قبطان الأمل وغطاس الإرادة.. حكاية البطل ولاء حافظ وتحدي الشلل تحت الماء (تقرير فيديو)

الفجر السياسي

بوابة الفجر


بين اليأس والعزيمة، شعرة بسيطة من الإرادة والتحدي، لا يدركها إلا المؤمن بقضاء الله وقدره، فحياتنا لا تنتهي عند مطاف الألم والصعاب، مادمنا نتستنشق حتى لو الصعداء من أنفاسنا، فالله  حكمة وموعظة، في كل محطات الدنيا، من آمن بهما تخطى حاجز المستحيل وهو قعيد حتى، وطار بأحلامه ليحلق فوق جبال الأمنيات عاليا كالنسر الذي امتد بجناحيه وكأنه مالكًا لكل من تحته، يرفرف تارة بالعزيمة، وتارة بالإيمان، يجدد شبابه كلما أزداد ألمه، لا يستسلم بل يقاتل ويتحدى بشرف لأخر المطاف، بالعقيدة الراسخة التي تربى عليها مقاتلو القوات المسلحة المصرية بأفرعها المختلفة، التي لا تعرف للاستسلام عنوان، ولا لليأس في سجلها شطرًا من التاريخ حتى. 

نقف أمام حالة القبطان ولاء حافظ، الضابط بقطاع المهام الخاصة بالقوات البحرية، صاحب أطول غطسة في مياه البحر الأحمر - وفقا لموسوعة الأرقام القياسية 'جينيس' في 2015- كأول غطاس في العالم يستمر تحت الماء لمدة 3 أيام متواصلة، حاملًا علم مصر، ويعبر قناة السويس بطول القناة الجديدة 55 كيلو مترًا لمدة 45 ساعة، قبل افتتاحها الرسمي بيوم واحد فقط، وصاحب غطسة أطول سلسلة بشرية.

بجسد لا يقوى على الحركة، وروح ولدت من نسج الألم، تراها تنطلق كالسهم لنشر الأمل، نجد القبطان ولاء حافظ، متحديًا عدم القدرة على الحركة، مستعينًا بإيمانه الشديد في الله سبحانه وتعالي، وهو يستعد للغطس، قائلا: "لا يصح أن يفقد الناس الأمل في رحمة، حتى لو حدثت مصائب، أنا لا استطيع الحركة نتيجة إصابتي، ولكن بداخلي طاقة لتكرار الرقم القياسي في الغطس، فهي أقرب رياضة لي، وتشعرني إني لا زلت على قدي الحياة، وأقوم بتشجع الناس لتكرار المحاولات، لتحقيق المستحيل".

"اعتاد من صغره أن يتخطى الصعاب والمخاطر وكان يرى في والده وجده أبطال الصاعقة نموذجا وقدوة".. كلمات وصفته بها زوجته "نورا ياسر" التي تراها قوية مبتسمة تقاتل كمحارب وفارس نبيل في ساحة المعركة، في سباق الشرفاء، لاتستحق سوى لقب السند والمعين، والتي تقول: "تزوجنا من 13 عامًا، ورزقنا الله من الذرية الصالحة ابنين، كبيرهما محمد 11 سنة، وصغيرهما عمر 8 سنوات، احبنا الغطس جميعًا بسبب ولاء، وكنا نغطس معه دوما"، وتستكمل بعيون متحدية للألم ومانعة للدموع أن تنهمر على جهها: "ولاء كان ضابطًا بالقوات البحرية، قطاع المهام الخاصة وخرج من الخدمة في عام 2010 بسبب الإصابة بإنزلاق غضروفي في القطنية، بعدها تم تعيينه كقائد فريق الغطس بالمعهد القومي للبحوث، حتى عمل برفقة زملائه على ورقة بحثية عن أسماك القرش التي هاجمت السياح في سواحل شرم الشيخ، وبعدها انتقل للعمل كمرشد بهيئة قناة السويس البحرية".

ثم تصمت كثيرًا قبل أن تستطرد حديثًا أثقل نفسها وقلبها عن عامين ذاقت عائلتها مرارة الخوف لتقول: "في علم 2016 تعرض ولاء لحادث مروري، اصطدمت سيارته بمقطورة على طريق السويس، وكان بين الحياة والموت، ولكن كتبت له النجاة، وكان الأسوأ من الحادث خطًأ طبيًا أصابه بفيروس (الكابسيلا)، تسبب في استئصال المرارة، وكلية، ودخل في غيبوبة لمدة شهرين، نتج عنها عمل شق حنجري لتسهيل عملية التنفس، وفقدان القدرة على الكلام والرؤية، وإصابته بشلل رباعي أفقده الحركة".

وما أن تبدأ حديثها عن مرحلة العلاج وتخطي الصعاب، حتى تجد عينيها وقد ملائهما الأمل قائلة: "بعد الإصابة بالشلل الرباعي، الفريق مهاب مميش، أصدر قرار بعلاج ولاء على نفقة الدولة في ألمانيا، وتجمع حولنا كل اصحابنا وأهلنا لتشجيعنا ومساعدتنا لنكمل العلاج ونبحث عن كل الأماكن التي توفر علاج متقدم".


وبوجه مبتسم وكلمات رغم صعوبة نطقها تظل قوية لها من التحدي ملاذ يختتم ولاء حديثه قائلا: "ربنا يكرمني وأقدر أنشئ مؤسسة خيرية للعلاج الطبيعي وعلاج إصابات الحبل الشوكي، تساعد في علاج غير القادرين، ليتعالجوا دون تكلفة كبيرة".