جاتوزو.. عُمر المُختار الذي أعاد ميلان للحياة

الفجر الرياضي




يُحكي قديمًا أنه كان هناك أسدًا، مقاتلًا، ثائرًا من أجل العدل والحق والعِرض والأرض، يُدعي "عمر المُختار"، الذي حارب وقاتل الإستعمار الإيطالي في ليبيا طيلة عشرين عامًا في عدد كبير من المعارك الضارية، المختار حارب ومن معه الطليان دون ذرة خوف واحدة، فرفاق المُختار صمدوا عشرات السنين أمام الدبابات والطائرات والمدافع، فبالرغم من قِلتهم إلا أنه انتصروا في معارك عدة أمام قوات الإستعمار الإيطالية "كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّه".



لم يكُن عمر المُختار، قائدًا حربيًا، أو ثائرًا يبحث عن طرد الإستعمار الأجنبي من بلاده، لكن المُختار كان مُعلمًا ومُربيًا للأطفال، يُعلمهم القرآن والصلاة، ويعطيهم دروسًا في الأخلاق وحُب الوطن، هكذا فعل جينارو جاتوزو  مع ميلان الإيطالي (مع فارق الشخصيات فلن يصل أحد إلى المُختار أبدًا)، جاتوزو كَمن أعاد ميلان المَيت إلى الحياة، بث في نفوس لاعبيه لغة الانتصار ولا شيئًا غيره، جعلهم محاربين على أرض الملعب، جعلهم يعرفون أنه لا مجال للخذلان، ولا مجال لأشباه الرجال، أما أن تكون مقاتلًا أو لا تكون.



كان الطليان يفعلون كل شيء لكي يتقاعد عمر المُختار ويترك ساحة القتال، عرضوا عليه الكثير من الأموال، لكن هو قال جملته الشهيرة اليت لا تُنسي أبدًا، "نحن لا نستسلم أما ننتصر أو نموت"، الجملة لم تكن وليدة الصدفة أبدًا، بل أن المُختار زرعها في قلوب الأطفال والثوار وحتي النساء، وهكذا فعل جاتوزو مع لاعبي الروسونيري، بث في قلوبهم القوة، جعلهم ينزلون إلى الملعب كالمُقاتلين وكأنها ساحة قتال وليس لعب، جعلهم كالأسود الذين يلتهمون فرائسهم في الغابات دون رحمة أو رأفة.

 


كانوا يقولون أن القتال وحده لا يُغني ولا يُسمن من جوع لكي تنتصر في نهاية الحرب، فأن تكون قائد بلا تكتيك أو فلسفة فإنك لا تنجح، لكن جاتوزو الذي كان لاعبًا محاربًا في صفوف ميلان، والذي خاض أكثر من عشرون دقيقة في مباراة الروسونيري أمام كاتانيا في موسم 2008 وهو مصاب بقطع كامل في أربطة الركبة، خالف هذه المقولة وأرسلها إلى غيابات القبور المُظلمة.

 


جاتوزو أعاد للميلان هيبته المفقودة حتي ولو قليلًا منها، جعل من لاعبيه رجالًا لا يهابون الموت، يقاتلون من أجل القيمص لأخر قطرة في دمائهم، ميلان تحول، ميلان ليس كالسابق، جاتوزو أعاد الأمل لجماهير الروسونيري التي عاشت الحزن والوجع، نعم جاتوزو قالها ميلان لا يموت ولن يموت!.