كيف غير الرقم 7 حياة السعوديين قبل 80 عاما؟

السعودية




"من المحقق أن تربة وطننا من أفضل الترب وأغناها وإنما غيرنا جدوا واجتهدوا في إخراج معادن بلادهم المدفونة واستفادوا من خزائنهم"، هكذا تحدث المؤسس الملك عبدالعزيز عندما انتهى من توحيد البلاد ولملمة شتاتها، ليخطو جادا نحو تنمية موارد اقتصادية لبلاده، ورأى بعين الفاحص الخبير أن تربة بلاده لا تختلف كثيرا عن ترب بلدان محيطة اكتشف بها البترول كالعراق والكويت.

وفي 29 مايو1933، حفرت شركة "ستاندر اويل" 10 آبار، بعد توقيع الاتفاقية مع حكومة المملكة العربية السعودية، لتبدأ الشركة بعمالها في التنقيب عن النفط، بعد فشل شركات بريطانية في ذلك.

وبدأ العاملون في الشركة الأمريكية يجوبون البلاد، ويضعون المجسات مع خبراء من البدو، في تلك المواقع التي أشار عليها الملك عبدالعزيز بالاستعانة ببعضهم مثل "خميس بن رمثان" الدليل السعودي الشهير.

ووقع اختيار الشركة في عام 1935 على قبة الدمام - الظهران حاليا - أن تكون مقرا للحفر، حيث حفرت 10 آبار إلا أن النتائج مخيبة للآمال، وكانت الشركة قريبة من الرحيل بعد خمس سنوات محبطة لهم في أرض السعودية.

قصة الرقم 7
ورغم الآبار العشر الاختبارية التي حفرتها الشركة الأمريكية في الظهران، لم تعطِ أي نتائج، إلا أن أحد الجيولوجيين الأمريكيين المعروف "ستانكي" لم يفقد الأمل، وواصل الحفر في البئر رقم 7 وبجانبه الدليل السعودي بن رمثان.

وحينما واصلت المعدات الحفر في البئر الشهيرة رقم 7 لمستويات غير مسبوقة، وفي صباح 4 مارس من عام 1938 ، كان صباح خير على البلاد، حيث تدفق النفط من هذه البئر بكميات تجارية.

وأنتجت البئر 7 في بداية إنتاجها أكثر من 1500 برميل في اليوم، على عمق 1.5 كيلومتر لتصبح البئر الشهيرة التي انطلق منها الخير في السعودية.

وحينما قدم الملك عبدالعزيز للمنطقة الشرقية بعد تدفق الخير من البئر رقم 7، يروي البعض أنه عند دخوله للمنطقة كانت رائحة الغاز منتشرة في المنطقة، وأراد أن يغلق نافذة سيارته تفاديا لتلك الرائحة الغريبة، إلا أنهم قالوا له إن هذه رائحة النفط، فأعاد فتح النافذة وهو يستنشق بعمق في فهم لما سيحدثه النفط من نقلة كبيرة للبلاد.

وتكمل اليوم البئر رقم 7 ثمانين عاما من تدفق النفط منها بشكل تجاري وكبير، بعد أن يئست الشركة الأمريكية ومن قبلها الشركة البريطانية، إلا أن رقم سبعة كان رقم الخير للسعوديين.

في عام 1944 وفي خطوة تهدف لبروز دور المملكة في إنتاج النفط، تم تغيير اسم الشركة من "كاسوك" إلى "شركة الزيت العربية الأمريكية"، والتي أصبحت تعرف اختصار "أرامكو".

وأكملت الشركة خط التابلاين في عام 1950 ليصبح أطول خط أنابيب نفط في العالم، بطول يتجاوز قليلا 1200 كلم، نقلت فيه النفط من الخليج العربي ليصب في البحر الأبيض المتوسط وتحديدا في صيدا، وأسهم في سرعة تصدير النفط لأوروبا.

ونقلت الشركة مقرها من نيويورك إلى الظهران مطلع عام 1952 ليبدأ عهد جديد من المشاركة في كافة القطاعات، وكان السعوديون لبنة مهمة في الشركة منذ إنشائها.

80 عاماً من تاريخ أرامكو
هذه الثمانون عاما منذ تدفق النفط من البئر رقم 7 وحتي اليوم، جعلت عملاق النفط أرامكو من أكبر الشركات في العالم، عبر إنتاج وضخ أكثر من 10 ملايين برميل يومياً، وإدارة أكثر من 260 بليون برميل من الزيت الخام، ومن احتياطيات الغاز التي تقدر بـ 284 تريليون قدم مكعبة قياسية.

واستطاعت الشركة اكتشاف 116 حقل نفط، بالتزامن مع ضخ البترول بكمية تجارية من البئر رقم 7 قبل نحو 80 عاماً، وكان آخر حقول النفط المكتشفة "أسادف" وحقلا الغاز "أم رميل والشعور".

ويعد حقل الغوار أحد أهم حقول النفط الكبيرة في العالم، إلى جانب حقل السفانية وغيرهما من الحقول الكبيرة والضخمة للبترول في السعودية.

وبعد 45 عاما من تدفق البترول من البئر رقم 7، وتحديدا في عام 1982 أوقف حقل الدمام لأسباب تشغيلية، إلا أنه قادر على إنتاج النفط من جديد.