الأسر الكبيرة هى من بنت الأهرامات مقابل الإعفاء الضريبى

العدد الأسبوعي

الأهرامات
الأهرامات


كتاب لـ«زاهى حواس» استغرق 40 عاما من البحث

«الهرم بناه بنو إسرائيل.. وبناة الحضارة الفرعونية هم سكان قارة أطلنطس المفقودة، والأدلة على ذلك موجودة فى وثائق مدفونة أسفل قدم أبو الهول، بجوار لوحة الحلم.. بناء الهرم تم بالسخرة»..

ردد الكثيرون هذه الأكاذيب والخرافات عبر سنوات طويلة، فى محاولة لتشويه التاريخ الفرعونى العظيم، لكن عالم الآثار الكبير الدكتور زاهى حواس، تمكن من الرد بالأدلة والبراهين، فى كتابه الجديد «الجيزة».

ظل «حواس» وصديقه الباحث الأمريكى مارك لينر، يجمعون أدلة وبيانات ما ورد بالكتاب طيلة 40 عاما، درسوا خلالها جميع الاكتشافات والأبحاث والأقوال التى وردت عن الأهرامات، سواء من خلال الرحالة أو المؤرخين والعلماء، وجرى توثيق الكتاب على مدى 20 عاماً، للرد على جميع الخرافات، خاصة التى رددها العرب بعد دخولهم مصر، ورددها الأمريكان والأوروبيون.

■ «خوفو» حكم مصر 46 عامًا وليس 23.. ومقابر العمال ليس بينها يهودى

■ 32 حفرة أسفل أبو الهول تؤكد أنه صخرة صماء

الكتاب جاء فى 500 صفحة، يضمها 20 جزءاً، تحدث «حواس» فى بدايته عن  مقابر العمال بناة الأهرامات، بمنطقة هضبة الأهرام، وكيف تبين من خلال دراستها طريقة عيشهم وماذا كانوا يأكلون ويشربون، وكان هذا كشفاً مهماً جداً فى الرد على ما أثير كذباً حول بناة الأهرامات.

وأوضح الكتاب أنه من خلال دراسة أسماء العمال المنقوشة على جدران مقابرهم، تبين أنهم جميعا يملكون أسماء مصرية، ولا وجود بينهم لاسم عبرانى أو يهودى، كما أن العثور على تلك المقابر بجوار الأهرامات، دليل على أنهم لم يبنوا الهرم بالسخرة، وإلا كان قد تم دفنهم بعيدا عن قبور الملوك، وبجوار الأهرامات، كما تم التوصل إلى منطقة المخابز التى كان يخبز فيها العمال «العيش»، ومنطقة تجفيف السمك قبل أكله.

وكشف الكتاب أن بناة الأهرامات، عائلات مصر الكبيرة التى كانت تقطن الوجه البحرى، وكانت هى من ترسل العمال، وتبعث 11 عجلا و15 خروفا يوميا إلى المنطقة لإطعام العمال، وهو ما يؤكد المعاملة الراقية للعمال، فلم يكونوا يأكلون البصل والثوم، ويشربون البيرة، كما أشيع كذبا،ً كما تبين أن تكفل العائلات الكبيرة بتكاليف بناء الأهرامات كان مقابل إعفائهم من الضرائب فى عهد الملك خوفو، وبالتالى فإن الثلاثة ملايين مصرى الذين عاشوا فى عهده، شاركوا جميعاً فى بناء الأهرامات.

تحدث الكتاب عن كشف اعتبره أهم كشف فى القرن الـ21، عبارة عن بردية ضخمة عثر عليها بوادى الجرف، بجوار السويس، كتبت باللغة الهيراطيقية، وتتحدث عن رئيس عمال يدعى ميرر، الذى يحكى أنه ذهب بصحبة 40 عاملا إلى منطقة طرة للإشراف على جلب الأحجار المستخدمة فى كساء الأهرامات، وتحدث عن طريقة نقل تلك الأحجار على مراكب عبر نهر النيل، وأن المصرى القديم كان قد حفر نهراً آخر موازياً من الناحية الغربية من النيل، متصلاً بقنوات وموانئ أمام الأهرامات مباشرة، لتصل الأحجار إلى الموانئ أمام الأهرامات مباشرة، كما كان يجلب الجرانيت من أسوان، والبازلت من الفيوم، والألباستر من مصر الوسطى.

تحدث ميرر أيضاً فى البردية عن بناء باسم الملك خوفو، بوادى الجرف، وكان يجلب منه النحاس، كما ذكر أن رئيس العمال الأعلى فى وادى الجرف كان يدعى «عنخ- خا»، وكان رئيس منطقة اسمها «را- شى»، وتعنى «فم البحيرة»، وتؤكد البردية أن عنخ- خا، كان مسئولاً عن كل شىء يدخل ويخرج من منطقة الهرم يومياً، من حجارة وبازلت وغيرها، وكيف كان يتم إعداد تلك الحجارة، وأشار الكتاب إلى أن مدخل منطقة الهرم يشبه إلى حد كبير ميناء الإسكندرية الآن، ملمحا إلى أن مكان «را- شى» هو «نزلة السيسى» الموجودة حالياً.

يقول ميرر أيضاً، أنه استغرق يوماً كاملاً كى يصعد من «را- شى» إلى منطقة البناء، ووأوضح أن رئيسه المباشر كان يدعى «ديدى»، وأن المنطقة التى تقع أمام أبو الهول، أسفل نزلة السمان تدعى «عنخ خوفو»، أى «حياة خوفو»، وأنهم كانوا يعملون فى العام 27 من حكم الملك خوفو.

يؤكد ذلك أن جميع الأدلة تشير إلى أن الملك خوفو حكم 46 عاما، وليس 23 فقط، كما أشارت بردية تورين.

أكدت البردية أيضا أن الملك لم يكن يحكم من العاصمة منف، ولكن كان له قصر بهضبة الهرم، ليعيش بجوار المشروع القومى للمصريين، ولم يكن يأتى من منف محمولاً على المحفة مستغرقا يوماً كاملاً كما أشيع، وذكرت البردية أن «خوفو» حكم مصر من الهرم من قلب القاهرة منذ 4500 عام.

فى الجزء الخاص ببناء الأهرامات، يعتقد «حواس» كما ورد فى الكتاب، أن 10 آلاف عامل شاركوا فى بناء هرم خوفو، وكان يتم عمل القاعدة المربعة أولاً، ثم يحفر فى الصخر لعمل قاعدة أخرى ترتفع 8 أمتار، وتمكن الكاتب من تحديد الأدلة التى تشير إلى الطريق الصاعد الذى كان تنقل إليه أحجار الهرم من هضبة الهرم نفسها، وأثبت أن الأحجار التى بنى بها الهرم كانت من هضبة الأهرام بالجيزة، بينما أحجار الكساء من طرة.

داخل الكتاب، تحديد للطريق الصاعد الذى كانت تنقل عليه الأحجار، فكان يتصل من الناحية الغربية الجنوبية بطريق ثالث، كما تبين أن المصرى القديم كان يشيد طرق صاعدة كثيرة حول الهرم، وكان يضع داخله أحجارا كبيرة وصغيرة، ولذلك امتلأ الهرم بالعديد من الفجوات.

تحدث الكتاب أيضا عن كشف مهم، فى أبو صير، وهو عبارة عن مناظر لأحجار عثر عليها بجوار هرم الملك أوسر كاف، المنظر الأول عبارة عن عمال يجرون للهريم «الجزء أعلى الهرم»، وهناك كتابات هيلوغرافية، تشير إلى أن «الهريم» كان يطلى بالذهب الأبيض والأصفر، كما صورت الأحجار مجموعات من السيدات تدعى «خنر» كانوا راقصات فى القصر الملكى، ما يشير إلى أن الهرم كان مشروعاً قومياً اشترك فيه جميع فئات المصريين، وتكشف الأحجار أيضا أن الملك ورئيس عماله، والموظفين، وجميع أطياف الشعب كانوا يحتشدون لحظة وضع «الهريم» أعلى الهرم، وهى اللحظة التى تعنى إعلاناً رسمياً بانتهاء بناء الهرم، ويستقبلها الجميع بالرقص والغناء ابتهاجاً بأن الملك أصبح إلهاً.

كما أشار الكتاب لنظرية جديدة لأول مرة، فالكل يعتقد أن اخناتون أول ملك موحد للألهة، ولأن المصرى القديم كان يكره من يغير عقيدته، دمر معظم آثاره وجميع تماثيله، لكن الحقيقة أن إخناتون لم يكن أول من وحد العبادات، وسبقه فى ذلك الملك خوفو، الذى يعد أول من خرق القواعد، فكان «حورس» فى حياته على الأرض، وبعد وفاته يتحول إلى «رع»، كما تبين أنه فى العام الخامس من حكم الملك خوفو، قام بتغيير التقاليد الدينية، معلنا نفسه إلها، كما غير تصميم  المجموعة الهرمية، فكان اسم هرم خوفو «اخت خوفو»، أى أفق خوفو، وجميع ملوك الأسرة القديمة دفنوا أسفل الهرم، ما عدا «خوفو» ووالده «سنفرو» فقد دفنا داخل الهرم نفسه لأنه «رع».

وأوضح الكتاب أن الملك خفرع، نحت تمثال أبو الهول، أمام معبد رع، ليمثل نفسه كحورس وهو يتعبد لأبيه رع فى المعبد الواقع أمام التمثال، ويعد هذا المعبد أول معبد شمسى فى مصر يحتوى على أدوات خاصة لطقوس شروق الشمس، وأخرى لغروبها، كما يضم 24 عمودا تمثل ساعات الليل والنهار.

رد الكتاب على من يقولون بأن رأس تمثال أبو الهول، أصغر من جسده، مفسرا ذلك بأن هضبة الجيزة جزء من هضبة المقطم، ومكونة من ثلاث طبقات مختلفة الصلابة، والطبقة التى نحتت منها الرأس كانت أكثر قوة وصلابة، وعند نحت الجسد لم يتمكن المصرى القديم من إتقان التشريح على الطبقات الضعيفة، فقام بكساء الجسد بالحجارة، وأعاد نحت تشريح الجسد من جديد، ولذلك زاد حجم الجسد عن حجم الرأس.

ونفى الكتاب ما تردد حول وجود أسرار أسفل قدم أبو الهول، وأوراق تكشف عن قارة أطلنطس المفقودة، مبررا ذلك بأنه عند ظهور المياه الجوفية أسفل أبو الهول، تم عمل حفر بمعرفة مركز الآثار بجامعة القاهرة، و32 حفرة أسفل أبو الهول، وظهر للعالم أجمع أن أسفله مجرد صخرة صماء، ليس بها أى شىء على الإطلاق.

ورد الكتاب على من يدعون أن هناك تمثالا ثانيا لأبو الهول، وأن صاعقة قديمة دمرته، وتساءل: لماذا لم تدمر الصاعقة التمثالين معا؟

وفيما يخص الادعاءات بوجود بحيرة أسفل الهرم، استنادا إلى ما قاله المؤرخ هيرودوت بشأن وجود بئر أسفل هرم خفرع، كشف الكتاب عن أنه من خلال الحفائر التى أجراها العلماء فى هذا البئر، تبين أن الأمر لا يعدو مجرد كونه بئرا خاصة بالإله أوزوريس، وليس بحيرة كما يشاع.

من بين الشخصيات التى اهتم بها الكتاب شخصية «بير نى عان خوف»، وهو قزم له مقبرة بهضبة الأهرام، كتب على جدرانها أنه كان يسلى الملك، وكان متزوجا من امرأتين، الأولى هى الزوجة الرئيسية، والثانية تدعى» بيتريت»، ويرى بعض علماء الآثار أن لقب «بيتريت»، يعنى صاحبة أو خليلة.

تحدث الكتاب أيضاً عن أن عملية الدفن لم تكن تتم داخل المعابد، مشيرا إلى أن التحنيط كان يتم داخل ورش، موضحا أن الشكل الهرمى مشتق من مقابر البسطاء الذين بنو الهرم، أولاً على شكل هرم من الطوب اللبن، قبل أن يبنيها الملوك من الحجارة الضخمة.

وأوضح الكتاب أن الهرم هو من بنى مصر، فهو الذى شجع المصرى القديم ليبرع فى الفن، والعلوم، والعمارة، والفلك، وكل شىء، فالهرم هو من بنى الحضارة، وكان السبب فى الكشف عن كثير من العلوم.