"الدعارة في مصر .. من "الفراعنة" للترفيه عن جنود الاحتلال وحتي "عصر النهضة" !

الفجر الطبي

بوابة الفجر


"الدعارة " كلمه كلما طرقت الأذان تخلل إلي العقل مشاهد جنسية وضحكات رنانة، فمن منا لا يعرف مهنة الدعارة التي كان لها مكانه في مصر منذ الفراعة ومرور بفترة الإحتلال وحتي عصرنا هذا، فالدعارة ليست فقط مجرد مهنة وإنما هي نتيجة لما يعيشة المجتمع بشكل عام، فقد كانت بدائة تلك المهنة في القيود المفروضة علي المصريين من الضرائب الباهظة والتي كان يعجز الشعب عن دفعها ففكروا ببيع الجسد من اجل كسب المال، ولكن سرعان ما كان الحكام يلجأن لجمع الضرائب من العاملين في تلك المهنة بدلا من منع إنتشارها بالمجتمع، فنري علي مر العصور تطور للمهنة وتطور الحكومة وتفننها في جمع المال بأكثر من طريقة، عن طريق ترخيص لبيوت "الزواني"، وإنشاء هيئات للجنود المخصصين لحماية الغواني وممارسات الدعارة.

حتي أن هناك شوارع إشتهرت بتلك المهنة، وذلك بسبب الغريزة البشرية التي تدفع البشوات والفقراء لممارسة الجنس مقابل المال وإحتياج بعض النساء لهذا المال.

نجد أن "الدعارة" إنتشرت بشكل مقنن لكسب الرزق فى القرن السادس، بسبب الفقر الشديد وكثرة الضرائب المفروضة على المواطنين وقتها، حتى اكتشفت السلطات أهمية هذه المهنة وتقنينها لفرض الضرائب عليها لزيادة خزينة الدولة بالأموال، ومع قدوم المحتلين والمستعمرين إلى مصر زاد العمل بالمهنة لأن العادات والتقاليد الغربية متماشية معها وهى "الدعارة".

ومع طول فترة الاحتلال على مصر تطور شكل الدعارة وأصبح يأخذ شكل رسمى ومحدد وهناك بعض النساء من الدول المجاورة هاجرت إلى مصر للعمل بهذه المهنة لأنها ذات مكسب مضمون، وتم الزام جميع العاملين فى هذا المجال بكتابة أسمائهم فى دفاتر خاصة مع بعض البيانات الأخرى مثل السن، العنوان، الحالة الاجتماعية واسم "بيت الدعارة" الذى يعمل فيه وعنوانه، وحصول النساء على شهادات طبية معتمدة تؤكد خلوهن من الأمراض المنقولة جنسيا والأمراض الجلدية المعدية.

ولذلك نسرد تاريخ الدعارة في مصر منذ عهد الفراعنة وحتي عصرنا الحالي:

البغاء في عصر الفراعنة (الإله بس إله المسخرة):
البغاء بمنتهى البساطة هو احتراف ممارسة الجنس مقابل أجر مادي، ففي العصر الفرعوني كان الاهتمام بفحولة الرجل وقدرته الجنسية والمفاخرة به امر ضروري، حتى ان نزعتهم الجنسية كانت تظهر بشكل مبالغ فيه في أعمالهم الفنية خاصة بالأعمال الخاصة بحفلات النبلاء، اللي كانوا بيبالغوا فيها في الافتخار بفحولة الرجل ورسمهم لأوضاع جنسية مختلفة، كما انه تم العثور في منطقة سقارة على غرفة داخل المعبد كانت مخصصة لممارسة الجنس مقابل أجر مادي وكان اسمها غرفة الاله بس وهو إله الخصوبة عند المصريين القدماء.

العصر العثماني وتقسيم مناطق الدعارة:
الموضوع اختلف في العصر ده لأن تم تخصيص عسكر من الشرطة مخصوص لحماية الخواطي من الزباين اللي مش بتدفع أو من المتشددين دينيا وملاحقة اللي بيتأخروا منهم عن دفع الضريبة، وبيوت الدعارة في الوقت ده كان اسمها الكراخانة ومكانتش بتقدم فتيات ليل أو جنس بس، كان بيبقى فيها خمر ومخدرات لتسلية المترددين عليه، وده غير ان تم تقسيم المناطق الخاصة بيهم إلى عرصات وكل منطقة فيهم ليها عسكري أو جندي اسمه شيخ العرصة وده مسئول عن حماية بيوت البغاية في العرصة الخاصة بيه.


عصر الإحتلال و(العايقة والمقطورة):
أثناء الحملة الفرنسية أصدرت السلطات الفرنسية قرار بتخصيص بيوت محددة كمنازل للبغاء للترفيه عن عساكر الجيش، بالإضافة إلي انه في عصر محمد علي باشا اكتشف ان البيوت دي بتأثر سلبيا على جنوده المصريين وبتسببلهم أمراض كتير فا اصدر قرار بنقل كل بيوت البغايا للصعيد في اسنا وأسوان، لحد ما رجعوا تاني في فترة حكم والي مصر عباس الأول في منتصف القرن التاسع عشر اللي اصدر قرار رجوع البيوت دي للقاهرة والاسكندرية وبقى اسمها الماخور، الموضوع بقى أكثر احترافية في ذلك الوقت ومارست الدعارة ايضا بنات يونانيات وإطاليات.
كما تم إطلاق اسم "العايقة" علي مديرة الماخور، والبنات الممارسات للزنا كان يطلق عليهن "المقطورة"، وفي سنة 1855 تم اصدار لائحة لتنظيم العمل بالبغاء وكان اسمها لائحة مكتب التفتيش على النسوة العاهرات عشان تنظم الضرايب اللي بتتحصل منهم واجبارهم على تجديد رخصهم مرتين سنويا.

الاحتلال الانجليزي:
في سنة 1885 وبعد الاحتلال الانجليزي صدرت لائحة جديدة من مكتب التفتيش على النسوة العاهرات بتلزمهم بإجراء كشف دوري عليهم كل 3 شهور في مستشفى الأمراض الجلدية والتناسلية مع استثناء العايقات اللي عندهم أكتر من 50 سنة، وده حفاظا على صحة الجنود الانجليز وحمايتهم من الأمراض، وكان مندوبين الهيئة الطبية البريطانية بيقعدوا قدام المواخير عشان يوزعوا على الجنود اللي داخلين واقيات ذكرية وكراسة تعليمات، كما انهم ملزمين بحماية الجنود خلال وجودهم داخل بيوت الدعارة.

ثورة 1919 ودور بيوت الدعارة:
في خلال أحداث ثورة 1919 رفضت بيوت الدعارة استقبال جنود الاحتلال الانجليزي وكان البلطجية والقوادين اللي بيحموا البيوت دي بيمنعوهم من دخول بيوت الدعارة وذلك لمشاركتهم في الجبهة الوطنية كما كانوا يزعمون، مما دفع سلطات الاحتلال لإستيراد بنات من روسيا وأوربا الشرقية للترفيه عن جنود الجيش البريطاني.

التلاتينات والأربعينات (قانون تجريم الدعارة بكل أشكالها):
في تلك الفترة بدأت النزعة الدينية تزيد بشكل ملحوظ وبدأت الجماعات الدينية والاسلامية ليها دور في المجتمع مما وقف حائل بين الدعارة المقننة والقانون، فطالبت تلك الجماعات بالحد من قانونية الدعارة في مصر وبالفعل تم الحد منها عام 1949 بصدور مشروع قانون الحد من الدعارة في مصر وتم اقراره في البرلمان المصري سنة 1951 كقانون رسمي ونهائي بمنع الدعارة في مصر واعتبارها جريمة بكل صورها وده القانون اللي ماشيين عليه في مصر لحد النهاردة عشان تبدأ مرحلة جديدة من الدعارة المستخبية الغير مقننة اللي موجودة إلى وقتنا هذا