بعد غرامات دولية تقترب من 4 مليارات دولار.. هل تعاد محاكمة سامح فهمى فى قضية تصدير الغاز؟

العدد الأسبوعي

المهندس سامح فهمى
المهندس سامح فهمى


تعالت الأصوات المطالبة بإعادة محاكمة المهندس سامح فهمى وزير البترول والثروة المعدنية، الأسبق، على قراره بتصدير الغاز لإسرائيل بعد تسييله بمحطتى الإسالة بدمياط وإدكو، وسط تساؤلات تستفسر عن سبب صمت الحكومة طوال الأربع سنوات الماضية منذ إعلان الشركة الإسبانية يونيون فينوسا، مقاضاتها دولياً بسبب وقف ضخ الغاز.

ولماذا لم تستعن الحكومة المصرية بمكتب محاماة عالمى متخصص، رغم الشبهات التى طالت الاتفاقية مع شركة يونيون فينوسا، وبى جى البريطانية التى باعت حصتها لشركة إينى الإيطالية. وكان المهندس محمد شعيب، الرئيس السابق للشركة القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس»، قد قرر التوقف عن تصدير الغاز بعد اكتشاف الأسعار المتدنية لسعر التصدير، ما أدى لوقف إمداد مصنع دمياط «ينيون فينوسا» وكانت أسعار التعاقد تقدر بنحو 1.5 دولار للمليون وحدة حرارية، وكانت مصر فى أشد الاحتياج للغاز، وكان القرار هو أن تحمل الغرامات أفضل من تكلفة الاستيراد. وخلال أقل من عامين وللمرة الثانية أصدرت هيئة تحكيم دولية قراراً بتغريم مصر مليارَى دولار، لوقف توريدات الغاز المسال لصالح «يونيون فينوسا» التى تعتبر الشريك الأجنبى فى مصنع دمياط لإسالة الغاز، بعد قيامها برفع دعوى ضد مصر أمام المركز الدولى فى عام 2014. 

وكانت محكمة سويسرية قد أصدرت حكما ضد هيئة البترول، وشركة «إيجاس» بدفع غرامة قدرها 2 مليار دولار لشركة كهرباء إسرائيلية، بسبب الإخلال بتعاقدات التصدير. 

ومنذ إعلان شركتى  كهرباء «إسرائيل» وشركة «يونيون فينوسا» لجوءهما للتحكيم الدولى، خرجت آراء كثيرة تنادى بضرورة الخروج من المأزق من خلال إدانة المتسبب وبالتالى لا تكون الدولة مسئولة، إلا أن الحكومة أصرت على الصمت، لتكون النتيجة غرامات بنحو 4 مليارات دولارات.

وكانت هيئة البترول أثناء تولى المهندس عبد الخالق عياد رئاستها، قد أرسلت دراسة تحذر المهندس سامح فهمى وزير البترول وقتها، من التصدير إلا بعد اكتشاف حقول جديدة، والتوقيع على عقود تنمية جديدة، موضحة أن قرار التصدير يخص الهيئة فقط، وليس الوزير، وبالتالى فإن موافقة سامح فهمى على التصدير تعد مخالفة صريحة يعاقب عليها القانون.

وكشف مصدر مسئول سابق بقطاع البترول والثروة المعدنية، أن قرار وقف التصدير استند للمقارنة بين عائد الالتزام بالضخ، وبين التوقف مع سداد التعويضات.

وأشار لـ«الفجر» إلى أنه لم يكن أحد يتوقع أن تصل التعويضات إلى عشر القيمة التى أقرتها المحاكم الأجنبية، خاصة الحكم الأخير، موضحا أنه فى كل الأحوال فإن مجموع الأحكام يصل إلى 4 مليارات دولار، وهو ما يستوجب فتح تحقيق حول سياسة التصدير منذ ٢٠٠١. كما أشار إلى أن القيمة السوقية للشركة القابضة للغازات الطبيعة «ايجاس» فى البورصة حاليا فى حدود 1.7 مليار جنيه، وبالتالى فإن الحجز عليها أرحم.  

وفى أول تعليق رسمى قالت وزارة البترول والثروة المعدنية، أوضحت أن هيئة تحكيم تابعة للمركز الدولى لتسوية منازعات الاستثمار «الإكسيد» أصدرت بأغلبية الآراء حكماً بإلزام الدولة المصرية بتعويض شركة يونيون فينوسا جاس الإسبانية، بمبلغ 2 مليار، و13مليوناً، و71 ألف دولار أمريكى، وذلك على خلفية قيام شركة يونيون فينوسا جاس الإسبانية، منذ 4 أعوام برفع دعوى تحكيم تطلب فيها إلزام الدولة المصرية بتعويض يقارب 4 مليارات دولار، بزعم إخفاق شركة إيجاس فى توريد كميات الغاز المتفق عليها عام 2000. وأشارت إلى أنه عقب ثورة يناير 2011، وما أعقبها من أزمات، وانخفاض كميات الغاز، أدى ذلك إلى توقف التوريد فى ديسمبر 2012 حتى تاريخه، وذلك نظراً لحالة القوة القاهرة الناتجة عن تلك العوامل الخارجة تماماً عن إرادة شركة إيجاس، مؤكدة أنه جار اتخاذ الإجراءات اللازمة حفاظاً على حقوق الدولة المصرية، وتحقيقاً للصالح العام.

وتوصلت هيئة التحكيم الدولية، إلى أنه عند وقف إمدادات الغاز، أخفقت مصر فى منح الشركة الإسبانية معاملة عادلة ومنصفة، منتهكة بذلك معاهدة حماية الاستثمار الثنائية مع إسبانيا.

وذكر بيان للشركة الإسبانية، أن التعويض يسمح لها بالوصول إلى اتفاقية شاملة مع مصر لاستئناف إمدادات الغاز.

يذكر أن «يونيون فينوسا»، الشريك الأجنبى فى مصنع «دمياط للإسالة»، كانت قد رفعت دعوى قضائية دولية ضد مصر عام 2014، بسبب توقف مصر عن توريد الغاز المسال إلى مجمع دمياط، وتمتلك مصر مصنعين لإسالة الغاز الطبيعى، الأول فى دمياط تديره شركة «يونيون فينوسا» الإسبانية بالشراكة مع شركة إينى الإيطالية، والثانى بإدكو بمحافظة البحيرة، وهو مملوك للشركة المصرية للغاز الطبيعى المسال.

وتصل حصة مصر من محطة مصنع دمياط للإسالة إلى نحو 20%، مقسمة بين الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية إيجاس التى تمتلك 10%، والهيئة المصرية العامة للبترول 10%، وتصل طاقة المحطة بطاقة استيعابية تصل لنحو 750 مليون قدم مكعب يوميا. وكان خط نقل الغاز من مصر لإسرائيل قد توقف أكثر من 15 مرة بسبب تفجيرات منذ 2012، وبعد توقف مصنعى الإسالة بدمياط وإدكو تحولت  مصر إلى مستورد للغاز، لسد العجز بين الإنتاج والاستهلاك.

مصادر مطلعة بوزارة البترول والثروة المعدنية، أكدت لـ«الفجر»، أن الحكم الأخير نهائى، ولا يمكن الاستئناف عليه، ولا بديل سوى المفاوضات، مقارنة بحكم المحكمة السويسرية الصادر لإسرائيل، والذى يجوز الطعن عليه والاستئناف، علماً بأن عدة شركات أجنبية من ضمنها بى جى البريطانية، ويونيون فينوسا الإسبانية، طلبت استيراد الغاز الإسرائيلى عبر مصر منذ فترة، لكن مصر جمدت المفاوضات حينها، واشترطت  التنازل عن كل قضايا التحكيم الدولى، والحصول على أسعار تفضيلية.

أغلب القضايا الدولية المرفوعة ضد مصر بشأن الغاز مرفوعة من الشركاء الأجانب بشركة غاز شرق المتوسط، التى أسسها رجل الأعمال حسين سالم، بغرض تصدير الغاز لإسرائيل.

وصدر حتى الآن حكمان، بإلزام مصر بسداد 4 مليارات دولار غرامة لشركة كهرباء إسرائيل، وشركة يونيون فينوسا الإسبانية.

وشركة غاز شرق المتوسط، تأسست عام 2000، وكان يرأسها حسين سالم، وبعد عملية مقاصة غير واضحة المعالم جرت فى عام 2008، أعلن أنه باع حصته للشركة التايلندية پى تى تى، ورجل الأعمال الإسرائيلى الأمريكى، سام زل.

وحسب معلومات حصلت عليها «الفجر» فإن الشركاء بغاز شرق المتوسط، هم: شركة كولتكس «جزر ڤرجين البريطانية، وتمتلك 10%، والشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعى «إيجاس» 10%، وخط أنابيب الشرق الأوسط «هولندا» 20%، وحسين سالم 20%، وغاز الشرق الأوسط «جزر العذراء البريطانية» 20%، وفورداس پرنامانيان 20%. وحصلت الشركة على حقوق تصدير الغاز الطبيعى من مصر إلى إسرائيل، ومناطق أخرى عبر خط أنابيب تحت الماء، من العريش إلى عسقلان.

ويزود الخط شركة إسرائيل للكهرباء «IEC» بنحو 1.7 كم³ من الغاز سنوياً لمدة 15 عاماً.