طقوس خاصة في حلايب وشلاتين.. "السلات" للإفطار و"الأوتم" للسحور (صور)

محافظات



عادات وطقوس لشهر رمضان في جنوب مصر، بمنطقتي حلايب وشلاتين جنوب محافظة البحر الأحمر، التي توجد بها قبائل مختلفة من البجا والعبابدة قاطني تلك المنطقة، ويتساءل الكثيرون من أهل الحضر عندما يزورونها، كيف يمر اليوم في الصيام هنا خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، وماذا يأكلون ويشربون بسبب طبيعة المكان.



رصدت "الفجر" طقوس شهر رمضان جنوب محافظة البحر الأحمر، تحديدًا بحلايب وشلاتين، حيث يوجد له طقوس وعادات وتقاليد تتمسك بها القبائل هناك، من بينها الوجبات المختلفة التي تعد في الإفطار والسحور، والتهنئة بشهر رمضان وطبيعة اليوم كيف يمر هناك؟

مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة خاصة في تلك المنطقة بداية يوم في رمضان يبدأ بسكون كبير لا يوجد أحد يسير بالشوارع من شدة الحرارة إلا للضرورة، الكثير عندما يقابل أحد يقول له "أو ترق هوى شبوبنا" وهي تعني "مبارك عليكم الشهر الكريم" إلا أنها بلهجة البجا، القبائل القاطنة هناك.




وترى في الظهيرة المساجد ممتلئة وتجدهم حريصين على تلاوة القرآن الكريم، وتجد آخرين الذين يبحثون عن النوم بداخلها، لوجود أجهزة التكييف بها التي تحميهم وتحفظهم من حرارة الشمس بالخارج.

وقال حسين علي، من أهالى مدينة الشلاتين، إن الرواج الحقيقي قبل الإفطار فتبدأ الحياة تعود لطبيعتها من جديد، وتزدحم شوارع الحلايب والشلاتين بسكانها لإحضار وتجهيز لوجبة الإفطار، والتجهيز للوجبة الأساسية على الإفطار والتي تشتهر بها المنطقة وهي "السلات" عبارة عن لحم الضأن على أحجار البازلت، وتجهيز لمشروب الجبنة.

وأوضح "علي" لـ"الفجر" كيفية تجهيز الوجبة، وهي أن في نهار رمضان، يجهز أهالي المنطقة أكوام من الأحجار الكوارتز لتجهيز وجبة الإفطار المفضلة، والتي لا تدوم طوال شهر رمضان لارتفاع أسعار اللحوم، فدائمًا ما تكون في المناسبات وأول رمضان وبولائم الإفطار.

وأشار إلى أنها عبارة عن لحم الأغنام أو الماعز، والتي يتم طهيها عن طريق وضعها على أحجار الكوارتز بعد وضعها في وسط الأخشاب والأعشاب المشتعلة بالنيران ويتم تقليبها لمدة ساعة ووضع البهرات المختلفة عليها وسميت سلات لأن حجر الكوارتز يعمل على سلت الدهون من اللحوم.

وأكد أن تشبه عملية السلات في طهيها حد كبير طريقة شواء اللحم على الفحم الا أن فى السلات الكوارتز بديلًا للفحم، وتجد أمام كل منزل موقد لإعداد السلات، ويبدأ الطهى والإعداد له عقب العصر.




وعند تجهيز أفراد العائلة لوجبة الافطار فى رمضان يجهز أحد أفراد العائلة مشروب "الجبنة" وهو المشروب المفضل والذي يتناوله أهالي المنطقة لمرات كثيرة ما بين الإفطار والسحور.

وقال الشيخ "سدو" أحد مشايخ مدينة حلايب جنوب البحر الأحمر، إنه في وقت الظهيرة خلال رمضان يحرص الجميع، خاصة الرجال في تجهيز المشروب المفضل لأهالي المنطقة "الجبنة" بدق البن والحبهان لتجهيزه للإفطار، وهو المشروب الرسمي لقبائل الجنوب، فيتناوله الأهالي على مدار العام فيوجد بالعمل وبالمنزل وبجلسات الأصدقاء، ومن الممكن أن يشرب منه 40 شخصًا أو اكثر من فنجان على مدار اليوم.

وأضاف أن ما بين فترة الإفطار والسحور، يشرب أهالي حلايب وشلاتين أكبر كمية من الجبنة حتى لا يصابوا بالصداع أو العطش خلال الصيام في اليوم التالي.

وعن عملية تجهيزها، قال إنه يتم إحضار البن الأخضر، وتحميصه بدقة جيدًا، داخل إناء مصنوع من الفخار، حتى يتحول لون البن الأحمر إلى غامق، وتستغرق عملية التحميص 3 دقائق، وأثناءها يضاف إلى البن قليل من حبات القرنفل أو الحبهان أو الزنجبيل حسب النكهة المطلوبة وطحن ودق تلك المواد جيدا.

وتابع أن الأدوات التي تستخدم في الجبنة متواجدة داخل كل منزل من منازل أهالي الجنوب وكأنها شيء أساسي، وتلازمهم بكل مكان عند رعي الجمال والأغنام بالأدوية الجبلية بالنسبة لرعايا الجمال، وكذلك مع صيادي الأسماك يصطحبونها بمراكبهم التي تستمر الرحلة بها ما يقرب من 10 أيام في عرض البحر.




وأكد أنه في ليل رمضان، إلى أن يحين وقت السحور ومع طوال الليل وجلسات السمر مع الأهل والجيران وأبناء القبيلة "لا تطفئ نار ميقد الجبنة" كلما فرغ امتلأ من جديد إلى أن تنتهي السهرة، وقد يتناول الفرد الواحد من الجبنة أكثر من 40 فنجانًا.

وعن وجبة السحور بحلايب وشلاتين، والتي تسمى "الأوتم" تعد وجبة السحور الدائمة بين الأهالي، وهي عبارة عن دقيق مغموس في الماء يوضع على النار مع تقليبه باستمرار، وبعد الاستواء يضاف إليه لبن الإبل.

وأضاف أن تلك الوجبة تساعد على عدم الشعور بالعطش والجوع في نهار رمضان هي الوجبة الأساسية للسحور وسهلة التحضير، ويختلف فى الأودية الجبلية بحلايب وشلاتين الخبز المقدم عن قاطنى المدينة، حيث أن ظروف البادية القاسية تجبرك على صنع الخبز الرسمى للرعاة وقاطنى الأودية، وهو "الجابوري" خبز قبائل البشارية والعبابدة بجنوب البحر الاحمر، وهو عبارة عن دقيق وماء ويعجن ثم توقد نار على الأرض لتسخن الأرض ثم يطب بالعجينة علي خشبة صلبة، ويتم إظهار الوقود من الأرض الساخنة ويوضع الفحم الموجود بالجانب الآخر على العجينة لمدة ثوانٍ حتى لا تحترق العجينة ثم تدفن العجينة بالأرض الساخنة مع وضع بعض الوقود المفحم عليها.

وأضاف أن خبز الجابوري، هو طعام العاملين بالرعي بالوديان الصعبة، لسهولة صنعه، مؤكدا على أن الراعي لا يحمل فى خرج جمله سوى مواد "الجبنة" من بن وسكر وأدوات، ليستخدمها في أي مكان كان، والماء واللبن والدقيق لصنع خبز الجابوري.