منال لاشين تكتب: الأسئلة الساخنة أمام المرشح السيسي

مقالات الرأي



هل سيعين نائبًا للرئيس؟

هل سيلغى مجانية التعليم؟

لماذا لم يقدم برنامجًا انتخابيًا؟

وما مصير الحريات فى الولاية الثانية؟

وماذا سيقدم للطبقة المتوسطة؟


من العبث انتظار نتيجة الانتخابات الرئاسية بشوق أو قلق أو حتى شغف. من العبث تصور رئيس آخر لمصر غير الرئيس عبدالفتاح السيسى، فالرجل لا يزال متمتعا بشعبية، وإن نقصت خلال دورته الأولى، إلا أن هذه الشعبية لا تزال كافية جدا جدا لإنزال الهزيمة بأى مرشح، بتعبير الدكتور مصطفى الفقى السيسى هينجح حتى لو اترشح أمامه عفريت، ولاشك أن هذه الشعبية هى السر وراء تراجع بعض السياسيين المخضرمين لمنافسة السيسى فى الانتخابات الرئاسية القادمة. ورغم هذه الشعبية إلا أن الرئيس السيسى لا يزال مرشحا حتى تعلن النتيجة.ولكل انتخابات تقاليدها وأعرافها. فكل مرشح يواجهه بأسئلة حول المستقبل وماذا يجرى فى السنوات الأربع المقبلة فى حكمه، وما يحمل فى برنامجه الانتخابى.


1- مجانية التعليم

الرئيس السيسى هو أول مرشح يعد الناخبين بالتعب والشقا، وليس النعيم والمميزات. ومنذ فترة ترشح الدورة الأولى وهو يردد جمل بعينها (هتتعبوا معى) (لازم نتعب عشان نبنى مصر) (لازم نتعب عشان البلد) و(احنا بنعوض عشرات السنوات ونبنى المستقبل) وفى خطاب ترشحه الأخير أكد نفس المعنى وأضاف هتتعبوا معى أوى. وهذه إضافة وإشارة مهمة لناس تعبانة. إذن المرشح السيسى أكد استمرار سياسته لاستكمال الإصلاح مهما كانت تكلفته. ولكن بعض الإصلاحات ثمنها أكبر بكثير من الأكل والشرب. أو حتى العلاج والصحة. لأن ثمن هذه الإصلاحات يتعلق بالمستقبل وليس الحاضر، ويتعلق بمستقبل أهم وأغلى ما نملك فى حياتنا.. مستقبل أولادنا، فالمستقبل مرهون بالتعليم، ولذلك قضية المساس بمجانية التعليم (الجامعى خاصة والتعليم بشكل عام) مهمة وخطيرة، والتعليم ملف من ضمن ملفات الإصلاحات التى يجرى دراستها بعمق وفى غرف مغلقة بين متخصصين وخبراء وعلماء. وجانب من فكر إصلاح التعليم يتعلق بمعادلة الإتاحة والكفاءة.وان إتاحة التعليم لا يجب أن تأتى على حساب جودة وكفاءة التعليم. وهناك اقتراحات بأن تقتصر مجانية التعليم الكاملة على المتفوقين فقط، وأن تتاح للجامعات تحديد الرسوم بما يكفى لتقديم خدمة تعليمية كفء. هذه الاقتراحات تعنى على بلاطة إلغاء مجانية التعليم الجامعى. وهذا قرار صعب وخطير ولا يجب أن نفاجأ به ينفذ فجأة، فمجانية التعليم الجامعى أحد أهم مكتسبات ثورة 23 يوليو. وقد استفاد منها ملايين الأسر للحراك الاجتماعى.

ومجانية التعليم على أهميتها وخطورتها هى مجرد مدخل إلى قضية أهم وهى قضية الطبقة المتوسطة.فقد حرضت الرئيس طوال السنوات الأربع على دعم الطبقة الفقيرة فى مواجهة وحش الغلاء. ومن الموضوعية القول إن الدعم وصل والهدف تحقق. ولكن الطبقة المتوسطة عانت كثيرا من جراء الإصلاح الاقتصادى. وحتى لو كان هذا النوع من الإصلاح ضروريا فى الدورة الرئاسية الأولى أو الثانية، فإنه من الضرورى أيضا وجود آليات للتخفيف من هذه الطبقة المتوسطة فى مواجهة المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادى.


2- من التثبيت إلى الانطلاق

كانت الدورة الأولى للرئيس السيسى هى دورة تثبيت الدولة. ولاشك أن مخاطر الإرهاب من جهة والخوف من انهيار المؤسسات من ناحية أخرى جعلت المهمة الأولى بالرعاية هى تثبيت الدولة.فالرئيس رفض فكرة هدم المؤسسات الدستورية وإعادة بنائها خوفا من الفوضى. وإذا كان تثبيت الدولة قد فرض نفسه على الدورة الأولى للرئيس السيسى. فأتصور أن الدورة الثانية تحتاج إلى أساس لانطلاق الدولة لآفاق أخرى. نحتاج إلى فتح المجال السياسى وإلى حوار وطنى تشارك فيه الأحزاب والنقابات المهنية وجمعيات المجتمع المدنى الحقوقية والخدمية.. حوار يشمل الجميع دون إقصاء أو استثناء.

حوار يعبر عن التعددية فى المجتمع ولا ينظر للخلاف على أنه خطر داهم أو كارثة، لأن التنوع فى الآراء تحت إطار مبادئ الدولة يثرى المشروعات والإجراءات فى كل نواحى الحياة. وليس مجرد إثراء للحوار فقط.

أعتقد أن هذا المؤتمر سيكون لديه أجندة طويلة وإجابات لأسئلة كثيرة. أسئلة بعضها مطروح من قبل ثورة 25 يناير.. أسئلة من نوع تعيين نائب أو نواب للرئيس.وإعادة هيكلة مؤسسة الرئاسة لتضمن تواصلا أسهل وأسرع مع كل فئات المجمتع، أسئلة من نوع التوازن بين متطلبات المجتمع، وعلى رأسها التوازن بين مكافحة ومواجهة الإرهاب والحفاظ على الحريات الأساسية للمجتمع، التوازن ما بين الحريات المعيشية والأساسية للمواطن والحريات السياسية لنفس المواطن، ففى دولة ما بعد التثبيت يجب أن نطلق الحريات السياسية والحقوقية بما فى ذلك دعم الأحزاب والمعارضة، ففى أعرق الدول الديمقراطية تقوم الدولة بدعم الأحزاب الصغيرة دعما للتنوع الذى لا غنى للمجتمع عنه.

لقد كانت مخاطر التفتت فى الدورة الرئاسية الأولى تجعل من وحدة الصف مطلبا أكثر إلحاحا من تنوعها، ولكن فى الدورة الرئاسية الثانية فإن التنوع فى الآراء ضرورة حتمية.


3- البرنامج الانتخابى

قبل الدورة الأولى للرئيس السيسى وعلى الرغم من وجود انتخابات نزيهة، فإن الأمر واقعيا كان استدعاء وطلبا من الشعب للسيسى بالترشح، وربما يفسر هذا الوضع عدم تقدم الرئيس السيسى ببرنامج انتخابى، فهو ليس بحاجة إلى برنامج لإقناع الناس بانتخابه، وقد فوجئت بحجم وتنوع المشروعات التى أطلقها الرئيس السيسى فى ولايته الأولى، ومنذ اليوم الأول أو الربع ساعة الأولى من ولايته. فقد كانت الأفكار موجودة ومدروسة ومخططا لها. وكان الرأى هو عدم الإعلان خوفا من قوى الشر.وعلى الرغم من استمرار وجود قوى الشر فاعتقد أنه آن الأوان إلى تفعيل قواعد قواعد الانتخابات. ومن أهم قواعد وتقاليد الانتخابات وجود برامج رئاسية للمرشحين.واثق أن الرئيس السيسى لديه عشرات بل مئات المشروعات الجديدة التى تصلح لبرنامج انتخابى طموح ومحترم وكبير ويغير كثيرا من صورة ومكانة مصر. فهل يمكن أن يرى هذا البرنامج الانتخابى النور خلال فترة الترشيح للولاية الثانية.ربما كان البرنامج من خلال حوارات الرئيس أو برنامج على الموقع الإلكترونى لموقع حملة الرئيس.. ربما تولى بعض أفراد الحملة شرح جوانب من البرنامج الانتخابى للرئيس. فطرح البرامج الانتخابية سواء فى الأحزاب أو المرشحين يثرى هذه البرامج ويفتح حوارا وطنيا حولها.والحوار دوما يفيد ولا يضر فهل نجد للمرشح السيسى برنامجا انتخابيا فى هذه الانتخابات من أجل النقاش، وليس من أجل إقناع الناخبين فللمرة الثانية والعاشرة والمائة الناخبين مقتنعين بالرئيس السيسى.