محترفات ألعاب الفيديو يواجهن "تهديدات بالقتل" (صور)

منوعات



تواجه اللاعبات المحترفات في عالم الألعاب الإلكترونية جميع أنواع الصعوبات، بداية من التعليقات اللاذعة التي تنطوي على تحيز ضد المرأة، وصولا إلى التهديدات الصريحة بالقتل، ورغم ذلك، لم يتخلين عن شغفهن بالألعاب الإلكترونية.

تخيل أنك تتلقى أجرا مقابل خوض منافسات ألعاب الفيديو أمام جمهور من عشاق الألعاب الإلكترونية الذين يشاهدونك عبر الإنترنت.

ربما تبدو هذه المهنة جذابة، لكن اللاعبات المحترفات اللائي يمارسن هذه المهنة يواجهن صعوبات وتحديات قد لا يواجهها أقرانهن من الذكور.

تعمل ستيفاني هارفي الكندية، الملقبة باسم "ميس هارفي" في عالم الألعاب الإلكترونية، مطورة ألعاب فيديو، ولاعبة محترفة في الرياضة الإلكترونية، وشاركت في فرق نسائية فازت في ست مسابقات دولية كبرى لألعاب الفيديو.

أما ليفياثان، اللاعبة البريطانية المحترفة، فتبث مقاطع فيديو مدتها ست ساعات يوميا على موقع "تويتش دوت تي في"، وهو موقع تملكه شركة أمازون يتيح لمحترفي ألعاب الفيديو البث المباشر لمنافساتهم في الألعاب الإلكترونية. ولديها نحو 150 ألف متابع.

لا شك أن اللاعبتين واجهتا الكثير من التحديات في مجال أغلب عشاقه ولاعبيه من الذكور، لكنهما لا تريدان أن تحظيا بمعاملة خاصة، بل تطالبان فقط بالحصول على فرص متكافئة مع نظرائهن من الرجال.

وتأمل اللاعبتان أن يختفي قريبا لقب "اللاعبات الفتيات"، الذي يستخدمه البعض في إشارة إلى اللاعبات المحترفات.

وتقول هارفي: "أمارس هذه المهنة منذ نحو 15 عاما. في البداية، كان عالم الألعاب الإلكترونية يهيمن عليه الذكور تماما، ولا تزال نسبة اللاعبات المحترفات محدودة في منافسات ألعاب الفيديو للمحترفين".

وتضيف: "لكن في الفترة الأخيرة، طُورت ألعاب جديدة، وظهرت مجتمعات من اللاعبين، وزاد عدد الأشخاص الذين يبثون ألعاب الفيديو مباشرة عبر الإنترنت، وكل هذا ساهم في استقطاب مجموعة كبيرة من اللاعبين إلى فضاء الألعاب الإلكترونية. ولحسن الحظ، الكثير منهم من النساء".

لكن مهما زادت الصعوبات، فلا شيء يعوق النساء عن المشاركة في هذا الفضاء. وبالرغم من أن قيمة الجوائز في منافسات ألعاب الفيديو التي تقتصر على النساء أقل منها في سائر مسابقات ألعاب الفيديو للمحترفين، فإن مسابقات ألعاب الفيديو العالمية الكبرى ذات الجوائز المالية الضخمة متاحة للجنسين.

وتقول هارفي وليفياثان إنهما لم يمنعهما أحد من المشاركة في منافسات ألعاب الفيديو، لكن هذا لا يعني أن مشاركة المرأة في منافسات ألعاب الفيديو بلا صعوبات. وتضيف ليفياثان: "لا شيء يثبط اللاعبة المحترفة عن المشاركة في المنافسات".

لكن لماذا يعد مصطلح "اللاعبات الفتيات" مهينا؟ تقول ليفياثان: "هذا اللقب ينطوي على صورة نمطية للاعبة المحترفة التي لا تخوض المنافسات إلا للفت أنظار الشباب، وليس لأنها ماهرة أو تستمتع بخوض المنافسات مثل كل اللاعبين المحترفين".

وتتلقى ليفياثان عادة تعليقات من الناس على مقاطع الفيديو التي تبثها مباشرة، وبينما يكون أغلب هذه التعليقات إيجابي، فإنها تقول: "أتلقى عادة تعليقات سلبية لكوني إمرأة".

وتتابع: "وكثيرا ما أسجل مقاطع فيديو ترويجية، ويعلق الناس دائما بالقول إن وجودي في المجال رمزي فقط لإثبات مشاركة المرأة في الألعاب الإلكترونية، وليس لأنني أمتلك مهارات تؤهلني للتنافس كلاعبة محترفة".

وتشعر هارفي بالندم أحيانا لأنها اختارت لنفسها لقب "ميس هارفي" أو الآنسة هارفي في ألعاب الفيديو، لأنه يدل على أنها أنثى، وكانت تفضل أن يظن الناس أنها لاعب محترف بدلا من أن تصبح واحدة من "فتيات ألعاب الفيديو".

وعندما روجت ليفياثان للعبة، لم تعجب بعض المتصيدين عبر الإنترنت، الذين يحاولون استدراج الآخرين بتعليقات استفزازية، تمنى هؤلاء لها أن "تصاب بالسرطان وتموت"، وهددوها بالاغتصاب.

لكنها لم تنشغل بهذه التعليقات، وتقول: "لا أكترث لهؤلاء، وأعرف أن أغلبهم أشخاص وهميون. وأحاول أن أفصل بينهم وبين المهنة التي أمارسها".

وفي ظل تزايد انتشار التعليقات الاستفزازية وتصاعد حدتها، بات تعلم كيفية التعامل مع أصحاب التعليقات المستفزة أمرا حتميا. وأجمعت الآراء على أن أفضل طريقة هي تجاهل ذلك الشخص المتصيد وحرمانه من الاهتمام الذي يلهث وراء الحصول عليه.

وقد يساعد أيضا كشف أهدافه الحقيقية من نشر هذه التعليقات والرد عليه بطريقة إيجابية في منعه من التمادي في استفزاز الآخرين. ويساعد ليفياثان فريق خاص للتعامل مع التعليقات المسيئة على الإنترنت.

ولا تكشف ليفياثان عن اسم عائلتها أو مكان سكنها، كسائر اللاعبين واللاعبات الذين يبثون مقاطع الفيديو مباشرة عبر مواقع ألعاب الفيديو، للحفاظ على بعض الخصوصية. وتقول: "هناك الكثير من المتربصين على الإنترنت. وقد تصادف النساء على وجه الخصوص بعض الناس الذين يتعلقون بها بشدة لأنها تتعامل معهم بلطف".

وهذا يذكرنا باللغط الذي أثير حول حملة "غيمرغيت" في عام 2014، التي بدأت بهاشتاغ على تويتر تفاعل معه المغردون بتعليقات مسيئة، وبخاصة تجاه اللمرأة. وفي أعقاب هذه الحملة، اختُرقت حسابات بعض النساء، ونُشرت معلوماتهن الشخصية على الملأ، وتلقى البعض منهن تهديدات بالقتل والاغتصاب.

وهذا النوع من الإساءة لا يمثل إلا جزءا من قضية أوسع نطاقا على الإنترنت، تضم طائفة من المشكلات مثل التنمر الإلكتروني، ولم يُتوصل لحلول لها إلا مؤخرا.

وتقول هارفي: "علينا أن نبذل ما بوسعنا لمواجهة هؤلاء المتصيدون والمتنمرون". لكن هذه المشكلات لا تواجهها اللاعبات المحترفات فقط، إذ تقول ليفياثان: "يواجه محترفو ألعاب الفيديو أيضا مشكلات مشابهة، وإن كانت لأسباب مختلفة".

ولا تنكر هارفي وليفياثان أنه من الصعب منع المتصيدين من الوصول إليك، إلا أنهما اختارتا عدم التركيز على الجانب المظلم من عالم ألعاب الفيديو لئلا يصبح التمييز والتعرض للتهديدات سمتين مميزتين للاعبات المحترفات، وتؤثران في المقابل ترك بصمة إيجابية في هذا المجال.

وتواجه أيضا هارفي وليفياثان مشكلة عدم احترام المرأة في هذا المجال وخارجه، وتقول ليفياثان: "قد يكون عدم احترام اللاعبات وانعدام المساواة بين الجنسين في مجال ألعاب الفيديو انعكاسا لازدراء البعض للنساء في المجتمع بشكل عام".

وترى هارفي أنه قد يكون تحيزا لا إراديا ضد المرأة، ربما يكون بسبب الجهل، ولهذا اختارت أن تشارك في فرق نسائية، وتبرر ذلك بالقول "إن الفوز باحترام الزملاء اللاعبين سيستغرق وقتا طويلا وجهدا شاقا، ولن يتيح لها اللاعبون هذه الفرصة، ولن يرغبوا في خوض المنافسات مع لاعبات لأنهم يفترضون أن مستواهن متواضع".

لكن لماذا يظن الناس بشكل عام أن مستوى اللاعبات المحترفات في الرياضات الإلكترونية أدنى من مستوى نظرائهن من الرجال؟

ثمة تفاوت كبير بين أعداد اللاعبين وأعداد اللاعبات المحترفات في مجال ألعاب الفيديو. وتشجع هارفي النساء على الإقبال على منافسات ألعاب الفيديو لإظهار مواهبهن، وترى أنه لابد من زيادة عدد الشخصيات النسائية في ألعاب الفيديو.

وبالرغم من هذه الصعوبات التي تواجهها اللاعبات المحترفات في هذا المجال، تقول هارفي: "الألعاب الإلكترونية هي مهنتي الأساسية، وأمضي معظم وقتي في ممارستها، ويمكنني القول إنها تجربة إيجابية".

وتصف هارفي الحماسة الشديدة التي تنتابها عندما تخوض المنافسات في بطولات الرياضات الإلكترونية التي تقام في صالات ضخمة أمام 60 ألف متفرج، ويشاهدها الملايين عبر الإنترنت، بالقول: "تشعر أنك مفعما بالإثارة، وتنبض بالحماس والحيوية. إنه شعور رائع".

ولا تحظى الآن مشاركة المرأة في هذه البطولات بنفس القدر من الاهتمام الإعلامي الذي كانت تحظى به في الماضي. وتقول هارفي: "أصبحت مشاركة اللاعبات المحترفات في هذه المباريات أمرا معتادا، وهذا في مصلحتنا، لأننا اتحدنا معا وقلّ التنافس بيننا".

وترى هارفي أن مصطلح "اللاعبات الفتيات" يجب أن يختفي مستقبلا، وتقول: "لم أسمع قط أحدا يقول 'لاعبين صبيان'، ولا تقول 'فتيات الألعاب الرياضية'". فهذا المصطلح في نظرها قد عفا عليه الزمن، وتأمُل أن يتوقف الناس عن استخدامه.

وتلخص ليفياثان رأيها قائلة: "لا أريد أن أشعر، بحكم مهنتي كلاعبة محترفة، أنني كائن أسطوري. كل ما أريده هو أن أخوض منافسات تتكافأ فيها فرص الفوز بين الرجال والنساء، وتحظى فيها النساء بنفس القدر من الاحترام كالرجال".

وتضيف: "لا أريد أن أكون مميزة، ولا أريد شخصيا أن تختارني الشركات فقط لكوني امراة. أريد أن يعترف الناس باللاعبات المحترفات ويقدرونهن بناء على جدارتهن، وليس لكونهن إناثا فقط".