كيف حولت الصحافة البريطانية حادث وفاة طبيعية إلى حملة لحجب السياحة عن مصر؟

العدد الأسبوعي

السائح البريطاني
السائح البريطاني وزوجته


وفاة سائح بريطانى وزوجته بأزمة قلبية والإعلام الإنجليزى يعترف بتواجد طبيب خلال 7 دقائق من بداية الألم


استخدمت الصحافة البريطانية وفاة سائح بريطانى وزوجته، لتشويه السياحة المصرية التى بدأت التعافى، وهو أمر لم يعد غريباً على بريطانيا، التى يظهر اسمها فى أى ضربة للسياحة فى مصر، وآخرها انفجار الطائرة الروسية، حيث أكدت لندن أن الحادث عمل إرهابى، قبل بداية التحقيق.

السائح البريطانى جون كوبر، أصيب بأزمة قلبية، وتوفى ولحقت به زوجته سوزان بعد ساعات حزناً عليه، وبين الوفاتين كان الطبيب حاضراً فى الواقعة الأولى بعد 7 دقائق من بداية شعور السائح بالألم، فيما تم اتخاذ جميع الإجراءات المطلوبة مع زوجته التى ماتت حزناً على رفيقها، والاثنان عمر اولهما 69 عاماً والثانية 63 عاماً.

الديلى تلجراف، نشرت أن كيلى أورميرود، ابنة الزوجين جون وسوزان، رفضت تأكيدات مسئولى الفندق بأن وفاة والديها، كانت لأسباب طبيعية، وأصرت على أن هناك "شيئا مريبا"، وأن شيئا ما حدث فى الغرفة وتسبب فى وفاتهما، لأنهما كانا فى صحة ممتازة عندما ذهبا إلى الفراش، وعندما ذهبت إلى غرفتهما فى صباح اليوم التالى، كانا يشتكيان من مرض شديد، ثم توفى والداها فى الغرفة بينما أمها الموظفة فى توماس كوك، بعد نقلها إلى المستشفى.

ونشرت الصحيفة أيضاً أن طبيب الفندق كان بجانب الزوج بعد 7 دقائق من طلبه ثم قام باستدعاء زميل له لمزيد من المساعدة حيث كان كوبر يعانى من أزمة قلبية.

الصحيفة ألمحت إلى أن الزوجين ماتا إما بسبب تسمم غذائى أو تسرب غاز فى الغرفة، بزعم وجود شكاوى من نزلاء آخرين من معاناتهم من المرض بعد تناول طعام الفندق، حيث طلب 26 سائحاً من 1995 الطبيب بسبب شكاوى صحية ما يعنى نسبة 1 فى الألف وهى نسبة ضئيلة للغاية ومع ذلك تصر الصحيفة على التلميح المفضوح، رغم أن التحقيقات الجارية فى الحادث لم تكتمل وما ظهر رسمياً حتى هذه اللحظة، باستثناء التأكيد الرسمى بعدم وجود شبهة جنائية بعد أو تسريب غاز كما ذكرت الصحف البريطانية، ورغم ذلك روجت الصحف إلى أن شركة توماس كوك المسئولة عن تنظيم الرحلة قامت بإجلاء 301 سائح، من فندق شتيجنبرجر، كـ"إجراء احترازى" دون أن تذكر أن غالبيتهم رفضوا.

ونقلت الصحيفة عن الشركة قولها إنها وسعت تحقيقها فى وفاة الزوجين بالاتصال بجميع العائدين وبتشكيل فريق متخصص لتحديد أولويات الشكاوى المتعلقة بالفندق، والادعاء بأن ظروف وفاة الزوجين البريطانيين "غير واضحة"، وأن هناك "ارتفاعاً لمستوى المرض بين ضيوف الفندق"، رغم حصوله على تقدير 96% فى أواخر يوليو الماضى.

أما جريدة ميرور البريطانية، فنشرت أنها التقت بولس وبيف فانستون السائحين البريطانيين الذين نزلوا فى نفس الفندق حيث أكدوا أنهم سبق لهم تقديم شكوى لشركة توماس كوك بشأن طعام الفندق، منذ فترة، حيث أصيبوا بتشنجات فى المعدة، وقيء وإسهال. لأن الدجاج الذى أكلوه كان نيئاً، وأنه حين عاد لبلاده اكتشفوا أنهم مصابون بمستويات عالية من تسمم السالمونيلا.

كما نشرت جريدة دايلى ستار لقاء مع كيلى تشادويك السائحة البريطانية التى أقامت فى الفندق فى سبتمبر من العام الماضى، حيث أشارت إلى أنها فقدت كثيرا من وزنها بعد إصابتها بتسمم غذائى حيث قدمت شكوى لـ"توماس كوك" وحصلت على ألفى جنيه استرلينى كتعويض.

وفى لقاء مع "بى بى سي"، أكدت ابنة المتوفيين أن شيئا ما فى الغرفة تسبب فى وفاة والديها، وأنه كانت هناك "رائحة غريبة" فى غرفتهما.. ولم يكشفوا على والدتى بشكل كبير لأنهم كانوا يرون أن حالة أبى كانت أكثر سوءاً وكان له الأولوية..وحاولوا بشكل أساسى إنقاذ حياته، ولم يتمكنوا من ذلك، لقد قاموا بعمل الإنعاش القلبى الرئوى ولكن لا شيء كان يمكن أن يساعده، لا شيء كان يمكن أن ينقذه".

وتابعت وصف التفاصيل الأخيرة: "لم يكن لدى أمى أى فكرة عما يحدث، كانت لا تدرك ما يحدث حولها لأنها كانت فى حالة سيئة للغاية ولا أعتقد أن الوفاة كانت خطأ شخص ما على وجه التحديد وأعتقد أنه عندما عادوا إلى تلك الغرفة كان هناك شيء فى تلك الغرفة قتلهما بالفعل، سواء استنشقا شيئا سممهما، لا أعرف.. لأنهما كانا بصحة جيداً قبل وصولهما إلى الغرفة".

حسب جريدة ايفنيج ستاندر، صرح أحد النزلاء الذى فضل عدم الكشف عن هويته، بأن الأطفال عانوا من عدوى الأذن وادعى أن مياه حوض السباحة تم تغييرها بين عشية وضحاها يوم وفاة السائحين وأنه كان هناك رائحة مطهر قوية حول المنتجع فى اليوم التالى.

وتحت عنوان ماذا يمكن أن يكون قد أصاب الزوجين، نشرت جريدة الإندبندنت البريطانية أن بعض خبراء الطب أشاروا إلى احتمالية اصابة الزوجين بمرض Legionnaire أو داء الفيالقة وهو مرض تنفسى حاد يصاب به الإنسان بسبب بكتيريا الفيلقية، وألمحت الجريدة البريطانية إلى أن بمجرد تحديد سبب الوفيات وأى قضايا ذات صلة، قد يكون هناك بعض الإجراءات القانونية.

وقال ديتر جيجر، المدير العام لفندق أكوا ماجيك، إنه وموظفوه شعروا بحزن عميق لوفاة السيد والسيدة كوبر، لكنهم انتقدوا التكهنات الطائشة بشأن نزلاء آخرين أصيبوا بالمرض، "فى ظرف كهذا، لا يمكن قول سوى القليل جداً من شأنه أن يساعد، وهذا يجعل الالتزام بالحقائق أمر شديد الأهمية فى مثل هذه الظروف" .

تأتى هذه الحادثة فى وقت تشهد فيه السياحة المصرية عودة قوية للسياح البريطانيين. فى وقت سابق من الصيف، قالت شركة توماس كوك إن أعداد الزائرين لمصر تضاعفت هذا العام مقارنة بعام 2017.

من جانبه قال الرئيس التنفيذى للشركة، بيتر فانكهاوزر، إنه تم إرسال خبراء لاختبار المياه والطعام والتكييف فى الفندق. وأضاف: "ليس لدينا أى دليل حقيقى على سبب الوفيات، ولكن ما أستطيع أن أتعهد به هو أننا نبذل كل ما فى وسعنا لدعم الأسرة ودعم السلطات المصرية للوصول إلى الحقيقة".

وقال أيضاً إنه لا يوجد أى دليل على أن التسمم بغاز أول أكسيد الكربون لعب دوراً فى موتهما لكنه لم يستبعد ذلك تماما. وتابع: "لا يوجد دليل على أنه تسمم بأول أكسيد الكربون. ليس لدينا أى دليل ولكننى لا أريد استبعاد أى شيء قبل أن أعرف السبب بالفعل.. ونتائج الاختبارات لن تكون متاحة قبل 10 أيام".

وقال مسئول بالفندق إن ما تردده الصحف والوكالات الأجنبية مجرد تكهنات لا أساس لها، مشيراً إلى أنه وفور وفاة السائحين جرى تنسيق مع وزارة السياحة وشرطة السياحة والسفارة البريطانية فى مصر للوقوف على سبب الوفاة، وأن مفتشى وزارة الصحة كشفوا على جثمان السائح وزوجته وذكروا فى تقريرهم المبدئى أن سبب وفاة السائح كان توقفا مفاجئا بعضلة القلب، وفشلا فى وظائف التنفس، مستبعداً وجود أى شبهة جنائية، أما الزوجة فأصيبت بتوقف بالدورة الدموية ووظائف التنفس.

وأشار المصدر إلى أن الإصابات التى تعرض لها نزلاء الفندق كانت بنسبة 1.2%، منهم 4 بريطانيين، وتمثلت فى إعياء بسيط لتعرضهم المباشر للشمس لفترات طويلة، كما أصيب آخرون بتقلصات بالمعدة نتيجة تغير مواعيد ونظام الأكل وكذلك لابتلاع مياه البحر.

ولفت المصدر إلى أن تحقيقات النيابة العامة أثبتت سلامة جميع أجهزة التكييف فى الفندق وأنه لا يوجد أى تسريبات أو انبعاثات لأى غازات سامة أو ضارة أو غير مألوفة.

وقام اللواء أحمد عبد الله، محافظ البحر الأحمر بتوضيح الحقائق لوكالات الأنباء الأجنبية حول الواقعة، حيث التقى عددا من مراسلى وكالات الأنباء البريطانية والمواقع الصحفية مثل ديلى ميل وديلى نيوز وذا ميرور وذلك بعد التنسيق مع الهيئة العامة للاستعلامات، كما دعا ابنة المتوفيين للإقامة لمتابعة سير التحقيقات بنفسها.