى أجدر بالفوز بالجائزة من وجهة نظري.

-تشارك في كتابة الأعمال التي تخرجها، هل ترى الكتابة جزء أساسي لإخراج العمل؟ وهل من الممكن أن تخرج سيناريوهات كتاب آخرين؟
أعتقد أني لو قدمت "حاجة مش مصدقها ومش طالعة من مشاكلي مش هعملها كويس"، لكن قد يكون في سيناريو لشخص آخر يجذبني لأنه يعبر عني جيدًا، و تواصلت معاه كما لو كانت فكرتي.

-اعتمدت على الكوميديا في طرح أفكار أفلامك، هل تركز أكثر في أعمالك على الكوميديا؟ وهل تفكر في تقديم أعمال درامية؟
أميل أكثر لفكرة الكوميديا السوداء، لكن في حال كان السيناريو درامي وبدون أي ضحك، فلن أحشر فيه الكوميديا بالتأكيد.

-قدمت فيلم روائي قصير وآخر تسجيلي والنوعين جمهورهما تقريبًا قاصر على صناع السينما والمختصين، برأيك كيف تصل أنواع السينما المختلفة للجمهور العادي؟
على كل صناع الأفلام الشباب أن يبدأوا في تحضير وكتابة أفلامهم الطويلة، وبالفعل الكثيرون منهم بدأ في ذلك، والجزء التاني من الخطة يقع على عاتق الممولين والمنتجين الذين يتحمسون لهؤلاء الشباب والمغامرة بهم، وبالنظر لأعمالهم السابقة سيجدون صوتًا موحدًا لكن هويات متعددة، و ألوان مختلفة وجديدة وكثيرة لأعمال سينمائية بانتظار من يمولها، بدأت الحركة في الاتجاه لذلك بالفعل، ببطء لكن بثبات، وعلى السينمائيين الشباب أيضًا عدم تحقير الجمهور ورأيه والذوق العام، "ده مجتمعك، أتكلم زيهم، لكن قول اللي أنت عاوز تقوله".

-ترجمت فيلم "جومر" إلى اللغة الإنجليزية، هل تُمارس الترجمة إلى جانب الإخراج؟
لا، مخرج الفيلم إبراهيم فرج علي صديقي، وكان زميلي بدفعة معهد السينما، وساعدته في ترجمة الفيلم، لكني لم أمتهن الترجمة بعد.

-إلى جانب الكتابة والإخراج، تقدم حفلات ستاند أب كوميدي، حدثنا عن تجربتك؟
بعد تخرجي من المعهد، صادفني إعلان على الإنستجرام عن أن القناة العالمية بنسختها العربية "كوميدي سنترال" تبحث في العالم العربي عن كوميديانات للظهور ببرنامج ستاند اب كوميدي "عالواقف"، والذي يُعرض على قناة osn. وكان الستاند أب حلمي منذ الصغر، لكني لم أنضم لأي من الورش التي أقيمت في مصر، إلى أن شاهدت الإعلان، وبالصدفة كانوا في مصر هذا اليوم، لذلك قررت الذهاب والمشاركة بتقديم كل الحاجات التي تُضحك أصدقائي بعد إعدادها لتكون ستاند أب وليس مجرد حكي، وفوجئت باختياري للمشاركة بالفعل، ومن هنا أدمنت هذا الفن. وكانت أخر حفلاتي في ساقية الصاوي وهي "شركة المضحكين المحدودة"، وقد سبقها أكثر من ١٥ حفلة في أماكن مختلفة، ومن المقرر عرض حلقتي في "عالواقف" الأحد ٤ نوفمبر.

-والدك هو المخرج عصام السيد، حدثنا عن تأثيره عليك وطرق دعمه لك في مسيرتك الفنية؟
كان لوالدي دور كبير في حبي للأفلام، فدائما ما كان يحضر لي أفلام عالمية ويعرفني عليها من خلال مخرجيها. وهو ما كان سببًا في انجذابي للسينما أولًا، وللإخراج ثانيًا، وذلك بسبب أن والدي لم يكن مخرجًا فقط، بل صاحب شخصية قيادية أيضًا. ووالدي هو الناقد الأقسى على أفلامي، ويشاهدها تقريبًا ليس باللقطات بل بالثواني والفريمات، ودائمًا أسعى لإرضائه، لكن عند نقطة معينة أختار أن أذهب مع ما أراه أنا مناسب أو مسلي، أو ما أريده في العموم، وفي حال تعارض آراءنا يحترم اختياراتي للغاية.

-ما أبرز مشاريعك المقبلة؟ وهل هناك نجوم تحلم بالعمل معاهم؟
أنتج بالتعاون مع رشا حسني حاليًا فيلم طويل من إخراج صديقي خالد منصور، مخرج فيلمي "جزيرة التوت" و"الدرويش"، ونبحث حاليًا عن منحة إنتاجية و ممولين مهتمين لتنفيذ المشروع. وبجانب هذا، أكتب فيلمين، واحد قصير و الآخر طويل، على أمل أن ينتج المركز القومي للسينما الفيلم القصير، وأن أجد ممول لفيلمي الطويل. وحلمي أن تلخص أفلامي أفكار و هوية جيلي، وأن ترتبط بأذهان جيلي، وأن أذكر في كتب السينما لعقود في المستقبل. وليس هناك نجوم بعينهم أريد أن أعمل معهم، بل أريد أن أخرج أفلامًا تضم كل أصدقائي الممثلين المغمورين، وأن ننتقل أنا وهم إلى النجومية معًا، فهم يستحقونها بالفعل، و سيصلون إليها سواء كان ذلك بمساعدتي أو دونها.