عبدالحفيظ سعد يكتب: ثورة الصعايدة ضد آل ساويرس

مقالات الرأي



شركة أوراسكوم تصر على ضخ مليون ونصف المليون متر من المياه المسرطنة غرب أسيوط

الشركة ترفض تحلية المياه الخطرة الناتجة عن توربينات محطة كهرباء غرب أسيوط لتصرفها فى ترع منفلوط


من أسابيع قليلة تفاعل رجل الأعمال نجيب ساويرس مع شباب من محافظات الصعيد، الذين قبض عليهم بتهمة تهريب ملابس أجنبية من جمارك بورسعيد، ولاقى تصرف ساويرس تجاه شباب الصعايدة استحسان الجميع، خاصة بعد أن تعهد بأن يقوم بإيجاد فرص عمل لهم فى شركاته..

وحصل تصرف ساويرس على الثناء، خاصة أنه نظر لحالة هؤلاء الشباب وأنهم اضطروا للتهريب، وانه يأتى فيما يدعيه ساويرس باهتمامه بالصعايدة، والذى يتفاخر دائما أن أصوله ترجع إليهم..!

لكن فى الوقت الذى كان يتفاخر رجل الأعمال ساويرس، بما قام به للشباب الصعايدة، كان لعائلته واستثماراتها مأساة مختلفة مع أهالى الصعيد، وذلك فى محافظة أسيوط، بعد أن حصلت شركة أوراسكوم التابعة للعائلة والتى يديرها شقيقه الأصغر سميح ساويرس على عقد بإنشاء محطة كهرباء غرب أسيوط باستثمارات تزيد عن مليار و200 مليون جنيه، وذلك قبل 3 سنوات.

وتم تخصيص مساحة أرض ضخمة شمال غرب مدينة منفلوط بالقرب من مصنع تكرير البترول ومصنع الأسمنت، ودخلت الشركة فى العمل فى المحطة والتى انتهى العمل منها بالفعل وتم افتتاحها قبل عدة أشهر.

لكن عقب انتهاء الشركة المنفذة لمحطة كهرباء غرب أسيوط، تفجرت مشكلة كبيرة للشركة قبل قيامها بتسليم المحطة لوزارة الكهرباء. وتمثل ذلك فى أن الشركة لم تقم بدراسة الأثر البيئى للمحطة على سكان القرى التى تعيش بالقرب من المحطة والذين يزيد عددهم عن ربع مليون نسمة موزعين على قرى جحدم والعزية وبنى غالب ومسرع.

وظهرت أولى هذه المشاكل عندما قامت الشركة بتخزين ما يزيد على مليون ونصف المليون من مياه « الغلايات»، وهى مختلطة بمواد خطرة تهدد صحة الإنسان والحيوان وتؤثر على الزراعة.. وفى البداية لجأت الشركة التى يديرها سميح ساويرس إلى تخزين المياه الناتجة عن عملية التوليد واللازمة لتبريد التوربينات، فى 8 أحواض، ومع تجمع المياه وعجز الشركة عن تصريفها خاصة أنها تضم مواد خطرة، كما تثبت التحاليل لها خاصة أنها تضم مواد بوتاسيوم وكالسيوم ومعادن خطرة، وتحولت هذه المياه إلى مشكلة بيئية خاصة بعد انتشار عدة أمراض بين سكان القرى المجاورة للمحطة، بل والحيوانات أيضا حيث ظهر مرض «الجدرى العقدى» لدى الماشية.

فلجأت شركة أوراسكوم إلى شركة أسمنت أسيوط التى تديرها «سيمكس» المكسيكية، ومحاولة ضخ المياه الناتجة عن عملية التوليد فى مساحة 1500 فدان صحراوية ضمن أملاك شركة الأسمنت، ولكن عندما اكتشفت الشركة المكسيكية خطورة المياه على التربة، رفضت عرض شركة أوراسكوم، وطلبت منها إبعاد المياه عن أراضيها لخطورتها.

وفى محاولة للشركة لعدم إنشاء محطة تحلية وتنقية للمياه، قامت بحفر مواسير مياه بأعماق تصل إلى 800 متر، للعمل على تصريف المياه الملوثة والمسرطنة فى باطن الأرض، لكن اعترضت إدارة المياه الجوفية بوزارة الرى على ما تقوم به شركة أوراسكوم، خاصة أن ذلك يهدد مخزون المياه الجوفية بالتسمم فى منطقة الصحراء الغربية بأسيوط كلها، كما أن نهر المياه الجوفى لفظ المياه المسرطنة، ما أدى لتوقف الشركة عن تصريف المياه داخل الأرض.

ولم تتوقف حيل شركة أوراسكوم من أجل التخلص من المياه الفاسدة، وعدم تكلف وحدة لتحلية المياه، ولكن كان الحل هذه المرة على حساب سكان القرى المجاورة لمشروع محطة الكهرباء، وشرعت فى إنشاء قناة لتصريف المياه فى ترعة بنى غالب التى تغذى 4 آلاف فدان زراعية. ولكن عندما علم أهالى القرى التى تتغذى على مياه هذه الترعة، قاموا بتحرير محضر إدارى ضد شركة أوراسكوم حمل رقم «4641» إدارى منفلوط، يتهم الشركة، بأنها تسمم الترعة بالمياه غير المعالجة والخطرة على صحة الإنسان والحيوان، وكذلك الأراضى الزراعية، كما أن مسار القناة تمر وسط مدافن المسلمين والمسيحيين بالقرى هناك، وقام الأهالى بعمل احتجاجات ضد شركة ساويرس، لمنع ضخ المياه الملوثة. وأصدرت النيابة العامة قرارا بوقف ضخ المياه الملوثة، كما أصدرت قرارا آخر بتشكيل لجنة رباعية من وزارة الرى والزراعة والبيئة والصحة، لبحث خطورة هذه المياه، خاصة بعد وجود تقارير تفيد بخطورة هذه المياه على الحياة، لكن شركة أورسكوم المملوكة لعائلة ساويرس لا تريد أن تتوقف عن ضخ المياه الملوثة فى الترعة، حتى لا تتكلف إنشاء محطة تنقية حتى لو كان ذلك يدمر صحة وحياة مئات الآلاف من أهالى أسيوط.