مينا صلاح يكتب: إنه الرئيس السيسي.. ألا ترون!

مقالات الرأي

مينا صلاح
مينا صلاح


دخلت أمس، نقاشا حادا مع أحد المقربين لي، وهو يشرح لي رؤيته في تطوير التعليم، بشقيه العام والخاص، وعن استيائه الشديد من الدولة تجاه إدارة ذلك الملف الحساس، وعن رغبته في أن يقلبه رأسًا على عقب، من تطوير الأبنية وتغيير المقررات، وتأهيل المعلمين تأهيلًا شاملًا؛ لنواكب المستوى التعليمي في اليابان وأوروبا.

قاطعته كثيرا لأخبره أن كل ما يتمناه جميلاً، ولكن هل نظر لميزانية الدولة وظروفها الاقتصادية؟، هل تسمح لنا بذلك التغير اللحظي من عدمه، وكيف للمجتمعات أن تسير بسياسيات التسرع لا التسلسل المرحلي في التطوير والتغيير؟، فأجابني من منظور ضيق، بأن الدولة تجني مليارات الجنيهات يوميًا، من قناة السويس، ومن الطرق ومن الضرائب، ومن السياحة، مطالبًا بتوظيف تلك الأموال في عملية الإحلال والتبديل التي يتمناها.

نظرت له، بذهن شارد، لازدحام المبررات في عقلي للحظات معدودة، حتى أرتبها لكمها الهائل، وسألته سؤلا لو كنت مسؤولًا لطرحته على جميع المواطنين: هل يعلم أحدكم خطة توزيع أرباح الدولة؟.. الإجابة القاطعة لا، فالجميع ينظر للأرباح وكأنها تسلك مسارها إلى جيوب المسئولين مباشرة، وإلى حساباتهم البنكية، فالجميع يريد أن يتلقى علاجًا وتعليمًا، مجانًا ودعمًا على المأكل والمواد البترولية، بأسعار زهيدة، في ظل انعدام الرؤية عن معرفة الأسعار الحقيقة، حول العالم، وهل سألت نفسك سؤلا، كم مدرسة تعليم أساسي وثانوي في مصر، لا زالت مصروفاتها لا تتخطى المئة جنيه للطالب الواحد، في العام الدراسي بالكامل، شاملة التأمين الصحي، والكتب الدراسية؟، وكم مستشفى حكومي في مصر يتلقى حالات يوميًا على مستوى الجمهورية لعلاجهم بالمجان، من دون مقابل، على قوائم الانتظار كم مريض؟، هل سألت نفسك على أرض مصر، عن العدد الحقيقي الذي يتلقى معاشات (تكافل وكرامة وغيرها)؟، بكم تدعم الدولة السلع التموينية، والبنزين والسولار والجاز، والأسمدة الزراعية؟، هل سألت نفسك من أين تأتي الدولة بكل تلك المليارات؟، هذا قبل أن تنصب نفسك واليًا على بيت مالها وتسألها أين تنفق؟، والله لو علمتم الحقائق التي تجاهلها الإعلام لكنتم أول الناس، تعذر الدولة، والتي تنحت في الصخر من أجل توفير كل هذه المتطلبات، لأكثر من 90 مليون مواطن على أرضها، ساروا في نهج "الناس ماسكة في ديل الحكومة كأنها أمها اللي خلفتهم"، وهذا حق عليها بالقطع، ولكن من الأولى ألا يعيق الأبناء أمهاتهم، وأن يقدروا مشقتهم، فلا أم تقسى على أولادها، ولا دولة تنبذ أبنائها.

إن كان لي اللوم هنا، فهو موجه صوب الإعلام الذي لم يمارس دوره التوعوي على الوجه الأكمل، في المصارحة أولًا، وفي المواجهة ثانيًا، وفي العرض ثالثا، لكل التحديات التي تمر بها مصرنا.

نعم لدينا تحديات سنتخطاها بفضل الله (سبحانه وتعالى)، وبفضل إصرارنا، ولا مكان للمشكلات، فأوطاننا تبقى شامخة، راياتها عالية خفاقة، لا تعرف للانحناء مكان، ولكن إن كان للراغبين في الرغد رأي، فعليهم دراسته أولا، وعليهم تحليله ثانية، وقياس معايير تطبيقه ثالثا ورابعا وخامسا.

تضمنت الأسطر السابقة، عرضًا سطحيًا لمجالات تدعمها الدولة، ولكنها لم تتطرق إلى الدعم العسكري في الحرب على الإرهاب، هل سأل الراغبين في الرغد يومًا، كم تتكلف حربنا على الإرهاب، وهنا لا أتحدث عن دمائنا التي سالت وتسيل يوما تلو الآخر، والتي لا تقدر بأموال الدنيا وثرواتها، ولكني أدقق الحديث في ميزانية الحرب على الإرهاب، من عتاد، ومن مركبات وذخيرة، بالقطع لا يعلم أحد، ولعلها تكون أسرار، ولكن "اللي ميشوفش من الغربال يبقي أعمى"، "الرفال، ميسترال، ميج" وغيرها من صفقات تسليح الجيش المصري العظيم، التي يصيح البعض عن عمد والبعض عن جهل متسائلين ما أهميتها، ومرددين أن ميزانية الدولة تهدر في تسليح القوات المسلحة، وهم على جهل عظيم، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أراد أن يعيد مصر إلى مكانتها الطبيعية، وأن تصبح حصن الشرق، وقلعته المنيعة، وأن يعيد حسابات ميزان القوى في الشرق الأوسط، بعزيمة القوات المسلحة وإيمانها الراسخ بعقيدتها "النصر أو الشهادة"، قالتها لي جدتي يومًا: "أيام جمال عبد الناصر يابني كنا بنوزع أكلنا على العساكر وبنشيل جراكن المياه للعساكر وبنصلي وندعي للعساكر، أصل اللي مالوش خير في بلده مالوش خير في نفسه ولا في حد"، كلمات رأيتها في معدن الشعب المصري الأصيل، وترجمتها في مواقفه التي أثبتت دومًا أن جيش مصر لشعبها، وشعب مصر لجيشها، لا فرق بينهما، رأيتها في كم الشباب الهائل الراغب في التطوع لدي القوات المسلحة المصرية، رأيتها في كم الشباب الهائل الذي يريد الاستشهاد على أرض الفيروز، رأيتها في أرض باركها الله في القرآن والإنجيل.

لا تسيروا في ركاب الموجة، وتيقنوا، واعقلوا القول، وأحسنوا، قبل لوم رئيس استلم دولة، غارقة في المشكلات والفساد، لا بنية تحتية لها، ولا مستقبل محدد الملامح لأبنائها، أعاد البناء، والاحتياطي النقدي لمنطقة الأمان بأكثر من 44 مليار دولار، وأعاد الربط بين المناطق المختلفة بشبكة طرق جديدة، وعزم على نسف العشوائيات، وإسكان في مناطق راقية، من دون مقابل، وعمل على تطوير التعليم، وتأسيس شركات توليد الطاقة، وإقامة 100 ألف صوبة زراعية، وأكثر من تريليون رأس ماشية، و40 ألف مزرعة استزراع سمكية، وتأسيس ما يقرب من 200 كوبري، وشبكة طرق تخطت الـ7 آلاف كيلو مترًا، وزيادة الرقعة الزراعية بواقع 200 ألف فدان، وزيادة المعاشات إلى نحو 16%، وتراجع عجز الموازنة من 16.7 لـ10.9، وتدفق الاستثمارات بأكثر من 500 مليار جنيه.

وانتفعت أكثر من 2.5 مليون أسرة بمعاش تكافل وكرامة، فضلا عن مليوني مواطن تقريبا يستفيدون من معاش التضامن الاجتماعي، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها مصر، لم يتوقف صرف المعاشات أو الرواتب شهرا واحدا، لمستحقيه، إيمانا بأن هناك حملوا الرسالة على عاتقهم وعهدوا ما صادقوا الله عليه.

ولمن سألني عن التعليم، فيا عزيزي تم تدعيم الفصول الدراسية بـ41 ألف فصل، وأكثر من 5 آلاف معمل مجهز، فضلا عن تأهيل 10 آلاف معلم، وإنشاء 9 جامعات حكومية.

لم أحصر المشروعات التي تم إنجازها، جملة وتفصيلًا، ولكنني عرضت جزءًا بسيطًا منها، لمن يسأل أين تذهب أموال الدولة والميارات التي نسمع عنها يوما تلو الآخر.

وأوجه حديثي لمن يملك حلولا، بأن يبادر بها على وجه السرعة، إلى الجهات المعنية، وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة، التي لم نرها تتسع وتصغى جيدًا للشباب، إلا في عهد رجل، جاء في زمن ظلمه، بكل المقاييس، وهو الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي خاض حربًا لم تنته بعد، منذ أن بدأ اسمه يتردد على مسامع المصريين، بدأت بالإرهاب، ثم البقاء، ووصلت إلى النهوض وإثبات الذات.