وكالة روسية: مضيق"هرمز" صداع مزمن لدول الخليج

عربي ودولي



يعد التهديد المتكرر الذي تطلقه إيران بين فترة وأخرى بإغلاق مضيق هرمز أمام الصادرات النفطية الخليجية، صداعا مستمرا لدول الخليج العربية التي باتت تبحث عن بدائل عملية لهذا المضيق. فهل تنجح في ذلك؟

 

وتتصدر ثلاثة مشاريع رئيسية، منذ بضع سنوات، قائمة الحلول الخليجية للتخلص نهائيًا من مضيق هرمز.

 ودخل مشروع واحد قيد التنفيذ هو خط أنابيب النفط من أبوظبي إلى ميناء الفجيرة، فيما الآخران ما زالا في مرحلة الدراسة والتخطيط، وهما شق قناة بحرية من دبي إلى ميناء الفجيرة المطلة على المحيط الهندي، وقناة بحرية أخرى تربط الخليج ببحر العرب في اليمن، والأخير مشروع سعودي. وهناك طروحات أخرى أقل جاذبية في الوقت الحالي بسبب التوترات السياسية في المنطقة.

 

وبلغت التكلفة الإجمالية للمشروع ما يزيد على 3.3 مليار دولار أمريكي، ويبلغ طول الخط 360 كيلومترا، وتصل سعة خط الأنبوب إلى 1.8 مليون برميل يوميًا.

 

وتعززت الأهمية الاستراتيجية لميناء الفجيرة في السنوات الأخيرة، بعدما كانت هامشية في المجالات التجارية واللوجستية، كونها الإمارة الوحيدة المطلة على المحيط الهندي في الإمارات العربية المتحدة، وحظي تطويرها باهتمام كبير من أبوظبي، المصدّر الرئيس للنفط في دولة الإمارات. وتطمح أبوظبي إلى حجز مكانة عالمية لميناء الفجيرة عبر تطوير السعة التخزينية في الميناء لتصبح مركز تبادل تجاري نشط في السوق الدولية.

 

وفي ديسمبر 2016، قال حاكم الفجيرة، الشيخ حمد بن محمد الشرقي، إن خط أنابيب النفط "ينفي الحاجة إلى مرور النفط الإماراتي بمضيق هرمز"، وأن هذا الخط الذي "أصبح جاهزًا لنقل نحو 70% من إنتاج الإمارات النفطي إلى الأسواق العالمية، يبدو فكرة ممنهجة وعملية للغاية على المديين الآني والبعيد، ما يعني أن التهديد بإغلاق مضيق هرمز أصبح من الماضي، ولا نكترث به كثيرًا".

 

لكن هناك عدة عقبات أمام هذا البديل. فالطاقة القصوى للخط تبلغ 1.8 مليون برميل يوميًا، فيما النفط المخصص للتصدير إماراتيًا بلغ 2.87 مليون برميل بحسب أرقام تموز الماضي، مع قدرة على زيادة الإنتاج 400 ألف برميل بحلول نهاية 2018، بحسب بيان لشركة نفط أبوظبي (أدنوك)، مما يترك مليون برميل مخصص للتصدير يوميًا في حاويات التخزين بأبوظبي. ومن غير المستبعد أن تقوم أبوظبي بإنشاء خط ثان لنقل النفط إلى ميناء جديد قيد الإنشاء في منطقة "دبا" التابعة للفجيرة، لتستكمل بذلك بدائلها عن المرور عبر مضيق هرمز.

 

بالمقابل، يواجه ميناء الفجيرة منافسة شرسة من جانب سبعة موانئ في سلطنة عمان تتطلع لتقوم بنفس الدور الذي تطمح إليه الفجيرة، أي التحول إلى مركز العمليات اللوجستية البحرية للتجارة بين الأسواق الآسيوية والأوروبية والافريقية، وفي مقدمتها ميناء صلالة.

 

المشروع الثاني أيضًا مرتبط بالفجيرة، وهو شق قناة مائية من دبي إلى المحيط الهندي. وما زال في طور المناقشة والأفكار. وقد طرحها مجددًا عبد اللطيف الصيادي، خبير البحوث والمحاضر في الأرشيف الوطني في وزارة شؤون الرئاسة الإماراتية، خلال محاضرة بأبوظبي، في 2 أغسطس الجاري. وتحدث عن أهمية مضيق هرمز منبها إلى أن إيران لا تستطيع الإقدام على خطوة إغلاق مضيق هرمز "لأن معظم موانئها تقع داخل حوض الخليج العربي وليس خارجه، وقد يؤدي إغلاق هذا المضيق إلى تدمير النظام الإيراني"، مشيرا إلى "وجود بدائل لتصدير النفط في حال إغلاق المضيق، مثل مقترح شق قناة مائية عبر دولة الإمارات العربية المتحدة، تربط بين الفجيرة ودبي تتجاوز مضيق هرمز".

 

ما المشروع الثالث، فما زال نظريًا، وتكلفته قد تكون خيالية. ويتضمن إنشاء أكبر قناة بحرية صناعية في العالم، تبدأ من الخليج وتمتد عبر صحراء الربع الخالي في المملكة عبر الحدود اليمنية والعمانية. وتم طرح مثل هذه الأفكار في بداية عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، وأطلقت وسائل إعلام سعودية على المشروع اسم "قناة سلمان"، وسرعان ما بات طي النسيان، ليتم الاعتماد على تطوير المشروع القائم، وهو خط أنابيب ينقل النفط من المنطقة الشرقية للسعودية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر، لكنه لا يستوعب كل النفط السعودي المنتج المطلوب نقله (25 بالمئة من النفط المخصص للتصدير). بالتالي، فإن الجزء الأكبر من النفط السعودي (نحو 88 بالمئة) ما زال يسلط طريق هرمز. وحين أعلنت المملكة في 4 أغسطس الجاري عن استئناف نقل شحنات النفط عبر باب المندب، فهو نفسه النفط الذي يمر عبر هرمز ثم يصل إلى باب المندب.

 

ن الإمارات الأقل تضررًا من تداعيات إغلاق مضيق هرمز بسبب وجود بدائل رغم أنها غير مكتفية ذاتيًا بعد- بينما السعودية تحاول تطوير بدائل لكن حجم إنتاجها الكبير يجعل لا غنى لها عن هرمز. أما الكويت وقطر فلا تملكان أي منافذ بديلة، وهما أكثر المتضررين من أي إغلاق للمضيق، إلى جانب البحرين التي لديها إنتاج ضعيف من النفط والغاز.

 

خارج هذه المشاريع، هناك عدة طروحات وأفكار، بعضها يتطلع لربط نفط الخليج بالبحر المتوسط، وبعضها الآخر يقترح ربطه بخط تصدير النفط العراقي إلى تركيا. وهي رؤى، في مجملها، لا تأخذ في الاعتبار المتطلبات السياسية التي تنطوي عليها هذه الخيارات، وذلك نظرًا للتوترات والاضطرابات التي تشهدها المنطقة.

 

يضاف إلى ذلك أن موانئ دول الخليج باتت في حالة تنافس بين بعضها البعض على المكانة الاستراتيجية التي تصنعها الصفقات الكبيرة. والمعضلة أن نمو ميناء خليجي ما، يعني بالضرورة أن يكون على حساب ميناء آخر، خصوصًا مع تحديد الصين ملامح خطوط التجارة العالمية في هذه المنطقة، واختبارها كفاءة العروض المقدمة، من الفجيرة إلى صلالة وحتى دوراليه في جيبوتي.