طارق الشناوي يكتب: بعد 60 عامًا.. السينما المصرية تنتظر هطول المطر!

الفجر الفني

بوابة الفجر


يجرى نقيب السينمائيين، مسعد فودة، السادسة مساء الغد، الاقتراع الأخير لاختيار الفيلم الذى يمثل مصر فى مسابقة (الأوسكار) لأفضل فيلم أجنبى، وذلك فى محاولة من النقابة لإيقاف نزيف التشكيك والتنكيل والضربات الموجعة التى يوجهها البعض ضد البعض، الحقيقة أن تلك هى آفة المثقفين فى بلادى، لو تابعت خناقاتهم التى تتدثر عنوة بالثقافة وأخرى بالعدالة، ستكتشف أنهم حقيقة لا يؤمنون بالديمقراطية، إلا فى حالة واحدة إذا كانت هى الطريق لفرض آرائهم.

فى كل الأحوال انتهت اللجنة التى يربو عددها على 40 عضوا من عملها، وبين نحو 40 فيلما مصريا عليهم اختيار واحدا لتمثيل مصر. القائمة القصيرة التى تم الاتفاق عليها تشمل خمسة أفلام هى الأكثر ترقبا، قطاع من أعضاء اللجنة لم يشاهد عددا منها، ومن يريد الاستزادة أيضا مرة أخرى فلا بأس. منح رئيس المركز القومى للسينما د. خالد عبد الجليل قاعة «ثروت عكاشة» بمواعيد متعددة لكل من يرغب فى المشاهدة.

أتمنى حقا أن تستطيع مصر عند إعلان نتائج الأوسكار، مطلع مارس القادم، الوصول لقائمة الخمسة القصيرة وقبلها لقائمة الـ15 الطويلة، بين نحو 80 فيلما تمثل 80 دولة، ينطبق عليها تعبير أجنبى والمقصود غير الناطق بالإنجليزية.

مصر تقدمت لهذا القسم بما يزيد عن 30 مرة، ولم نحقق أبدا أى إنجاز فى مجال الفيلم الروائى الطويل، وهو ما نجح فيه عدد من الدول العربية، مثل فلسطين ولبنان وموريتانيا والجزائر والأردن واليمن وسوريا، ووصلت لقائمة الخمسة.

قبل نحو 6 سنوات استطاعت المخرجة جيهان نجيم تحقيق ذلك، فى مجال الفيلم التسجيلى الطويل بشريط (الميدان)، فيلم مصرى- أمريكى والمخرجة أيضا تحمل الجنسيتين، سبق لى مشاهدته فى مهرجان (دبى)، إلا أنه لم يتم عرضه رسميا داخل مصر، وآخر المحاولات هو ما قامت به المخرجة ماريان خورى لبرمجته فى (بانوراما السينما الأوروبية) قبل بضع سنوات، ولكن تم الإلغاء فى اللحظات الأخيرة، ولم يتم الإفصاح مباشرة عن الأسباب.

لو تتبعت المشاركات المصرية فى هذا القسم- أقصد أفضل فيلم روائى أجنبى- والتى أقرت عام 1945، بينما شاركنا أول مرة عام 1958 بفيلم (باب الحديد)، عندما كان المركز الكاثوليكى المصرى يشرف على ترشيح الفيلم لأكاديمية والفنون والعلوم الأمريكية، تواجدنا بأفلام فى المجمل جيدة مثل (أم العروسة) و(المومياء) و(المستحيل) و(القاهرة 30) و(زوجتى والكلب) و(رسايل بحر) و(بحب السيما) و(سهر الليالى) و(فتاة المصنع) و(اشتباك) وفى العام الماضى (الشيخ جاكسون)، إلا أننا خرجنا من التصفيات الأولى. لا يمكن اتهام الأوسكار بمعاداة السينما المصرية، فلا يوجد هذا التصور إلا فى عقول من لديهم دائما عقدة الإحساس بالمؤامرة.

الأفلام المصرية الخمسة التى سيجرى التصويت هذه المرة فيما بينها «يوم الدين» و(أخضر يابس) و(تراب الماس) و(زهرة الصبار) و(فوتوكوبى)، وحتى لا يغضب أو يحتج أحد، قرر مسعد فودة عدم اعتماد أى صوت سوى من يأتى للاجتماع، أو من يترك ظرفا مغلقا معتمدا من قبل النقابة، وسوف يجرى الفرز وإعلان اسم الفيلم الفائز، والجميع شهود عيان.

نقيب السينمائيين يحاول أن يعبر بالسفينة إلى بر الأمان، والرجل على يدى تحمل الكثير من التجاوزات والشتائم والتطاول، كل ذلك حتى لا يؤدى الأمر إلى الشوشرة على الفيلم المصرى المرشح.

هل ننتظر شيئا آخر؟ علينا أن ننسى تماما بيت الشعر (إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر)، قالها أبى فراس الحمدانى قبل ما يزيد عن ألف عام، حيث إن من لا ينل شيئا يتمنى حرمان الآخرين منه، وهكذا يعتقد البعض، إذا لم ينجح الفيلم الذى رشحه فإن عليه إهالة التراب على الفيلم الفائز.

مصر حقيقة تنتظر بعد 60 عاما من الهزائم فى (الأوسكار)، أن يتردد اسمها ولو فى القائمة الطويلة، نقف جميعا وراء الفيلم المصرى الذى يحمل اسم المحروسة، وننتظر هطول المطر!!.

نقلًا عن المصري اليوم