الغلاء يحيل الفقراء الليبيين على موائد الرحمن في رمضان

عربي ودولي




اعتاد الليبيون على الاحتفاء بشهر رمضان، فتتنوع أصناف المأكولات التقليدية على مائدة الإفطار، ولا يغيب اللحم والفواكه والحلويات التي تجتمع عليها العائلة مع موعد كل أذان للمغرب، لكنهم استقبلوا شهر الصيام هذه السنة بموجة بالارتفاع الحاد للأسعار، ونقص السيولة أصبحت معه الضروريات الأساسية رفاهية لغالبيتهم، ما جعل بعضهم يفكر في موائد الرحمان كحل بعد أن حكمت عليهم الحرب والخلافات السياسية بالفقر.

يقول عاطف الرجيبي، وهو موظف لم يستطع الحصول إلا على أربعمئة دينار من راتبه، "أصبحنا عاجزين عن توفير الاحتياجات الضرورية بسبب تضاعف أسعارها، أما اللحم الذي بلغ سعره الستين دينارا فلن نستحضره إلا في الأحلام ربما"، مؤكدا أن الأسعار اشتعلت بحلول شهر رمضان.

ويقول أحمد الكرد، رئيس جمعية حماية المستهلك، "إن الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم الحمراء يرجع إلى الاستغلال الحالي في السوق لتحقيق أرباح مضاعفة، في ظل غياب المؤسسات الرقابية للدولة”، مضيفا أن “الإقبال على الشراء ضاعف السعر من قبل التجار".

وتحتل ليبيا المرتبة السادسة عربيا في استهلاك اللحوم، إذ يستهلك الشخص الواحد نحو 33.5 كيلوغراما سنويا، وفق دراسة نشرتها صحيفة “تليغراف” البريطانية حول قائمة دول العالم الأكثر استهلاكا للحوم الحمراء.

ويتعلل تجار اللحوم بارتفاع سعر الدولار الذي تسبب في ارتفاع سعر الماشية المحلية، وبدأت العائلات الليبية تبحث عن بدائل للحم الذي تعتبره أساسيا وخاصة بمناسبة شهر الصيام؛ الدجاج هو أحد الحلول الوقتية كما يقول عاطف، لأن “التجار سيرفعون من سعره بعد أن ازداد الطلب عليه، هكذا هي أحكام السوق في غياب وزارة الاقتصاد”، فالأسعار التي أطلقتها هيئة المراقبة الاقتصادية، لا تجد من يراقبها ما أدّى إلى تمادي التجار في استغلال المواطنين.

واشتعلت أسعار كافة السلع في البلاد دون استثناء، كأسعار المواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال وغيرها وبلغت مستويات قياسية لم تعرفها البلاد من قبل، يقول المصرف المركزي في بيان له، إن الارتفاع المخيف في أسعار السلع الأساسية لا مبرر له سوى إثقال كاهل المواطن وزيادة حالة الاحتقان، خصوصا خلال شهر رمضان.

ويؤكد حسن الغرياني من سكان مدينة طرابلس ما قاله مواطنه عاطف عن ارتفاع الأسعار في هذا الشهر قائلا، “إن الأسعار ارتفعت بالنسبة للمواد الغذائية والاستهلاكية وذلك بسبب جشع بعض التجار”، ويأتي ذلك في غياب الرقابة، وغياب لجنة مراقبة التجار، مضيفا أن “الأسعار تحطم فرحة وبهجة رمضان بالرغم من الحديث عن انشغال الحكومة بتوفير السلع الغذائية لهذا الشهر المبارك بأسعار معقولة”.

وتشير خديجة حمد ربة بيت من سكان ضواحي طرابلس إلى ارتفاع أسعار الحليب والجبن وأسعار الزيتون والتين والمواد الغذائية، مؤكدة أنها تعاني يوميا لأنها أصبحت عاجزة عن توفير طعام الإفطار بالميزانية القليلة التي يوفرها زوجها الموظف.

وتحاول معظم العائلات الليبية هذه الأيام تغيير عاداتها في الإنفاق والتأقلم مع الظروف الجديدة فحذفت من قائمة الطعام أغلب الفواكه والحلويات، وذلك من أجل توفير بعض السيولة حتى آخر الشهر.

مفتاح البراني، (موظف حكومي)، يسلك نهج التوفير والحرص بسبب الأوضاع الصعبة، يقول “يجب عليّ الآن أن أحسب مئة حساب لكل دينار يخرج من جيبي لأنني لست متأكدا من أنه سيرجع أو سأقبض بدله قبل العيد”.