بسنت حسين تكتب: الأغنية في مواجهة الإرهاب

ركن القراء

الكاتبة بسنت حسين
الكاتبة بسنت حسين


بداية لابد أن نعترف بفضل الفنون إلى جانب العلوم في بناء الحضارات، سواء القديمة أو الحديثة على حد سواء، فنجد فن النحت والرسم والغناء والعزف الموسيقي جليًا في حضارات بابلو المصرية القديمة والفينيقية وغيرها، كما الهندسة والطب والعمارة وغيرها من العلوم.



وعندما قامت الثورة الصناعية في أوروبا وتحديدًا في بريطانيا، كان تطور الموسيقى والغناء ينم عن تغيير مجتمعي وحضاري.



فلا تستقيم حضارة أو مجتمع بدون فن، نجد أن عظمة سيد درويش ليس في ألحانه فقط لكن في تطويعه لدور الأغنية لمقاومة الاحتلال، فظلت الأغنية تنادي باسم الزعيم سعد زغلول في الشوارع بعد نفيه.



ها هو دور الأغنية كفن قابل للتطويع و التكيف للنزوح في أي دور دور مجتمعي و انساني بسلاسة في حين أن أي فن اّخر يحتاج لثقافة لدى المتلقي، لكن الأغنية الواحدة تلغي كل الفوارق الطبقية والعمرية و الثقافية.


وعندما أراد الاحتلال أن يهدم المجتمع المصري في أوائل القرن العشرين، كان ذلك جليًا في تردي الذوق العام للأغنية وجعلها أغان خليعة  قاصرة على الكازينوهات، وبمقاومة الاحتلال كانت الأغنية الوطنية حيث أوجها في بدايات القرن العشرين.



وها هو الإرهاب يعي دور الفن والأغنية خاصة، فأول ما يقوم به هو تكميم أفواه نصف المجتمع بجعل صوت المرأة عورة، ثم يحرم الغناء فتصبح الحياة أكثر كاّبة وفي مجتمعات يسيطر عليها الفقر والجهل إلى جانب تحريم الفن فيسهل السيطرة على عقول فارغة.



تحريم الفن في مجتمعات ينتشر فيها البطالة والجهل، يجعل من الإنسان شخص كاره للحياة  فيدمر نفسه بالمخدرات أو بجعل نفسه أداة في يد المتطرفين.



فإن كان المدمن يدمر ذاته في المقام الأول وعائلته في المقام الثاني والمتطرف يدمر مجتمع بأكمله إلا أن كلاهما ضحايا القبح و تحريم الفن الذي هو بمثابة شعاعة الضوء الذي يصل للروح فتتنفس عن مشاكلها وأوجاعها.

لهذا يجيب على المجتمعات النامية الاهتمام بالفن كما تجربة السيمستا في فنزويلا والتي تم تعميمها في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة للحد من انتشار الجريمة، إلا أن تطبيقها تم على نطاق بسيط في مصر من خلال مشروع المايسترو سليم سحاب لكورال أطفال الشوارع عام 2012.



فهل يمكن أن نحقق تجربة فريدة لمواجهة الإرهاب والتطرف بالأغنية؟ هل سنجد عبقرية كسيد درويش في ذلك القرن من يجعل من الأغنية دور رائد لمواجهة الأرهاب؟.