اللواء الدكتور علاء عبد المجيد يكتب: توافقات الغنيمة وقسمة الغرماء

ركن القراء



تحدق ألسنة الفوضى المشتعلة بمنطقة الشرق الأوسط بعد أن تناثرت البؤر الملتهبة في اتجاهات عديدة , فلقد تبعثرت التحالفات التقليدية وحلت محلها ما يمكننا تسميته بسياسة توافقات الغنيمة , وهي توافقات – بطبعها – وقتية وسريعة التبدل , لا تحكمها مبادئ راسخة أو أهداف واضحة بقدر ما ترتكز علي اقتناص الغنائم المتاحة وتعظيم المكاسب الغير قانونية للطرفين المتوافقين ...,

 

 وبالقطع ...

 

يكون ذلك اقتطاعاً من أراضي لدول انهارت سطوتها أو إنتقاصاً من نفوذ لدول فاشلة تعرضت للتفكك – أو كادت – عقب انحراف بعض الثورات عن جادة السلمية , أو عقب اشتعال النزاع بين بعض الفصائل والطوائف الشعبية وبعضها البعض .... أو بينهما وبين السلطة الشرعية لتلك الدول ....

 

وحينما خارت قوي بعض الدول  ولم تستطع حماية أرضيها و شعبها , لم تجد أمامها إلا سبيل الإذعان لقسمة الغرماء التي فرضتها بعض القوي الإقليمية الطامعة

 

والأمثلة علي تلك السياسات الجائرة عصية علي الإحصاء لكنها لم تعد عصية علي الفهم إلا سبيل الاذعان لقسمة الغرماء التي فرضتها بعض القوي الإقليمية الطامعة

 

والأمثلة علي تلك السياسات الجائرة عصية علي الإحصاء لكنها لم تعد عصية علي الفهم إلا لمن في قلبه مرض , فها هي العراق وقد تم تقسيمها من الناحية العملية ولا ينقصها سوي إعلان الاستقلال الفعلي لبعض الأقاليم ... بعد أن باتت حكومتها المركزية ذات التاريخ العريق والضارب في القدم عبر العصور ... باتت مجرد تابع للسياسات الإيرانية الطائفية ذات الأغراض التوسعية وذات الطابع العدواني تجاه الكيانات العربية الكبرى

 

وينطبق الأمر بشكل أوضح في اليمن , فلقد تفتت الاراضي اليمينة بين الفصائل المسلحة وغابت أجهزة الدولة وصار الشعب نهباً للقوي الطامعة , وباتت اليمن منصة تهديد لكل جيرانها , والمؤلم أن كل فصيل مسلح أصبح تابعاً لإحدى القوي الخارجية التي تمده بالمال والسلاح وتحركه كدميه عمياء

 

أما الوضع في الحالة السورية فلقد بلغ حد العبث , بعد أن باتت الأراضي السورية مسرحاً مشاعاً للمواجهات بين كل القوي الدولية والاقليمية علي حد سواء ولقد تجلت هناك سياسات أروغان البرجماثية واللاأخلاقية مستغلاً الحالة السورية منذ بداية الأزمة مروراً بكل أطوارها الدامية

 

في البداية قام بتسويق نفسه كرجل الأخلاق الذي يأبي الصمت تجاه ما يتعرض له الشعب السوري من اضطهاد واستبداد , فأخذ يتفاخر بفتح الحدود ونصب المخيمات لكي يروح صورته الإعلامية وهو يتفقد خيام اللاجئين , كان يزكي نيران الفتنة متجاهلاً مبادرات الرنانة التي استمدت بريقها بدماء الأبرياء

 

كان يخرج رافضاً كل تدخل أجنبي فوق الأراضي السورية , مطنطناً بحقوق المدنيين في حياة أمنة ,,, لكنه سرعان ما أنقلب علي نفسه وظهرت حقيقته جلية للعالمين , حيث جاءت لحظة الحقيقة الكاشفة حينما رفعت قواته العلم التركي فوق مدينة عفرين منذ بضعه أسابيع سقطت شعارته أمام رغابته التوسعية فقام بقتل الالاف من السوريين , ثم بدأ يمهد لحلمه التوسعي المغيت باحتلال المزيد من الأراضي السورية , حيث هدد بذلك علانية في بيان صادر في 28 مارس المنقضي من ( مجلس الأمن القومي التركي ) والذي يترأسه أردوغان نفسه أن القوات التركية سوف تتحرك لاحتلال مدينة ( منبج ) ما لم ينسحب منها مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية , لكن الأمر في منبج لن يمر هكذا ...,

 

فلقد استقدمت الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية ومدرعات من قاعدتها العسكرية الواقعة في بلده ( صرين ) بريف حلب الشمالي , ونشرت القوات الأمريكية نقاط المراقبة علي الخط الفاصل للمواجهة , بل وقامت بتسير دوريات عسكرية بحذاء نهر الساجور , وكذلك بتسيير دوريات عسكرية بحزاء نهر الساجور , و كذلك علي إمتداد الحدود السورية التركية .

...... والعجيب حقاً

 

أن منبج كانت في السابق تحت سيطرة تنظيم الدولة الإرهابي , وتم تحريرها من الإرهابيين بواسطة المقاتلين الأكراد , أي أن وحدات حماية الشعب الكردي والتي تتعرض للحملة التركية قد كان لها دوراً حاسماً في الحرب ضد الإرهاب

 

ولأن الأوراق مبعثرة ومتداخلة بشكل عبثي , فلقد جري اليوم حدث ذو دلاله ... حيث بدأ الخروج الكبير لمقاتلي تنظيم ( جيش الإسلام ) من ( دوماً ) الي بلده ( جرابلس ) المتاخمه للحدود التركية في الشمال السوري

 

وهنا تبدو الصورة الحقيقية لأردوغان الداعم للإرهاب منذ بدايات الأحداث , فهو لن يجرؤ علي مواجهة الادارة الأمريكية بشكل مباشر كعادته , لكنه سوف يعود إلي سيرته الأولي بدعم أولئك المقاتلين الغارين من دوما للقيام بعمليات ضد القوات الكردية ...!

 

فتلك هي السياسية الأردوغانية اللاخلاقية في صورتها الحقيقية ...!