القصة الكاملة لواقعة إلقاء القبض على المرأة "الذهبية"

الاقتصاد



ندوة "الثروة المعدنية" كانت المحطة الأولى لبدء نشاطها الإجرامى .. و"سوق" المعادى أول لقاء جمع بين الجيولوجى "الشاب" والمتهمة

مليون و700 ألف جنيه مصرى مقدم "الرشوة"..و الإستعانة بسيارات "الهيئة" لنقل "الذهب" المسروق


تزخر مصر بثروات تعدينية ومعادن نفيسة كثيرة ،خاصة بمنطقة الصحراء الشرقية، الأمر الذى جعل من هيئة الثروة المعدنية التى تقوم بالإشراف على المناجم والمحاجر المختلفة مطمع للفاسدين وأصحاب النفوس الضعيفة ممن يستحلون نهب وسرقة خيرات الوطن دون أى وجه حق، إلا أن يقظة وأمانة العاملين بديوان عام هيئة الثروة المعدنية كان له دور بطولى استطاعوا من خلاله أن يضربوا أروع الأمثلة فى الأمانة وحب الوطن.


وتعتبر هيئة الثروة المعدنية من أهم الهيئات الإقتصادية الموجودة كونها تابعة لوزارة البترول والثروة المعدنية التى بدأت مؤخرا الإهتمام بهذا القطاع بعد معاناة من التهميش وعدم الإلتفات أو الإعتراف بأهمية الهيئة أو الجدوى الإقتصادية لها ، وخير دليل على ذلك إنشاء مكتب جديد للمرة الأولى لوزير البترول المهندس طارق الملا  داخل مقر الهيئة ليعقد اجتماعاته الدورية مع مسئولى وقيادات الهيئة بصفة أسبوعية ،كون الهيئة رافد رئيسى من روافد مصادر الدخل القومى، الذى حاول معدومى الضمير والمتاجرين بالوطنية استغلال ذلك فى توظيف العاملين بديوان الهيئة لصالحهم من أجل تسهييل عملية سرقة كميات من الذهب والمعادن النفيسة دون وجه حق إلا أن ما فعله العاملون بالهيئة يعتبر بمثابة درس فى الوطنية والأمانة بعد تنسيقهم مع الجهات الرقابية لكشف الجناة وضبطهم لكشف مؤامراتهم أمام الرأى العام.

 
الواقعة بطلتها سيدة تدعى "ن . ا" التى ترشحت عام 2015 على رأس قائمة التحالف الجمهورى فى انتخابات مجلس النواب، كما أنها تشغل منصب رئيس مجلس إدارة مدينة الذهب والتعدين العالمية الكائنة ب55 ش الجيزة،بالإضافة لإمتلاكها شركة فيلار للذهب التى تخصصت في خدمة ما بعد بيع وصيانة الذهب ، حتى أهلها ذلك لرئاسة المؤسسة العربية للتعدين والطاقة لما لها من خبرة واسعة في مجال التجارة بحكم دراستها وتخرجها من كلية التجارة ودبلوم تجارة الأعمال.


وتعتبر"ن . ا" أول امرأة مصرية تتقدم بمشروع لإقامة مدينة عالمية متكاملة المرافق لاستخراج الذهب وصناعته وتصميمه وتصديره بمحور التنمية بمنطقة قناة السويس،خاصة أنها بدأت العمل في مجالات الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتعدين منذ عام 2010بمنطقة الوسط الأفريقي تحت مظلة الخارجية المصرية.

وما يثير الدهشة والإستغراب أيضا عن السيدة بطلة واقعة محاولة تهريب نصف طن (500 كجم) من سبائك الذهب وإعادة تصنيعها داخل مصر، تمهيدا لطلائها بالفضة ثم تهريبها إلى دبي لدمغها وادخالها في السوق العالمية، أنها أول من تقدم بخطة  للقضاء على التجارة غير الشرعية في الذهب ، والقضاء على تهريبه عن طريق تقديم الدعم الصحي والتأميني للعامل الذي يقوم بالتهريب ووضع اليات للتعامل معه وتقنين اوضاعهم وتدريبهم في مراكز خبرة ومعاملته كمواطن ادمي مصري علي ارض مصر إلا أن ذلك كان بمثابة "تمثيلية" لم تجد تجسيدها حتى المشهد الأخير.

 

بدأت "ن . ا" التفكير فى تجنيد العاملين بديوان هيئة الثروة المعدنية أثناء تواجدها لحضور أحد الندوات التعدينية التي أقيمت في فندق مشهور على النيل بجاردن سيتي ، واستطاعت خلال الندوة التعرف على أحد القيادات الشابة بهيئة الثروة المعدنية،والذي يعمل بالإدارة العامة للمكتب الفني لرئيس هيئة الثروة المعدنية،خاصة أنه جذب انتباهها من خلال قيامه بالمداخلات الفنية التي قام بها خلال الندوة لما له من دراية قوية بقطاع التعدين بصفة عامة والذهب بصفة خاصة،إضافة لأنه شاب فى مقتبل عمره يحمل الماجستير و العديد من الشهادات العلمية والخبرات في مجال الجيولوجيا وهندسة التعدين،الأمر الذى استغلته "الفروجى" .

 

وقامت بالتعرف على الشاب الثلاثينى أثناء الندوة وقامت بإعطاؤه الكارت الخاص بها واخذت منه رقمه الخاص .

 

بدأت "ن . ا" الإتصال بالشاب بعد مرورعدة أيام على انتهاء الندوة، وأصرت على مقابلته إلا أنه ماطلها وأخبرها بأنه مشغول جدا الفترة الحالية ،إلا أنه فوجئ بإتصال من السيدة تخبره أنها ستقابله بعد انتهاء عمله بالهيئة أثناء اتجاهه لمنزله واصرت على مقابلته ، وبالفعل قابلها في سوق عام مشهور على دائري المعادي.

 

 وبدأت "ن . ا" حديثها مع الشاب بمقدمة كبيرة عن نفسها وانجازاتها ومشروعها الوهمي الكبير المسمى بمدينة الذهب العالمية ،والذي اخبرته أنها حصلت على قطعة أرض بمساحة كبيرة في المدينة الصناعية بالعين السخنة ، حتى تستدرج الشاب وتفاجئه بطلبها منه  تهريب كميات كبيرة من سبائك الذهب من جنوب مصر وتسليمها لها في القاهرة، حيث أنها ترغب في البدء بـ 50 كيلو ذهب، وذلك مقابل مبلغ معين يتم الاتفاق عليه على الكيلو الذي ينجح في تجميعه من المنقبين العشوائيين في الجنوب وتهريبه بمعرفته في سيارة الهيئة التي يتحرك بها بسهولة ، ولا يتم تفتيشها في الكمائن المرورية .

 

فما كان من الشاب المهندس الجيولوجى ان يرد عليها بأن شركة "شلاتين" هي الوحيدة التي من حقها تجميع الذهب من المنقبين العشوائيين وتسليمه للبنك المركزي المصري ليدخل في رصيد الخزانة العامة للدولة ، حتى يزيد الاحتياطى القومي من الذهب وبالتالي يعطي قوة وصلابة للاقتصاد المصري ، إلا أن  فاجأته المتهمة وحاولت إقناعه بأن هذا الأمر قانوني جدا ،وانها معتادة على فعله مع المنقبين بالجنوب، كما أنها تقوم أيضا بتداول الذهب من داخل وخارج مصر منذ فترة مع دولة أفريقية مجاورة ، ولكنها ترغب الان في كمية كبيرة من داخل مصر، لتلبية الاحتياجات المطلوبة منها محليا ودوليا.

 

وأنهى المهندس الجيولوجي الشاب مقابلته معها ، وقرر التوجه الى هيئة الرقابة الادارية ليقوم بعمل بلاغ رسمي ضد سيدة الأعمال ،وبالفعل توجه إلى الادارة المختصة بهيئة الرقابة الادارية ،حيث قام بتقديم البلاغ بصفته مبلغ رسمي عن نية المتهمة تهريب كميات كبيرة من سبائك الذهب من جنوب مصر وإدخالها في السوق المحلي وتهريبها خارج البلاد مقابل رشوة اوعمولة كما سمتها المتهمة.

 

وفي بادئ الأمر لم تقم الرقابة الادراية باتخاذ آي إجراء إلا بعد أن جددت المتهمة تواصلها مع الشاب الثلاثينى ، حيث أكدت انها مازالت ترغب في اتمام هذه الصفقة، لانها في ضائقة مالية وان هذا الامر سوف يمكنها من استعادة مكانتها في السوق مرة اخرى ، راجية إياه إذا لم يتمكن من اتمام هذه العملية فلابد منه أن يقترح عليها أحد زملائه الذين يستطيعون القيام بهذا العمل ، وبالفعل قام بالاتصال بأحد زملائه (المبلغ الثاني) وهو محامي يعمل بلجنة تجميع الذهب بشركة شلاتين ، وهي احدى الشركات التابعة لهيئة الثروة المعدنية، وتمت بعد ذلك جميع الخطوات بالتنسيق مع هيئة الرقابة الادارية.

 

وطلبت المتهمة بعد ذلك من المهندس الشاب (المبلغ الاول في القضية رقم 8845 لسنة 2018 جنايات البساتين) ان يزورها في مقر شركتها بالجيزة بعدما اخبرها انه استطاع ان يتواصل مع احد زملائه لتلبية طلباتها ، وذلك بعد التنسيق مع الرقابة الادارية لتسجيل اللقاء ومعرفة حقيقة الموضوع ، الامر الذي ثبت صحته بعد ذلك .

 

واتضحت نيتها الرغبة في بدأها  بتهريب 50 كجم من سبائك الذهب في سيارات الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية بمساعدة موظفي هيئة الثروة المعدنية مقابل مبلغ مالي كبير وهو مليون و700 ألف جنيه مصرى قابل للزيادة مع زيادة الكمية وشطارتهما في الحصول على الذهب بفارق سعر اكبر من المنقبين العشوائيين في الجنوب ،حيث ان شركة "شلاتين" تشتري منهم الذهب بفارق سعر خمسة بالمائة عن سعر السوق، ولكنهم يرغبون في التعامل بعيدا عن شركة شلاتين لحصوله على الأموال في الحال لكي يستطيعوا الاستمرار في التنقيب العشوائي،ولذلك فانه من الممكن ان يتغاضوا عن نسبة أقل من التي يتعاملون بها مع الشركة مقابل الحصول الفوري على المال إلى ان تم القاء القبض عليها متلبسة بعرضها رشوة على الموظفين.

 

 

 وأفادت تحقيقات المستشار أحمد معاذ مدير نيابة حوادث جنوب القاهرة ، بإشراف المستشار أحمد عز الدين عبد الشافي، المحامي العام الأول للنيابات، بأن المتهمة تدعى "نانيس.ف"، سيدة أعمال ورئيس مجلس إدارة شركة تعمل في مجال التعدين، تعرفت على الجيولوجي الذي يعمل بالادارة العامة للمكتب الفني لرئيس هيئة الثروة المعدنية (المُبلغ الأول) أثناء حضورها ندوة نظمتها الهيئة العامة للثروة المعدنية، وعقب انتهاء الندوة تواصلت المتهمة مع الجيولوجي بهدف استشارته في بعض الأمور الفنية الخاصة بقطاع التعدين وطلبت منه الاستعانة بخبرته فى مجال التنقيب عن الذهب، والتوسط من خلال معاملته مع المنقبين العشوائيين، لشراء الذهب منهم ، حينها راودته الريبة من اصرارها على طلبها رغم توضيحه بعدم مشروعية مثل هذه الامور.

 

 وقام بالتواصل مع المحامي مفوض الدولة لشراء الذهب من المنقبين العشوائيين (المُبلغ الثاني) الذي أكد على خطورة الموقف حيث قاما بدورهما بتقديم بلاغ رسمي للجهات الرقابية اتخذت على اثره كافة الاجراءات والخطوات القانونية ، حتى تم القبض عليها في حالة تلبس بتقديم مبلغ مالي لقاء تجميع أول دفعة من المتفق عليه ومبلغ آخر على سبيل الرشوة لهما نظير تجميع الذهب وتهريبه بطرق غير مشروعة.

 

وحرص الدكتور الجيولوجي أيمن الساعي رئيس مجلس إدارة هيئة الثروة المعدنية، على إقامة حفل لتكريم العاملين اللذين رفضوا تقاضى رشوة مالية عرضت عليهم ، وذلك على خلفية واقعة سيدة الأعمال ، مشيدا بالدور الوطنى وأمانة العاملين الذين كان لهم الفضل في الايقاع بأحد التنظيمات الإجرامية التي كانت تخطط لتهريب كمية هائلة من الذهب.

 

 

وقال رئيس الهيئة خلال الإحتفالية، إن المادة رقم (32) من الدستور المصري نصت على أن " الثروات المعدنية، والموارد الطبيعية للدولة ملك للشعب، وعوائدها حق له تلتزم الدولة بالحفاظ عليها، وحسن استغلالهـا، ومراعاة حقوق الأجيال فيها، مؤكدا أنه لا يجوز التصرف فى أملاك الدولة العامة، ويكون منح امتياز استغلالها، أو التزام مرفق عام بقانون ، ولمدة محددة ، حيث يحدد القانون أحكام التصرف فى أملاك الدولة الخاصة، والقواعد والإجراءات المنظمة لذلك.

وأكد أن هيئة الثروة المعدنية ستتصدى بكل قوة وحسم لكل من تسول له نفسه التعدي على حق الشعب من ثروات مصر التعدينية والضرب بيد من حديد بشتى الطرق التي من شأنها نهب هذه الثروات المعدنية، منوها أنه يتم حاليا تكثيف مجهودات الهيئة لمكافحة كافة أنواع الفساد والمخالفات التي تطول اي خام في أي موقع سواء عن طريق زيادة حملات التفتيش على المناجم والمحاجر التى تبلغ 15 مركز تعديني.