جدار إسرائيلي جديد فى الضفة الغربية يعزل عائلة فلسطينية عن محيطها

أراد الاسرائيليون من خلال بناء جدار أسمنتى جديد قرب مستوطنة قريبة من رام الله في الضفة الغربية المحتلة كالعادة فصل الإسرائيليين عن الفلسطينيين، الا أن ثلاث أسر فلسطينية وجدت أنفسها نتيجة ذلك معزولة عن محيطها الفلسطينى ومحصورة بين الجدار والمستوطنة.

 

ويمتد الجدار الجديد على مسافة 500 متر تقريبا بجانب مستوطنة بيت إيل الواقعة الى شمال مدينة رام الله، وبسبب مكان إقامة الاسر الثلاث المؤلفة من 25 فردا والمنتمية الى عائلة جمعة، أقام الاسرائيليون ممرا صغيرا وبوابة ضمن الجدار الذي يرتفع حوالى ستة أمتار، هما صلة الوصل الوحيدة لهذه الاسر مع الفلسطينيين في الجانب الآخر من الجدار.

 

وأبلغت السلطات الاسرائيلية عائلة جمعة نيتها بناء الجدار قبل ثلاث سنوات، غير ان تنفيذه أنجز خلال الشهر الماضي. وقد فصل العائلة عن مخيم الجلزون الذي يضم مدرسة أطفال عائلة جمعة، وعن قرية دورا القرع، وعن مدينة البيرة، الامتداد الحيوى والطبيعي للعائلة حيث يبيع أفرادها خضارهم التي يعتاشون منها.

 

ويقول حسام جمعة (54 عاما) بتهكم لوكالة فرانس برس "لقد فَصَلَنا الجدار عن عالمنا الخارجى، وبتنا اليوم مستقلين وسنطلق على أنفسنا اسم جمهورية جمعة العظمى".

 

ويضيف حسام، وهو أب لثمانية أولاد وموظف في شركة تأمين في رام الله، "فصلنا الجدار عن أبناء بلدنا وأهلنا. نحن نشعر اليوم أننا جزء من المستوطنة، رغم أنني فلسطينى. فصلونا عن المجتمع، لا بل عن البشر، صرنا وحدنا".

 

ويوضح حكم (50 عاما)، شقيق حسام، أن العمل في بناء الجدار "كان يجري في ساعات الليل، لكن بعد التظاهرات التى إندلعت فى الأراضي الفلسطينية إثر قرار أمريكا اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، اصبح العمل فى ساعات النهار".

 

واتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل بأنها "إستغلت مواقف الرئيس الأمريكى لرفع وتيرة الإستيطان فى الأراضى الفلسطينية.

 

غير ان وزارة الدفاع الإسرائيلية قالت في بيان لها عن الجدار، بان بناءه "جاء ضروريا بعدما وقعت حوادث إطلاق نار عدة من مركبات فلسطينية باتجاه المستوطنة"، مؤكدة ان الجدار "لن يغلق الطرق باتجاه المنازل، ولن يغير أى شئ على الارض، ولن يؤذى أراضى الفلسطينيين هناك".

 

وتسكن الاسر الثلاث في منزل لا تتعدى مساحته 300 متر مربع، ولا يبعد عن مستوطنة بيت ايل سوى أمتار قليلة، ويروي حسام أن العائلة تعرضت لهجوم من المستوطنين في العام 1993 تم خلاله تكسير نوافذ المنزل.

 

ويقول "الان بعد أن أصبحنا داخل الجدار، نتخوف من التعرض لهجوم من المستوطنين في أي لحظة"، وتختلف واجهات الجدار من الجهة المقابلة للمستوطنة عن الجهة المطلة على الفلسطينيين،  من جهة المستوطنة، ألوان القرميدي والبني والابيض، في حين بقيت الجهة الاخرى من الجدار على لون الأسمنت الطبيعى.

 

ويقيم أكثر من 600 الف إسرائيلى الى جانب قرابة ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والاستيطان غير قانوني في نظر القانون الدولي. وينظر جزء كبير من المجموعة الدولية اليه على أنه عائق في وجه السلام.

 

ويقوم حسام وشقيقاه حكم وحازم بزراعة الخضروات المتنوعة لتوفير نوع من الاكتفاء الذاتي، وامتلأت حديقتهم بخضار القرنبيط والشومر والفليفل والخس، ويلعب أطفالهم حول المنزل، لكن مساحة اللعب باتت اليوم ضيقة.

 

وتقول مريم (سبع سنوات) "الافضل أن يزيلوا الجدار، لأننا لم نعد نرى أحدا".

 

وكانت عائلة فلسطينية أخرى تسكن منزلا آخر قريبا من منزل عائلة جمعة بالقرب من المستوطنة، لكنها هجرت المنزل بعد وفاة الوالد والوالدة، وبات منزلها مهجورا.

 

ويعبر الشقيق الاصغر لحسام، حازم، عن مخاوف أخرى، مشيرا الى شارع تم شقه بمحاذاة الجدار، ومشككا في أنه سيكون لاستعمال الجيش الإسرائيلى

 

ويقول "هذا الشارع داخل الجدار هو الاسوأ، لأنه بالتأكيد لاستخدام الجيش. واذا تأكد ذلك، هذا يعني أننا سنصطدم بهم كلما عدنا الى البيت ليلا، ولا احد يدري ماذا سيجري حينها".

 

ويشهد الشارع الرئيسى الذي أقيم الجدار بمحاذاته مواجهات دورية بين شبان فلسطينيين والجيش الإسرائيلى. وكانت إسرائيل نصبت أربع نقاط عسكرية على طول الطريق تحسبا لهجمات من فلسطينيين.

 

ويقول حازم بأنه وأشقاءه لا يتركون أطفالهم يتوجهون الى المدارس او المحال التجارية دون مرافقة، كما في السابق، بسبب الخوف.

 

وتتبع الاراضى التى أقيم عليها الجدار الى قرية دورا القرع. ويقول نائب رئيس المجلس القروي جبر باجس لوكالة فرانس برس ان المجلس توجه إلى جهات قانونية من أجل الإعتراض على اقامة الجدار، موضحا ان الجدار عزل أيضا أكثر من 300 دونم من لأراض التي تعود لأهالى القرية.